23 ديسمبر، 2024 9:34 م

نظرية “الاستقواء بالخارج”

نظرية “الاستقواء بالخارج”

للاسف لم تعد قضية الاستقواء بالخارج سرا من الاسرار الخطيرة او حتى بالنسبة لكثيرين “رجس من عمل الشيطان”. بل بات الامر وكانه واقع حال ولزوم مايلزم. احد اعضاء البرلمان وفي اتصال هاتفي قال لي بصراحة انه بات معروفا  للقاصي والداني ان القائمة العراقية او لنقل السنة في العراق باتوا محسوبين على تركيا, بينما التحالف الوطني او الشيعة في العراق فمحسوبون على ايران. اؤلئك يتحكم بتوجهاتم احمد داود اوغلو وهؤلاء يتحكم بتوجهاتهم قاسم سليماني. داود ياتي الى العراق زائرا عبر اقليم كردستان ويتوجه الى “اقاربه” في كركوك مثلما قال رئيسه رجب طيب اردوغان وتثير زيارته ترحيبا سنيا واعتراضا شيعيا بينما يقف في منتصف المسافة بين الترحيب والقبول والـ “نص النص” الاكراد والتركمان. اما قاسم سليماني  فلانعرف  ان كان ياتي او يؤتى اليه وان كان له في العراق اقارب هو الاخر ام لا. ولانعرف ايضا ان كان ياتي بفيزا او ان الفيزا هي التي تاتي اليه. ولكن الثابت ان اسمه يستفز نواب القائمة العراقية. وفي المقابل فان اسم اوغلو   يستفز  نواب التحالف الوطني .. وعلى الهرنة طحين وزارة التجارة ناعم. وكلا  الطرفين الشيعي والسني يرون ان “السالفة” تتعلق بسيادة العراق الذي ينتهكها اوغلو بحسب نظرية طرف بينما ينتهكها سليماني حسب نظرية الطرف الاخر . و”مخلص الحكي” ان كلا الطرفين يدعي الحرص على “سيادة العراق”. ولكن القصة  كلها ملتبسة بل قل “مشربكة”. والسبب في التباسها او “شربكتها” فلاننا كـ “عراقيين” نتصرف الان طبقا لاليات واجراءات وسياقات ما قبل الدولة بسبب افتقارنا الى “الهوية الوطنية” التي تذيب او تقصي او “تطيح حظ” الهويات الفرعية لصالح هوية واحدة كتلك التي يعتز بها في تركيا احمد داود اوغلو وقاسم سليماني في ايران وهي المواطنة الموحدة للدولة. والمفارقة ان الايرانيين والاتراك يتشابهون معنا على صعيد التعددية العرقية والمذهبية ان لم يكونوا “انكس”منا على هذا الصعيد . وانهم ـ وهذه مسالة في غاية الاهمية ـ ليسوا نموذجا يحتذى حتى نجعلهم “حلالي”  مشاكلنا و”مداوي” جراحاتنا  بل والاهم من هذا وذاك مؤسسي قوائمنا وائتلافاتنا. فالايرانيون يضطهدون الاقوام والاديان والمذاهب غير الفارسية  جهارا نهارا و”عينك عينك”. والاتراك يفعلون الشئ نفسه وايضا جهارا نهارا و”عينك عينك”.  ولو فلتت الامور يوما ما في ايران او تركيا فقد يحتاجون  الف سليماني ومثله الف اوغلوي خارجي عندنا او عند غيرنا. غير ان هؤلاء القوم اعتصموا بهوية واحدة وتعصبوا لقومية واحدة  وبنوا دولة ..  احداهما “سايباتها” تملأ شوارعنا والاخرى البانها واجبانها ولحومها وشحومها تملأ موائدنا. ربما قائل يقول وماهو الحل برايك ابو النظريات؟ بصراحة لا املك حلا لاسحريا ولا “مو سحريا” لان حتى السحر والشعوذة لم تعد ذات فائدة في مصيبتنا. فنحن وبكل بساطة ينطبق علينا قول الخالق سبحانه وتعالي “ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم”. لكن اقل ما يمكن قوله اننا بحاجة الى بناء هوية عراقية تتقدم على الهويات الفرعية .. تلك الفرعيات التي ينفذ منها سليماني واغلو  ومن .. لف لفهما!!
[email protected]