فجاة ومن دون سابق انذار، اكتشفت الولايات المتحدة الامريكية التدخل الايراني بشؤون العراق ! ! ء
حيث عثرت على وثائق ايرانية سرية مسربة تفضح دور طهران الخفي في التدخل بشؤون جارتها العراق، والدور الفريد للجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في القرارات التي تتخذ في بغداد ..
وهذه الوثائق جزء من أرشيف الاستخبارات الإيرانية السرية، حصل عليها ذي انترسبت الذي تشارك في نشرها مع صحيفة نيويورك تايمز في وقت واحد
التدخل الايراني
ان حقيقة التدخل الايراني في الشؤون العراقية وعلى اعلى المستويات يعرفها كل عراقي من الشمال الى الجنوب. وماالانتفاضة التشرينية المستمرة الى يومنا الحاضر، الا نتيجة لهذا التدخل السافر، والذي ادخل العراق في متاهات حروب طائفية وداخلية وادى الى انتشار الفساد السياسي والاداري، وجعل موازنات الدولة خاوية على عروشها
ان التدخل الايراني بشؤون العراق بدأ بعد احتلال العراق من قبل القوات الامريكية وحل الجيش العراقي، وزاد هذا التدخل بعد انسحاب امريكا من العراق عام 2011. وقد استكملت ايران احتلالها غير المعلن للعراق بعد الاتفاق النووي عام 2015. . وكأن هناك اتفاقا ضمنيا اومكافأة من امريكا اوباما الى ايران مقابل تخليها عن المشروع النووي
فيلق القدس
يكشف تسريب الوثائق الايرانية غير المسبوق هذا ان العراق قد سقط تماما في قبضة النظام الإيراني وليصبح معظم المسؤولين العراقيين مجرد متلقين للأوامر من دولة أخرى، أي إيران. لكن العراقيين لم يتفاجئوا كثيراً بمحتوى هذه التسربيات، لمعرفتهم بواقع الحال على الارض العراقية ، كما اسلفنا، ولكن التفاصيل والاسماء المعلنة هو الحدث الجديد
حيث تظهر الوثائق، أن الحرس الثوري وتحديدا “فيلق قدس” هو من يشرف على وضع سياسات إيران في العراق ولبنان وسوريا، وهي الدول التي تعد الأكثر اهمية لطهران، وتعيين السفراء بهذه الدول عادة لا يكون من السلك الدبلوماسي إنما من الرتب العليا والجنرالات في الحرس الثوري الإيراني
علاقة عادل عبد المهدي بايران
ومن بين التفاصيل في الوثائق المسربة، طبيعة العلاقة التي تجمع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بالسلطات الإيرانية
ووفقا لأحد البرقيات الاستخباراتية الإيرانية التي تم تسريبها، فإن عبد المهدي، الذي عمل عن كثب مع إيران خلال وجوده في المنفى إبان حكم النظام السابق ، قد جمعته “علاقة خاصة” مع إيران، منذ ذلك الوقت الى الان، وتوطدت هذه العلاقة عندما كان وزيرا للنفط عام 2014
ولم توضح الوثائق طبيعة تلك العلاقة، لكن لا يمكن لأي سياسي عراقي أن يصبح وزيرا او رئيسا للوزراء دون مباركة إيران
ايران والاخوان المسلمين
بعد شهور من عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي وفي احد فنادق تركيا التقى مسؤولون في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني مع اعضاء، من جماعة الاخوان المسلمين، وتفاصيل هذا الاجتماع كشفتها هذه الوثائق المسربة :ء
القمة السرية كما وصفها ذي انترسبت جمعت اقوى موظفي الشرق الاوسط من حيث النفوذ. وحسب الوثائق فان القمة السرية هذه جاءت في لحظة حرجة. حيث كانت جماعة الاخوان المسلمين تعاني بعد ازاحة الجيش حكومة الاخوان، والرئيس المحسوب على التنظيم محمد مرسي في 2013
