23 ديسمبر، 2024 12:03 م

نظرة الى الاستيراتيجية الأمريكية 

نظرة الى الاستيراتيجية الأمريكية 

 شهدت الاستيراتيجية الامريكية محطات فشل كبيرة في العقد الاخير من هذا القرن،تمثل هذا الفشل السياسة في الرعناء التي انتهجها الرئيس الاسبق المجرم جورج بوش الاب وولده الاكثر جرما جورج دبليوبوش ،كان ذلك في افغانستان والعراق وفلسطين ومنطقة الشرق الاوسط،بعد ان شنت الولايات المتحدة الامريكية حروبا تدميرية لاسباب تافهة وواهية ،لاترقى الى شن مثل هكذا حروب ،الا لاشفاء غليل الروح الاجرامية والانتقامية للمجرمين بوش الاب والابن ،وهكذا كانت الحرب في افغانستان والعراق،التي اعادت البلدين الى عصور ما قبل التاريخ ،واوجدت حكومات مسخ خرجت من رحم الاحتلال الامريكي في كلا البدين ،ادخلت البلاد والمنطقة في (فوضى خلاقة) من الحروب الطائفية والعرقية والمذهبية والقومية تنفيذا لمشروع برنار لويس في تفتيت وتقسيم المنطقة الى دويلات وطوائف وكانتونات لامراء الحرب والطوائف ،نتج عنه الارهاب الدولي الذي صنعته امريكا بايديها ،لتقوم الان بمحاربته وتحشيد دول العالم لمواجهته ،وتناست انها هي وايران من يرعى ويدعم ويصدر الارهاب للعالم ،ووقعت في شر اعمالها الان في ضوء ظهور تنظيمات وفصائل إسلامية متطرفة ومقاومة اسلامية ووطنية وقومية تناهض المشروع الامريكي-الصهيوني-الفارسي الصفوي،في اكثر من مكان في العالم وتحت مسميات متعددة ،ولكن الأهداف واحدة ،هي مواجهة السياسة -الامريكية لقمع الشعوب وفرض الدكتاتورية الأمريكية (هي تسميها الديمقراطية )،وكان العراق نموذجا سيئا ومقيتا وفاشلا لهذه الديمقراطية الهجينة الخارجة من ضلع الاحتلال وأدواته الفاشلة ،اليوم تغيرت اللعبة الأمريكية ،وأصبحت في وضع لا تحسد عليه في العالم سمعة وفشلا سياسيا وعسكريا كما هو الحال في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وغيرها ،خاصة وان من يقود السياسة الأمريكية رئيس فاشل وجبان ومتخاذل هو الرئيس باراك اوباما،ورهط ادارته الهزيل والضعيف والتي اثبتت فشلها وهزيمتها في اكثر من مكان في العالم بدءا من العراق وسوريا وافغانستان واوكرانيا وغيرها ،وازاء هذا سنعرض استيراتيجيتها في العراق كنموذج حي وواقعي للفشل ،تحت الادارة الاوبامية ،فالتجربة الامريكية في العراق وكما ارادتها ادارة المجرم بوش وما بعده هي ان يكون العراق(نموذجا فريدا للديمقراطية في المنطقة والعالم)،فهل تحقق هذا القول ؟؟؟،ثم ان الحكومات العراقية التي انتجتها ابتداءا من مجلس الحكم والى الان هل تمثل شعب العراق ،وهل نجحت في فرض التوازن والرفاهية والامن والاستقرار والعدالة في المجتمع العراقي،ام حدث العكس ،قتل على الهوية مع حرب طائفية اهلية ،وتهجير الملايين وتدمير البنية التحتية واستشراء سرطان الفساد الذي اوصل العراق الى اعلان الافلاس المالي ،على لسان وزير المالية الحالي هوشيار زيباري،ناهيك عن اعلان الحرب على مكون بعينه بحجة الارهاب ،بعد ان خرج للمطالبة بحقوقه المشروعة بتظاهرات سلمية لاكثر من سنة دون تنفيذ مطلب واحد منها رغم اعترافهم بمشروعيتها وعلى لسان رئيس الحكومة سيء الصيت نوري المالكي او كبار رجال الدين والمرجعية وادارة اوباما وغيرها ،وقاد الحرب نوري المالكي التي