شعب عاش حلم الإنتصار، وهو يعلم أن العالم يصبح أفضل، عندما يعمل بكامل قوته، فمنذ اليوم الأول لقدوم الديمقراطية، والعراق في شرنقة التغيير، لا يستطع الخروج منها، رغم مرور فترة ليست بقليلة لإعلان لحظة الولادة، ليصبح مثالاً يقتدى به، ويترك إنطباعاً جيداً حول التجربة الجديدة، وتكون هناك منجزات كبيرة، من المفترض أنها تعطي دفعات معنوية، في زمن التحدي.المغفلون بعالم السياسة وما أكثرهم، كانوا يعانون وباءً خبيثاً، وعقماً فكرياً حول المساومة، على حرية وهوية العراق، بيد أنهم يعيشون خريف المناصب، عاجلاً أم آجلاً، حينها ستعلن الولادة الحقيقية للديمقراطية!القلوب في العراق جميعها موجوعة، وهي تكره الحرب، لأنها ملت مشاهد الدماء، والدموع، والنزاعات، والهموم، وتجدها تبحث بين بقايا الزمن عن الأمان، الذي سرقوه منا دون رحمة، وهو يدخل ضمن عملية الفساد الكبرى، في بلد تكالبت عليه الغيلان من الساسة، والفاسقين، والقتلة، سيما وهذه الطبقة التافهة من عشاق المناصب، تفرض حالة الصمت بذرائع تافهة، وكأنها شرطي مرور لا ينتبه إليه أحد، إلا عندما تسوء الأمور في الشارع.الساسة في بلدي كالمثل القائل: (غراب يقول لغراب وجهك اسود!)، من يكشف ويحاسب من؟! إذا كان رأس السمكة قد أخذ منه العفن ما أخذ، والسارق يتظاهر مع الناس من أجل محاسبة الفاسدين، والمرتشي يصرح أنه سيكشف جميع السراق، ومن ثم يسكت برهة، ويقول: جميع الساسة سراق ومرتشون، فلنقرأ على البلد السلام، عجيب أمرك يا عراق! الشارع اليوم يغلي، وأبناء العراق في صراع مستمر بين الخير والشر، والمطالب مشروعة وبسيطة في نفس الوقت، والسراق لا يستطيعون أن يقدموا ما هو مطلوب منهم، بسبب غرقهم بمستنقع الفساد؛ وهم جزء كبير من المشكلة، التي لا يمكن حلها إلا بزوالهم، فذلك أمر يعني تفهم السياسيين، بألا يرفعوا أصواتهم، بل يرفعوا من مستوى تفكيرهم، فالعراق أسمى من مناصبهم الفارغة، التي لم تدر علينا سوى الخراب والألم، بصراعاتهم ونزاعاتهم السياسية، التي لن تنتهي إلا بإنتهائهم.الصراع السياسي قائم على قدم وساق، والأعجب منه سكوت رؤساء الكتل والأحزاب، على حقبة دموية مرت دون حساب! فلم تعد القضايا ساخنة، والخفايا معلنة، وسيادة العراق التي أصبحت كقضية رأي عام، فسنوات الفشل جلبت لنا تغطية خاصة، وخطوطاً حمراء حول كل شيء. ختاماً: ما عاد هناك من أمرين، إلا وثالثهما الفساد! لأن الطبقة السياسية الحاكمة والمتنفذة، لم تستطع قراءة تأريخ جيداً، أو حتى جغرافيته، والأدهى من هذا أنهم لا يعرفون شيئاً عن الوطنية، فهم يستهلكون كل شيء بلا فائدة منه، فإزالتهم واجب شرعي ووطني على كل مواطن شريف.