8 أبريل، 2024 11:54 م
Search
Close this search box.

نظرة في واقع المنظومة العسكرية و الامنية العراقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

لقد كان ومازال لأحداث سقوط الموصل10 في حزيران 2014 وقبلها التدهور العسكري والامني الذي شهدته محافظة الانبار بداية عام 2013 وقعها المؤلم على قلب كل مواطن عراقي بسبب تداعياتها الخطيرة التي تتطلب وقفه جادة لتحديد وتحييد أسباب هذا االقصور الكبير في الاداء العسكري والامني للمنظومة الامنية العراقية التي واجهت جملة من المعاضل والمعوقات وقفت حائلا امام تطورها وتكامل جهوزيتها بالشكل الذي يجعلها قادرة على النهوض بواجباتها في ضبط الامن ودحر الارهاب و حماية الحدود و الاراضي الوطنية من العدوان الخارجي بالرغم من التسليح و الدعم المالي الذي لم يمنع وقوع هذه الكارثة.
ومن الجهل او الخطاء عندما يقصد بالمنظومة الامنية العراقية و يتم الخلط فيها بين الاجهزة الاستخبارية والامنية و العسكرية دون الاشارة الى الفارق الكبير بين العلم والعمل العسكري و العلم و العمل الاستخباري من جهة وبين العلم والعمل الامني الداخلي من جهة اخرى من حيث التنظيم و التدريب والتجهيز والتسليح والميدان او المكان و نوع الواجب وطرق ممارسته,أن هذه النظرة السطحية السائدة كانت النتيجة والسبب في آن واحد للعسكرة والفوضى الامنية التي تسببها الهاجس الأمني للحكومة بعد أن أصبح الهاجس الاوحد لها طياة السنوات الماضية , ومن خلال البحث المهني لهذه القضية يتضح وجود معاضل رئيسية تقف حائلا امام تكامل وجهوزية هذه المنظومة,
أ ـ سيادة الفكر العسكري على الفكر الامني في التعاطي مع قضايا الامن, وهذا ما تجلى واضحا بعد تشكيل قيادة فرض القانون في بغداد نهاية العام 2006 حيث تم ازالة المظاهر المسلحة بوقت قياسي وتم فتح المناطق كافه وتامين حركة المواطنين وبعث الامن والطمأنينة في نفوسهم الا انها لم تستطع القضاء على التفجيرات وغيرها من الاعمال الارهابية., وكان من المؤمل أن يعمد اصحاب القرار الامني الى اتمام عملية الهيكلة و اعادة البناء المطلوبة للأجهزة الامنية السرية وتحديد الواجبات والتقيد بها فنيا وتنفيذ ما يسمى بالملء الامني لبغداد وباقي مناطق العراق (نشر المصادر السرية) بواسطة استثمار افراد الصحوات و غيرهم بصورة صحيحة عن طريق تأهيل اكبر عدد منهم للعمل في الخدمة السرية بدلا من صرف الرواتب او تعيين بعضهم, و قد يتصور البعض انها دعوة متأثرة بالواقع القديم أو فيها اغفال لدور التكنلوجيا الحديثة في تعقب الارهابيين, وفي الحقيقة لاهذا ولا ذاك وانما بسبب تكيف العناصر الارهابية بمرور الزمن مع المستجدات والسعي لتجنبها. ولنا على ذلك مثال أفتقار الاجهزة الامنية للمصادر البشرية المحلية ساعد ارهابيي داعش على التحشد في الصحراء والتمكن من احتلال الموصل وغيرها أو كما حدث في استهداف اغلب قادة القاعدة في افغانستان وفي عملية قتل بن لاذن حيث تم تعقبه منذ البداية من قبل المصادر البشرية حتى قتله. المقصود هو العمل وفق مبدأ لا يقهر الجماعات الارهابية إلا الاجهزة الامنية السرية, فضلا عن استخدام كل ماهو جديد من تقنيات التعقب الحديثة .
