7 أبريل، 2024 2:53 م
Search
Close this search box.

نظرة واقعية لبيان كامب ديفيد

Facebook
Twitter
LinkedIn

ان القراءة المعمقة لكل التفاصيل التي وردت في البيان الختامي لقمة كامب ديفيد ، وما بين السطور، واخذها في اطارها الاقليمي على ارض الواقع الساخن لمنطقة الشرق الاوسط ، تقول بأن الاوضاع ما زالت على حالها، وما حدث هو مجرد اعادة ترتيب لما هو قائم على الارض فعلا، مع بعض المكياج السياسي والالفاظ المنمقة. فالذين شاركوا في القمة من امراء وشيوخ كان كل همهم هو الحصول على ضمانات دفاعية امريكية قبل توقيع الاتفاق النووي مع ايران، وقد حصلوا عليها من خلال شراكة استراتيجية جديدة ، وصفقات من الاسلحة الحديثة المتطورة لتعزيز دفاعاتهم في مواجهة اي خطر ايراني، وتلقوا وعودا بالتجاوب السريع معها، ولكن دون تحديد واضح حول نوعية تلك الاسلحة ومواعيد تسليمها . فالشراكة الاستراتيجية الجديدة تتمثل كما جاء في البيان، في اقامة درع صاروخي مرتبط بجهاز انذار مبكر في منطقة الخليج ، مما يعني ان الوضعية الدفاعية لدول الخليج ستكون مشابهة لنظيراتها في دول اوروبا الشرقية، مثل رومانيا وبولندا، اي ربطها بالكامل بالمظلة الامريكية، مع فارق اساسي وهو ان دول اوروبا الشرقية تتمتع بعضوية حلف الناتو مما يترتب على ذلك وجود حماية لها من قبل باقي الدول الاعضاء في الحلف ، بينما لا توجد هذه الميزة لدول الخليج. ان أكثر ما يلفت النظر في هذه الشراكة الاستراتيجية هو ان اسرائيل واللوبيات اليهودية المرتبطة بها صاحبة النفوذ الكبير في الكونغرس والبيت الابيض، لم تعلق مطلقا على هذه الشراكة الاستراتيجية كعادتها دائما في كل مرة تتقدم فيها دولة شرق اوسطية الى واشنطن لشراء اسلحة ومعدات عسكرية امريكية متطورة، وربما يعود ذلك الى اطمئنانها هي الاخرى بأن هذه الشراكة تستهدف ايران بالدرجة الاولى، ولا بد انها حصلت على ضمانات وتطمينات امريكية تبدد اي مخاوف تجاهها، وهذا ما يفسر ربما تجاهل القضية الفلسطينية، والمرور عليها مرور الكرام في البيان الختامي، بحديث عام عن مشروع حل الدولتين. كما تحدث البيان عن توجه لجان من الخبراء الى منطقة الخليج لبحث الاحتياجات والمطالب الدفاعية، وهذا يعني عمليا تجهيز دفاتر الشيكات منقيل الملوك والأمراء والشيوخ لتوقيع عقود اسلحة بمليارات الدولارات على مدى السنوات القليلة المقبلة.
ان الشيء المضحك في الامر هو ان الادارة الامريكية طالما تحدثت عن معارضتها و مخاوفها من حدوث سباق تسلح في منطقة الشرق الاوسط بهدف اعطاء تبرير وشرعية لمعارضتها للبرنامج النووي الايراني، ولكن يبدو انها مصرة على ممارسة العهر السياسي فهي تقول ما لا تفعل كعادة المومس دائما، فقد تبين لنا انها بهذه الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج قد اطلقت سباق تسلح وبصورة اكبر قوة واتساعا، بينما كان من المفروض ان يحدث العكس تماما تماشيا مع أكذوبتها المستمرة بالدعوة الى شرق اوسط منزوع السلاح. لقد حصلت الادارة الاميركية ومن يقف خلفها من شركات السلاح على كل ما تريد من هذه القمة، فبيع الأسلحة الأمريكية الكاسدة وإنعاش شركات الصناعة العسكرية أمر في غاية الاهمية خصوصا مع عدم خسارة ايران الحليف الاقليمي الجديد في المنطقة، والذي بات يمثل الفزاعة التي تهدد بها اميركا دول المنطقة للوصول الى اهدافها المتمثلة باضعاف دول المنطقة وتشتيتها وهدر ثرواتها وتنظيف جيوبها. فكلنا يترقب اتفاق سلام وشيك من قبل الادارة الامريكية مع ايران حول برنامجها النووي، لكننا نرى ان الادارة الامريكية اليوم توقع اتفاقا استراتيجيا يحول منطقة الخليج الى ساحة حرب محتملة ومستودع ضخم للاسلحة ينتظر عود الثقاب لكي ينفجر خرابا ًو دماراً.فإن كان هناك من يعتقد ان هذه الوضعية تبعث على الإطمئنان فهو واهم ، فالمنطقة تنتظر المزيد من المفاجئات لأن ما جرى في كامب ديفيد يدعو للقلق على مستقبل المنطقة بصورة أكبر من أي وقت مضى.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب