23 ديسمبر، 2024 11:08 ص

نظرات في الجوع ووو….الثورة !!

نظرات في الجوع ووو….الثورة !!

طلب ذات يوم من الشاعر العباسي الشهير ” ابو الشمقمق ” احد شعراء الكدية ، ان يصف احواله المادية فأنشد قائلا :في بُييت من الغضارة قفر ليس فيه إلّا النُوى والنخالةعطلته الجرذان من قلّة الخيــــ ـــــر وطار الذباب نحو زبالةبمعنى ان منزله المستأجر ولندرة ما فيه من طعام وشراب قد هجرته الجرذان والذباب الى أماكن تجد فيها ضالتها من بقايا الطعام المفقود في داره .وسئل الشاعر، أبو فرعون الساسي ، عن أسباب غلقه لبابه مع انه بؤرة للفقر والفاقة ، فأنشد قائلا :ليس إغلاقي لبابي أنّ لي فيه ما أخشى عليه السرقامنزل أوطنه الفقر فلو دخل إليه السارق فيه سُرقاعندما يصل الأنسان الى هذا المستوى من الجوع والعوز والفاقة  والحرمان لا يبقى أمامه سوى الثورة على الواقع او القناعة به  والتأقلم معه  و احلاهما مر .ويضيف ابن حزم الظاهري في كتابه المحلى ” إذا مات رجل جوعا في بلد اعتبر أهله قتلَة، وأخذت منهم دية القتيل، و للجائع عند الضرورة أن يقاتل في سبيل حقه في الطعام الزائد عند غيره فإن قُتِل فعلى قاتله القصاص، وإن قتل المانع فإلى لعنة الله لأنه منع حقا وهو طائفة باغية” على حد وصفه .وجاء في الأثر منسوبا الى ابي ذر الغفاري رضي الله عنه : ” عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، ألا يخرج على الناس شاهرًا سيفه”.ويبقى  تعريف الجوع بمفهومه الأشمل الذي يموت من جرائه شخص كل ثانية حول العالم و 4000 الاف كل ساعة و100.000 كل يوم و36 مليون كل عام ، بحسب احصائيات 2001- 2004 ، الجوع ناجم عن سوء توزيع الثروة،و الاتكال على الغير والتقاعس عن العمل , عدم التكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع, الحروب  والاستعمار والظروف البيئية الطارئة والكوارث الطبيعية .الجوع هو عدم القدرة على تلبية الحاجات الضرورية الستة او السبعة ” المأكل والمشرب والملبس والمسكن والتعليم والنقل والعلاج ” فأي واحدة من هذه ليس بأمكان شخص ما توفيرها له ولعائلته فهو فقير جائع وان توفرت له الوجبات الثلاث يوميا ، اذ ما فائدة ان يأكل الأنسان يوميا ولو مرض ليس بإمكانه الذهاب الى الطبيب لأنه لا يمتلك ثمن العلاج والتشخيص ..ما فائدة ان يجد الأنسان ثمن العلاج ولكنه لا يجد تكاليف التعليم له ولأولاده ..ما فائدة ان يأكل ويشرب ويتعلم ولا يمتلك بدل ايجار منزله الذي يتراكم بذمته شهرا بعد آخر لحين طرده منه مذموما مدحورا ..ما فائدة ان يأكل من صدقات الخيريين وليس له مورد ودخل وعمل  ثابت  يعينه على شظف العيش بسبب البطالة لأن التوظيف على يتم على اساس المحسوبية والمنسوبية والرشوة والأتاوات .هناك من  يعتقد  بأن  الجوع هو عدم توفر الطعام والشراب فقط وتراه يردد على الدوام ” ماكو واحد يموت من الجوع ” وان كان كلامه خاطئ لأن ذلك يحدث في العالم مترامي الأطراف كثيرا كما اوردته سلفا في احصاءات الأمم المتحدة وقد حدث ذلك في مضايا ومخيم اليرموك في سوريا ويحدث الان في  العراق  ، اضيف ان من مات بسبب حاجته الى اجراء عملية جراحية لا يمتلك ثمنها فهو جائع ..من مات بانهيار منزله القديم  او سقوط كوخه  او احتراق صريفته الآيلة للسقوط  او اقتلاع خيمته في ارض النزوح  

فهو جائع ..من مات بسبب فقر الدم وسوء التغذية الناجم عن تناول اطعمة فقيرة بالفيتامينات والمعادن والأملاح والكربوهيدرات والنشويات والسكريات اللازمة لبناء الجسم وتقوية المناعة فهو جائع بحسب تعريف الأمم المتحدة للفقر …من مات غرقا وسط بحر لجي ماله من قرار بحثا عن الآمان ولقمة العيش الحلال في ارض المهجر واللجوء  فهو جائع …اليوم هناك 10 ملايين عراقي تحت خط الفقر ( الفقر حقيقي ، الفقر مصطنع ، لا فرق في ذلك ، لأن النتيجة واحدة وهي الحرمان والعوز فوق ارض من النفط والذهب )  فأن كان الفقر مصطنعا فلابد من الثورة اذن تحت شعار ” لو كان الفقر رجلا لقتلته” فما بالك اذا كان الفقر صناعة رجال ، واذا كان حقيقيا نتيجة الفساد المالي والإداري والاختلاس والنهب والسلب والتزوير في المال العام فهو بحاجة الى ثورة ايضا .وهناك من يرى ان الفقير الذي يأكل النستلة ويحمل الموبايل بيده ليس فقيرا ، واقول ان .الفقير ينجب كل عام طفلا لا رغبة بالأنجاب وانما لأن الأنجاب وما يسبقه هما وسيلته الوحيدة للتسلية والسعادة بعيدا عن وسائل تحديد النسل من الواقي واللولب وحبوب منع الحمل ..فهل ستمنعون الأنجاب كالنستلة والموبايل ابو الطابوكة  ايضا ؟!! الفقير يبحث عن ابسط وسائل التسلية وايسرها واسرعها وما توفر منها آنيا كان بها ونعمت وما صعب فصبر جميل على ماتصفون الى حين ميسرة . وللحديث بقية