لا نشك في المبادرات والتوصيات التي يطرحها سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الاسلامي العراقي التي تصب في الصالح العام … وليس ذلك بغريب على هذه العائلة الكريمة والمعطاء التي قدمت أكثر من 76 شهيدا فداء للدين والوطن وتوجت هذا العطاء باستشهاد محمد ذو النفس الزكية آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره ولم يكن عزيز العراق بعيد عن هذا التألق والتتويج بالرغم من مرضه الشديد فقد كان رجل المهمات الصعبة والنقطة المركزية التي يلتقي عندها الجميع ويفضفض ما عنده ، ولم يكن يغادره أحد الا وارتسمت اعلى محياه ابتسامة .. رحم الله الماضون وأيد المخلصون وسدد خطاهم ..
استبشر الشارع العراقي من مبادرة سماحة السيد عمار الحكيم ( أنبارنا الصامدة بوجه الارهاب ) واعتبرها البعض طوق للنجاة لما تبقى من العملية السياسية التي شارفت على الانهيار بتأثير الضربات والاختراقات الأمنية بعد تحالف طائفي مقيت للثالوث التركي ، السعودي والقطري مع مجموعات الارهاب في داخل العراق وتحديدا في المنطقة الغربية من التكفيريين والطائفيين وبقايا النظام السابق رافعين شعار مظلومية أهل السنة في العراق !! ومررت هذه المؤامرة وانطلت على البسطاء من أبناء الأنبار وبعض شيوخها وكان لرجال الدين الدور الأكبر في تحشيد البسطاء وتأليبهم على الحكومة المركزية وعلى الشيعة والتشيع !! والمتابع السياسي يتذكر جيدا تلك الخطب النارية ، وبمرور الزمن تحولت ساحات الاعتصام من بعض المطاليب المشروعة الى أوكار للتكفيريين والطائفيين وقطاع طرق .. ولم تبقى للدولة العراقية أي هيبة بعد ان ظهرت بوادر قادمون يا بغداد وتم اسقاط جميع المراكز الحساسة واعلنت داعش عن قرب اعلان دولتها الاسلامية في المنطقة الغربية وتحديدا في الانبار !!
أخيرا وبعد تقديم الضحايا الجسيمة واستباحة الدماء الزكية بالتفجيرات والمفخخات والانتحاريين جاءت المطالبة الشعبية بضرورة تحرك القوات المسلحة العراقية لإزالة الخيم وساحة الاعتصام المشؤمة ، وقد تم تحرير الجزء الأكبر من الرمادي ، واعتقل رأس الفتنة المجرم الطائفي أحمد العلواني وتحرك الثالوث المشؤم من جديد ليعيد توزيع الأدوار ، وكان الاختيار هذه المرة لبعض شيوخ العشائر في الفلوجة والرمادي في التصدي للقوات المسلحة العراقية وتهديدها بعدم الدخول وترك الامر الى أبناء العشائر وشيوخها !! وقد استجابت الحكومة العراقية مرغمة وأبقت قواتها على مشارف الفلوجة بعد ان كانت بين قاب قوسين أو أدنى من دخولها !! وشخصيا أرى في عدم استكمال المهمة والقضاء على بؤر الارهاب وحكم العشيرة والاقطاعية في مدينة الفلوجة سوف يزيد الطين بلة وفي رأيي لن تنفع مع هؤلاء المبادرات أو الاتفاقيات لان القرار مصادر وليس بيد أبناء هذه المدن الاصيلة بل هو مغيب ومستورد ! وبالعودة الى المبادرة الكريمة لسماحة السيد عمار الحكيم فإنها جاءت لتؤكد حفظ الدم العراقي والحرص على اللحمة العراقية الأصيلة وانها قد تكون مخرج مناسب لحكومة الاستاذ المالكي !! ولكن مع تقديري واحترامي لمبادرة سماحة السيد عمار ومن خلال فهمي السياسي المتواضع فإنها أغفلت أمور مهمة أبرزها :
أولا : ان بناء واعمار الأنبار ليس من الأولويات ولا يأتي على حساب المحافظات الجنوبية المنكوبة أصلا والمحرومة من أبسط الوسائل منذ عشرات السنيين لذا علينا بالنهوض والبناء في جميع المحافظات .
ثانيا : اننا سنفتح على أنفسنا أبواب جهنم حيث ستستمر هذه المعاناة ولن تهدئ أبدا !! بل ستمتد الى محافظات سنية أخرى !! لأنه كما أشرنا ان المشكلة الحقيقية ليست في أهالي الأنبار الشرفاء بل هي في بقايا النظام الصدامي البائد والتكفيريين والدول المتآمرة على العراق ..
ثالثا: ان عشائر الانبار وللأسف الشديد مخترقة اما بفعل التهديد وسطوة المسلحين أو بفعل قناعة ترسخت لديهم في ان النظام الحالي لا يمثلهم وهو امتداد لإيران .. ( الشيعة ) ..
رابعا : لا يتمكن أي سياسي في الانبار من العمل بحرية واتخاذ القرار الوطني المناسب لأنه مرتبط عشائريا أو حزبيا أو طائفيا ويسري هذا الأمر على المحافظ ومجلس المحافظة والشرطة المحلية ..
خامسا : لا يمكن للحكومة المركزية ان تضع نفسها ومقدراتها تحت تصرف ورحمة قوات العشائر ومجالس الاعيان وقوات الشرطة التي تتشكل معظمها من ولاءات عشائرية أو طائفية أو بعثية !! حتى لو كان هناك اتفاقا واشرافا مسبقا على تشكيل هذه القوات من الشرفاء والوطنيين ! لأننا باختصار سنكون خارج اللعبة وليس لدينا أية سلطة عليهم وهم مخترقون !! ثم ان مجرد تنفيذ هذه الخطوة يعني ذلك الانفصال الكامل وبالتالي يمكن بعدها وبسهولة اعلان دولة داعش المسماة بدولة الخلافة وزعيمها أبو بكر البغدادي لأنها ستكون خارجة وبشكل كامل من اي تواجد للدولة ولقواتها العسكرية ! ومن هنا سينطلق شعار اليك يا بغداد قادمون وحينها سيصبح الحلم حقيقة لا محال !!
سابعا : لو أجري استبيان حقيقي لرأي شيعة العراق في شركاء الوطن من متحدون والقائمة العراقية والحزب الاسلامي لوجدنا نفورا ورفضا قاطعا لهم لانهم باختصار امتداد لبقايا النظام البائد ومتآمرون على شركائهم ويتحينون الفرص لضرب العملية السياسية واسقاطها واعادة النظام الطائفي السابق !! … ولدينا نماذج كثيرة منهم.. علاوي ، الدليمي ، الجبوري ، الجميلي ، الدايني ، الهاشمي ، العيساوي ، الجنابي ، النجيفي ، المطلك ، العاني ، الدوري ، العلواني ، السليمان ، أبو ريشة ، السامرائي ،وغيرهم كثر … ما شاء الله كلهم رؤوس بصل ! لذلك على ابناء الغربية وسنة العراق القبول أولا بالأمر الواقع والعمل سوية لبناء العراق كل العراق وعدم الانجرار وراء الفتن الطائفية وتقديم الاستقالات الجماعية والتهديد الدائم للعملية السياسية .
ثامنا : اذكر اخواني واحبتي وشركائي في الوطن بمقولة الامام الخميني الشهيرة والموجهة الى القادة السياسيين والعسكريين الايرانيين في بداية انتصار الثورة الاسلامية (( اذا رضت علينا أمريكا فعلينا مراجعة أنفسنا )) وبدوري أعتقد جازما متى ما رضوا علينا متحدون وبقايا النظام السابق فعلينا مراجعة أنفسنا !! .
نكرر ونشيد بمبادرات سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى ونثمن مواقفه الوطنية وحرصه الكامل على لملمة الجراح واعادة اللحمة الوطنية وليس هذه بطارئ أو غريب عليه فهو ديدن هذه العائلة المجاهدة الأصيلة .. ومن هنا أوجه دعوتي الى التحالف الوطني بإعلانه التأييد الكامل لهذه العمليات العسكرية بل تقديم كافة أنواع الدعم الممكن وعدم الوقوف على الحياد لأننا أمام منعطف تاريخي ومرحلة خطيرة جدا حتى لو كانت حسابتنا في الربح والخسارة دنيوية وستؤدي نتائجها الى تجديد البيعة والولاية الثالثة للمالكي ! … سنقف ونكتب ونقول ما يرضي الله والدين وحب الوطن ولا تأخذنا في الله لومة لائم .