كانت تركيا تعتبر مكانا امنا للقمة، حيث كانت واحدة من الدول القليلة التي تربطها علاقات جيدة مع كل من ايران والاخوان المسلمين في ذات الوقت، رغم انها رفضت منح تأشيرة دخول لقائد فيلق القدس قاسم سليماني، بحسب الوثيقة المسربة من وزارة الداخلية الايرانية، الا ان عناصر اخرى مهمة قد حضرت الاجتماع
ولم توضح هذه الوثائق علاقة قياديي الحزب الاسلامي العراقي (وهو فرع الاخوان في العراق) مثل سليم الجبوري واياد السامرائي بايران، وكيف اصبحا رئيسا البرلمان في وقت سابق بموافقة الحرس الثوري، اما الاخرون فربما جاءت اسمائهم بعد عام 2015 وهو تاريخ هذه الوثائق
قاسم سليماني
نشرت المحطة الفضائية الالمانية مؤخرا تقريرا حول قاسم سليماني قالت فيه
ان اسم قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قد ظهر في المشهد العراقي مؤخراً بضلوعه في عملية التصدي الشديد للمظاهرات العراقية. لكن الوثائق الجديدة تقدم صورة مفصلة عن القدر الذي نجحت فيه إيران بترسيخ نفسها في الشؤون العراقية، ودور سليماني في ذلك، حتى لقبه البعض بالحاكم الفعلي للعراق، ما مكنه من إعطاء الأوامر سواء للسياسيين أو لقادة الميليشيات المسلحة في العراق
كما تشير الوثائق إلى أن دور الجنرال الإيراني في العراق كان أكبر بكثير من مجرد تنسيق التحالف بين الأطياف والقوى السياسية في العراق، وأنه عمل على إنشاء شبكة واسعة من العملاء تغلغلوا في كافة مؤسسات الدولة العراقية، ما عزز بشدة من النفوذ الإيراني داخل العراق
النخب السياسية العراقية
كما اوضحت الوثائق المسربة ان لايران علاقات وثيقة مع النخب السياسية في العراق . وقد نقضوا ، بسبل عديدة ، سيادة ذلك البلد وتلاعبوا بها بحيث أصبحت مصالحهم مهيمنة على مصالح الشعب العراقي
وهذا مانشاهده اليوم حيث يتجلى ذلك في الاحتجاجات المستمرة في العراق ضد النخب السياسية ، التي ينظر إليها على أنها تابعة لإيران. وعلى الرغم من أن هذا معروف على نطاق واسع ، إلا أنه لم يشاهد بمثل هذا الوضوح
الخطر المحدق بنظام طهران
أن التظاهرات الواسعة التي يشهدها العراق اليوم تشكل ناقوس خطر كبير على نظام طهران، خصوصا وأنّ ما يجري بالعراق والمنطقة سيؤثر حتما على الأوضاع الداخلية فيها. وهذا ما لمسناه بعد تظاهرات الشعبين العراقي واللبناني ضد نظامي بلديهما الفاسدين واللذين يحظيان برعاية ودعم حكام طهران، وقد ترجمه الشارع الإيراني بمظاهرات صاخبة في الكثير من المدن الإيرانية بعد زيادة أسعار الوقود
وعلى العموم فان نشر الوثائق السرية لوزارة الداخلية الايرانية كانت شهادة متاخرة عن واقع حال العراق منذ ستة عشر عاما
الهدف من نشر الوثائق
ولكن لماذا تم نشر هذه الوثائق الان ؟ . هل يقصد منه فضح السياسيين العراقيين. وقيامهم بتخريب بلد عريق نتيجة علاقتهم بايران. ام ان هناك مقاصد اخرى؟ خصوصا وان رئيس الولايات المتحدة قد ارسل اثر نشر هذه الوثائق فرقة من ثلاثة الاف جندي امريكي الى السعودية
دلالات نشر الوثائق
يبدو ان نشر الوثائق في هذا الوقت بالذات له دلالات على ان هناك عمل ما سيجري في المنطقة. ولكننا نستغرب كثيرا عدم تدخل امريكا لحد الان تجاه استخدام القوة المفرطة لقمع الانتفاضة الجارية الان في العراق . وعدم فرض عقوبات على ميليشيات مارقة معادية للشعب العراقي. بل هناك تعتيم اعلامي كبير عليها . وعليه فان الانتظار سيكون سيد الموقف