ب ـ للاسف الشديد كثيرا ما يتعامل مع الاعمال الارهابية بسطحية متعمدة وتبسيط مهين للامور على حساب المهنية وشرف المسؤلية فمثلا عندما يقلل من شأن وأهمية تفجير معين يعلن عنه لم يؤدي الى خسائر سوى شهيد او شهيدين ؟؟ أو القول ان السيارة المفخخة
خرجت من المنطقة القريبة المجاورة ؟؟ مقابل حيرة المواطن عن كيفية دخول المواد المتفجرة واماكن تصنيعها واماكن تخزينها وطرق تداولها؟؟ باعتبار عملية التفجير الواحدة تحتاج الى اشخاص لإتمامها من حيث النقل والتخزين واخرين لأختيار المكان المستهدف والتنفيذ فضلا عن العناصر المعقبة ؟ الغاية من هذه الملاحظة القول ان واجب الاجهزة الاستخبارية متابعة مثلا (السيفور) الذي يصنع و يؤتى به من خارج العراق إيتدأ من منطقة التصنيع او التجهيز الى منطقة دخوله الحدود ؟؟
ج ـ غياب او ضعف القيادة والسيطرة المركزية على المستوى الوطني في الاستثمار الافضل للموارد المتاحة في ادارة المعركة ضد الارهاب كما تبين اثناء سقوط الموصل وبعض المناطق الاخرى وما تلاها من احداث مثل قضية سبايكر والفوج المحاصر في الصقلاوية , ومن زاوية اخرى نذكر مثال اخر بعد حصول عملية تهريب العناصر الارهابية من سجن ابو غريب عام 2013تدافعت الجهات المعنية بنفي مسؤوليتها عن حماية السجن واتهام غيرها في وسائل الاعلام المختلفة و لأيام عدة في حين اكدت اخرى انها حذرت من الهجوم وابلغت كافة الجهات المعنية بالمعلومات عنه .
د ـ التداخل في اختصاصات الاجهزة الامنية المختلفة حيث يعمل على توفير الامن و مكافحة الارهاب تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية و مستشارية ووزارة دولة وجهاز للامن الوطني وجهاز مكافحة الارهاب وجهاز المخابرات وهذا ألامر بحد ذاته عامل تشتيت للقوة ومحبط في الوقت نفسه لأربعة أسباب الاول متطلبات تكثيف الجهد الاستخباري تتطلب التداول المركزي للمعلومات وتحديد تداولها لضمان السرية و الدقة والسرعة ورد الفعل المناسب اما السبب الثاني ان الوضع الحالي يجعل من الجهد الاستخباري كاللب من النخلة الكبيرة على سبيل المثال يوجد في وزارة الدفاع أكثر من جهاز استخباري وكذا عدد جهاز امني في وزارة الداخلية باعتبار لكل جهة او جهاز اجنحة فنية و ادارية وخدمية وصحية ساندة لا داعي لتكرارها بهذا العدد كون هذا الامر استنزاف مالي وبشري بمعنى القوة بالرشاقة اما الثالث هو تنظيم عمل المصادر السرية للمعلومات , عندما يقوم جهاز معين بدفع مصادره الى منطقة ساخنة قد يكونون هدف الى جهاز أخر ومن الممكن وجود اشخاص يعملون مصادر لأكثر من جهة لأغراض مادية او للتشويش على صحة المعلومات وأخيرا السبب الرابع حالة الضبابية في عدد المطلوبين وعدد المشتبه بهم على المستوى الوطني ان هذا الامر يحتاج الى معالجة جدية كونه يعطى المجال واسعا امام الدعايات الاعلامية المعادية والتشويش على جهود الاجهزة الامنية والعسكرية في حفظ الامن و مكافحة الارهاب و يفتح باب تدخل الجهات والاحزاب السياسية في الشأن الامني على مصراعيه ويعتبر أيضا منفذ لأصحاب النفوس الضعيفة للتعدي على حقوق و مصالح المواطنين واستغلالهم ,
هـ أن الهوس العسكري والامني كان ولا زال من أهم المنافذ التي يستغلها الارهاب في تحركاته كجهة من بين الجهات المختلفة الموجودة على الساحة والتي لها الحق في التحرك بحرية بين مختلف المناطق وعلى وجه الخصوص في بغداد. فضلا عن تأثيراته النفسية المباشرة على اصحاب القرار وجعل الامن الهاجس الاوحد للحكومة بما يؤدي الى تشكيل وحدات جديدة وفتح المزيد من المقرات مقابل أضعاف او الابقاء على مستوى الجهد الاستخباري ثابتا. ومن الطبيعي ان ضخامة الهيكل بدون موارد دائميه للمعلومات يعني
ضخامة الخسائر, في الوقت الذي يجب فيه تعجيز هذه المجاميع السرية الارهابية والجهات التي تقف خلفها.