وصفها بنفس طائفي كريه ب(انصار يزيد  وانصار الحسين وبيننا وبينكم بحر من الدم وغيرها من الشعارات الطائفية التي يانف العراقي من ذكرها)،لقد كانت محاصصة الحاكم المدني اللص بول بريمر هي القشة التي كسرت ظهر الاحتلال ومخرجاته فوقعت في شرك الطائفية وكانت قراراته الاخرى مثل اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي مدخلا لفشل الاحتلال وبروز المقاومة العراقية الباسلة التي هزمت بصمودها وقتالها الباسل الاحتلال الامريكي للعراق ،ولكن ما تبع هذا الفشل ظل قائما وبنجاح حتى يومنا هذا بالرغم ، من اعتراف اوباما نفسه (ما سماها مظلومية السنة في العراق والاخطاء الامريكية تجاههم )وضرورة تصحيح المعادلة ،لكن هذا الكلام جاء متاخر جدا لان ايران كانت قد احكمت سيطرتها وسطوتها وهيمنتها بشكل كامل على العراق ،سياسيا وعسكريا(الميليشيات)ودينيا  واقتصاديا،ولم يبق لامريكا سوى الاعتراف بالفشل والهزيمة ،وهكذا وقعت الحرب الاهلية الطائفية الان في العراق ،والتي اججها واشعلها نوري المالكي ويقودها الان قاسم سليماني  قائد الميليشيات الايرانية بدر والعصائب وسرايا السلام وحزب الله وعشرات اخرى من الميليشيات ،اضافة الى فيلق القدس والحرس الثوري،وتصريحات سليماني وقادة ايران تؤكد هذا وتعلنه بلا خجل او وجل ،فما هو موقف ادارة اوباما والعالم مما يجري في العراق من حرب طائفية اهلية يسمونها زورا وبهتانا (الحرب على الارهاب)،وهل كل المحافظات المنتفضة الست ارهابية وتقودها الدولة الاسلامية كما يزعمون وتضعهم كلهم في سلة واحدة هي الحرب على الارهاب ،لابأس فهذه هي احدى طرق احتلال الشعوب وقمعها، فالاحتلال الامريكي والاحتلال الايراني للعراق اصبح حقيقة واضحة مؤكدة،وجاء الاحتلال الايراني نتيجة طبيعة لفشل الاستراتيجية الامريكية في العراق ،ومن ثم في المنطقة،ومثالنا الاخرهو سوريا ،حيث الفشل العسكري والسياسي الامريكي هناك يؤكد حقيقة اخرى لاوجه الفشل الامريكي،لذلك من الطبيعي ان تبحث امريكا عن شركاء في الجريمة ،فلم تجد غير ايران حليفا استيراتيجيا لها في المنطقة (كتاب حلف المصالح المشتركة  والاتفاقيات السرية بين امريكا واسرائيل وايران لمؤلفته تاريتا بارنز)،يؤكد حقيقة هذا التخادم العسكري والسياسي في المنطقة ،اذن لاتوجد استراتيجية امريكية واضحة وراسخة لامريكا في المنطقة ،وانما هناك استيراتيجية امريكية فاشلة تعتمد على (اللحظة الانية)،والفراغ الامني وانتهاز الفرص ،وهذا يعني انها لاتخطط وانما تقود العالم نحو الخراب والدمار والتفكك والتشتت ،بدل قيادة النموذج العالمي للقوة ،والتي استعاضت بدله قوة النموذج،كما يعبر عنه الجنرال المتقاعد جوزيف ناي المفكر والمحلل الاستراتيجي في كتابه القوة الناعمة ،اذن فشل الاستراتيجية الامريكية هو نتاج فشل رؤسائها واداراتها وقادتها ،ولكن اعتقد بعد مجيء صقور الحزب الجمهوري وفوزهم الاخير ستتغير اللعبة والمعادلة الامريكية ،ليس في العراق فقط ،وانما في العالم ،وسيقلبون الطاولة على رأس اوباما وادارته ،التي اضرت بسمعة امريكا واوصلتها الى ادنى مستوى ،الايام القادمة ستشهد تغييرات استيراتيجية امريكية في المنطقة عموما والعالم اجمع ،ربما تعيد بريق القوة الامريكية الناعمة منها والخشنة….