مراجعة التصريحات و المواقف المختلفة(المتشددة)والمشرئبة بالشعارات المبدئية بخصوص المفاوضات الجارية بين الدول الکبرى و إيران بشأن البرنامج النووي طوال الاعوام ال12 المنصرمة، ومقارنتها ببنود الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في العاصمة النمساوية فينا، يقود الى حقيقة واحدة وهي أن کل تلك التصريحات و المواقف و الشعارات المبدئية، لم تکن سوى فقاعات و مجرد هواء في شبك.
المسٶولون و القادة الايرانيون، ولاسيما رجال الدين المتشددين، يتصرفون في کثير من الاحيان بمنطق و اسلوب الحرباء، ذلك إنهم يطلقون تصريحات متباينة بشأن قضية ما بحيث يخلقون حالة من الالتباس و الضبابية بشأنها، ولکن الموقف الحقيقي لهم من تلك القضية مغايرة تماما لما أعلنوا او کشفوا عنه، وعلى سبيل المثال لاالحصر، فإن قضية رش الاسيد على النساء الايرانيات او طعنهن بالخناجر و التي جرت في طهران و إصفهان و کرمانشاه و شيراز و مدن أخرى، والتي جرت من قبل عناصر تابعة للأجهزة الامنية او مسيرة من قبلها، وجرت طبقا لتوجيهات من رجال الدين المتشددين، تم إطلاق العديد من التصريحات و المواقف المتباينة بشأنها والتي کانت تهدف جلها و في خطها العام الى تبرئة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من مسٶوليتها عن تلك الجرائم الوحشية و اللاإنسانية، وقد جرى أيضا لغطا و جدلا بشأن ذهاب النساء الى الملاعب و توضح في النهاية بأن النظام بنفسه لايسمح للنساء، لکنه کعادته يطرح الکثير من التصريحات و المواقف المتضاربة بشأن ذلك من أجل التمويه على الناس و خداعهم و التضليل في الوقت الذي نجد فيه أن الموقف الحقيقي للنظام هو موقف آخر أبعد مايکون عن المعلن عنه.
التصريحات و المواقف المتناقضة الصادرة من قبل قادة و مسٶولي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بشأن الاتفاق النووي في فينا بعد التوقيع عليه، والتي شأنها شأن التصريحات و المواقف الصادرة قبل التوقيع عليها، کانت مغطاة بالتشدد و التطرف و العنجهية و التعجرف و المغالاة، ولايمر يوم إلا و يجد العالم نفسه أمام تصريح موغل في التشدد من جانب مسٶول او قائد، وکلها تشدد على التحفظ على الاتفاق و توجيه الانتقادات و الملاحظات المختلفة بشأنها.
آخر هذه التصريحات و المواقف تجلى في رفض الحرس الثوري الإيراني على لسان قائده الجنرال محمد علي جعفري، قرار مجلس الأمن الصادر يوم الاثنين بخصوص الاتفاق النووي بين طهران والقوى الكبرى، وقال جعفري إن بعض البنود التي تنص عليها مسودة قرار مجلس الأمن، خاصة تلك المتعلقة بالقوة التسليحية الإيرانية “تتجاوز الخطوط الحمر المهمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية”، على حد تعبيره، مؤكدا أن مثل هذه الاتفاقية “لن تقبلها إيران بتاتا”،
وداعيا مجلس الأمن لـ”عدم إهدار وقته في الموافقة على مسودة هذا القرار”، والذي يثير السخرية و الاستهجان إن هذه التصريحات و الاخرى التي صدرت عن المرشد الاعلى خامنئي و المشککة بالاتفاق لکن في نفس الوقت لايجرٶ النظام أبدا على إعلان موقف يصرح بالتخلي عن الاتفاق او الانسحاب منه، لإنه يعلم جيدا إن ذلك يعني التعجيل بتوفير أسباب و دوافع إنهيار النظام برمته.
مشکلة هذا النظام الذي يستخدم الاسلام وسيلة من أجل تحقيق أهدافه و غاياته، إنه يفعل الشئ و نقيضه و يسعى من خلال اللعب بالالفاظ و التصريحات و المواقف التمويه على العرب و المسلمين بشکل خاص لتبرير سياساته المشبوهة و الملتوية، ففي الوقت الذي نجد أن هذا النظام کان يطلق شعارات الموت لأمريکا طوال 35 عاما فإنه قد جثا على رکبتيه أمامها و إستسلم خانعا لما قد فرضته عليه، وکل الذي يقال هو: حقا إنه نظام لايستح ويفعل مايشاء.
[email protected]