و ـ يبدو الوضع السياسي هو الاكثر اضطرابا الامر الذي زاد من معوقات تطور المنظومة الامنية. حيث توجد قوى سياسيه تمارس الارهاب واخرى توفر الغطاء السياسي والاعلامي له…الخ. ومن جانب اخر ان الكثير من المنتسبين والمسؤولين الامنيين والعسكريين ينسحب تأثرهم بالأجواء السياسية على جديتهم في تنفيذ واجباتهم وأعمالهم ,كما تبين في احداث الموصل او أحد اسباب سقوطها بيد تنظيم داعش يوم 10 حزيران 2014. فضلا عن عدم وجود او عدم اقرار القوانين التي تنظم العمل السياسي او الحزبي وفق تشريعات يتحدد بموجبها النشاط الفكري والاعلامي ومصادر التمويل للأحزاب والمنظمات السياسية ليتسنى للفعاليات الرسمية واالقضائية التمييز بين الجهات السياسية الشرعية والمخالفة لها.
زـ المحاصصة الطائفية في المؤسسات والتشكيلات الامنية والعسكرية حسب النسب الفئوية لمكونات المجتمع أثرت بشكل مباشر على الضبط و الكفاءة والرغبة في تنفيذ الواجب والاهم في ذلك ولدت الصعوبة في تماسك الجيش وصهره في مؤسسة وطنية موحدة.
ح ـ تعتبر الفوضى الادارية العارمة التي تجتاح بغداد و التي يسكنها قرابة السبعة ملايين نسمة من اكبر التحديات التي تواجه الدولة العراقية على العموم بل يعتبر هذا الامر مشكلة كبرى كون أمن بغداد مدخل لأمن العراق إستنادا لمبدأ ان أي شئ لا ضوابط له هو تسهيل أو سهل للأرهاب.
ط ـ العوامل المحبطة للمعنويات والقادمة من مرض الفساد المالي والاداري مثلا اطلاق سراح متهم بالارهاب بعد توسط جهة معينة او …الخ , قد يكون كلف القوات الامنية دماء من اجل القاء القبض عليه. كذلك مشكلة الفضائيين ورداءة العتاد والسلاح الجاري معالجتها حاليا. ومن الامور المهمة التي عالجتها وزارة الدفاع حاليا وأعطتها الاولوية الاهتمام بحقوق منتسبي القوات المقاتلة للارهاب بعد ان كانت ميسرة امام منتسبي المقر العام فقط.
من البديهيات التي تعلمناها في بداية حياتنا المهنية ان المنطقة التي تقع تحت مرمى نيران المدفعية تعتبر ساقطة وعندما يرفع عليها العلم تعتبر محررة والتي تجوبها الدوريات منطقة مفتوحة اما في مجال الامن الحادث خرق وتكراره اضطراب امني, ويتم رسم الخطة العسكرية إستنادا لمعلومات عسكرية تعبوية موجودة في الميدان تعتمد عنصر المباغته في التنفيذ؟ وترسم الخطة الامنية استنادا لمعلومات منوعة ترافقها اجراات مختلفة و ترافقها أيضا حملة تثقيفية واعلامية, واذا ما أسقطنا هذه البديهيات على الواقع العراقي المعاش سنجد شيئا مربكا غير مألوفا غامضا لا يبشرنا بقرب نهاية الاعمال الارهابية والتوقف عن رؤية مشاهد الدماء السائلة هنا وهناك ما لم يؤخذ زمام المبادرة وإجراء مراجعة شاملة للقوانين وتنظيم العلاقة بين المكونات وتحسين الاداء الاقتصادي والخدمي والاداري….الخ. والله من قبل ومن بعد القصد .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب