بعد الحرب العدوانية التي شنها نظام الملالي – خميني – على العراق 1980-1988 , وقد تجرع خميني السم وقبل وقف اطلاق النار , بعد هذا التاريخ لم يعد يفكر في المواجهة المباشرة مع اي بلد مجاور , بل اتبع اسلوب التسلل من خلال الاعوان والتابعين له طائفيا , في البلدان المجاورة والبعيدة , ومن خلال تلك القوى شكل احزابا ومليشيات طائفية مسلحة فكريا وعسكريا , تمكن من السيطرة على بعض مفاصل القرار السياسي في ذاك البلد .
ففي لبنان تمكن الملالي من شق منظمة امل الشيعية في لبنان وشكلوا حزب الله وامدوه باسباب القوة المادية حتى صار قوة فاعلة تتدخل في شؤون الدول الاخرى وخير مثال على تدخله في سوريه . ومن ثم توسع في تدخله وامتد الى العراق واليمن . وصار يدرب المليشيات في تلك البلدان . وصارت تلك التجربة نموذجا يحتذى بها في البلدان الاخرى . فقد شكلت مليشيات طائفية عراقية في ايران خلال فترة الحرب العراقية – الايرانية وبعدها , وصارت تلك المليشيات رأس حربة يستخدمها نظام الملالي لتنفيذ مخططاته في العراق , فهذه المليشيات اثارت الفتنة الطائفية على اوسع نطاق . وهو ما ارادته الصهيونية منذ مئة عام ونيف , فقد نفذها نظام الملالي نيابة عن الصهاينة . وفي الوقت نفسه تعاون مع الحوثيين منذ ربع قرن وامدوهم بالمال والسلاح وخاضوا ستة حروب مع قوات علي عبدالله صالح عندما كان رئيسا لليمن .
ملالي إيران لهم حلم قديم متجدد وهو السيطرة على باب المندب، المنفذ البحري المهم على البحر الأحمر بما يمثله من استراتيجية اقتصادية وعسكرية، والسبيل إلى ذلك وجدوه في “الحوثيين” الذين وجدوا في الملالي الجهة التي تسندهم لاخذ السلطة في اليمن , وقد تبادل الطرفان الادوار والمصالح بينهما . فنظام الملالي يريد التوسع على حساب العرب , وايجاد منافذ لهم على البحار والتحكم في الملاحة الدولية , وكسب نقاط سياسية يستخدمها الملالي في المفاوضات مع 5+1 بشأن الملف النووي الايراني . وبالمقابل يتمكن الحوثيون من تكرار تجربة الملالي في ايران , ويتعاون الطرفان لزعزعة الامن في المنطقة .
دول الخليج العربي هي الدول المتضرر الأول من التمدد الإيراني في المنطقة عبر أذرعها المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان والبحرين وأخيراً في اليمن عبر “الحوثيين”، وقد وجدت دول الخليج العربي ما قام به الحوثيون بالانقلاب على الشرعية واعتقال الرئيس ووضعه تحت الاقامة الجبرية في قصره في ؤصنعاء هو الخطر على امنها واستقرارها , واثارة للفتنة الطائفية في المنطقة , وهذا الدور يكمل الدور الذي تمارسه المليشيات الطائفية في العراق وسوريه ولبنان والبحرين .
ورغم النداءات التي بعث بها عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، دعا فيها كافة القوى السياسية ومكونات المجتمع اليمني إلى التمسك بالتوافق الوطني وتغليب العقل والحكمة، بعيداً عن استخدام القوة، لتفويت الفرصة على كل من يحاول زعزعة أمن اليمن واستقراره وجره نحو الفتنة الطائفية والصراع , الا ان الحوثيين وبأوامر من ملالي ايران لم يرعووا ولم يغلبوا مصالح البلاد , بل غلبوا مصالح ايران على مصالح بلادهم .
ما قام به الحوثيون يؤكد أن طهران هي الفاعل الأساس على الساحة السياسية في اليمن رغبة في تفجير الصراعات الطائفية في المنطقة ليتحول الصراع السياسي على السلطة إلى حرب طائفية بين السنة والشيعة، خاصة بعد دخول “داعش” على خط المواجهة مع “أنصار الله” ومحاولته أخذ موقع “تنظيم القاعدة” بغية التوسع مقابل التمدد الإيراني في المنطقة.
خلفية تاريخية للعلاقة بين الحوثيين والملالي
استخدم النظام الايراني حسين الحوثي الشقيق الأكبر لـ عبدالملك الحوثي الزعيم الحالي هذا التيار من عام 1991. وأسس حسين الحوثي «حزب الحق» في اليمن وشارك في الانتخابات التي جرت عام 1993 وأصبح عضوا في البرلمان اليمني.
وحسب أوامر صادرة عن النظام الايراني انشق حسين الحوثي عن حزب الحق عام 1997 وشكل مجموعة تحت عنوان «تنظيم الشباب المؤمن» وذلك على غرار حزب الله اللبناني وحول اسمها لاحقا بـ انصار الله. وتحتل هذه المجموعة حاليا أجزاء كبيرة من اليمن بما فيها العاصمة صنعاء وتقوم بقمع وقتل الشعب اليمني بمثابة عميلة لقوات الحرس الإيراني وفيلق القدس.
وبعد أحداث 11 ايلول/ سبتمبر 2001 وجه النظام الإيراني بوصلة «تنظيم الشباب المؤمن» بإتجاه الافكار المضادة لأمريكا كما قام التنظيم في الوقت نفسه بمعارضة الحكومة اليمنية. وأعتقل عدد من اعضاء «تنظيم الشباب المؤمن» عام 2003 حيث قام بمواجهة الحكومة عسكريا. وقتل حسين الحوثي خلال اشتباكات مع الحكومة اليمنية في عام 2004.
وقد خضع حسين الحوثي وشقيقه عبدالملك الحوثي ووالدهما بدرالدين الحوثي لدورات تدريبية في مجالات دينية وسياسية وأمنية وارهابية لمده أكثر من سنة بمدينة قم الإيرانية في بداية الثمانيات من القرن الماضي وبعد ذلك كانوا يترددون على ايران بشكل مستمر. وحسب التقارير الداخلية من قوة القدس ان عبدالملك الحوثي اعتنق الفكر الشيعي الإمامي الممثل بالشيعة الإثني عشرية الا انه وبتوصية من النظام الايراني يمتنع عن اعلان ذلك حتى لا يصبح معزولا في صفوف الشيعة الزيدية.
كان أحد خطط فيلق القدس خلال السنوات الماضية لفتح الطريق لدخوله الى اليمن تنشيط الهلال الأحمر الإيراني لكي يتمكن من فتح الطريق لدخول النظام الى هذا البلد تحت يافطة ارسال المساعدات الانسانية الى هذا البلد وإنشاء مستشفيات وكذلك ايصال المعونات الدوائية. وحاول النظام بتجنيد افراد له بهدف استخدامهم في شبكاته الارهابية.
ويتدرب عدد كبير من الحوثيين في جامعة المصطفى بمدينة قم الإيرانية منذ سنين. ويتولى ملا يمني اسمه عصام العماد مسؤولية الحوثيين في مدينة قم. واعتنق عصام العماد مذهب الشيعة ونأى من مذهب السنة بوطأة النظام الايراني. انه يكرر إملاءات منظمة الثقافة والاتصالات الاسلامية والمجمع العالمي لأهل البيت وأخرى من أجهزة النظام لتصدير التطرف من خلال القنوات الفضائية العربية الموالية للنظام.
قام نظام الملالي باقامة اتصالات وطيدة بين «تنظيم الشباب المؤمن» وحزب الله اللبناني ويحاول النظام أن يقحم عبدالملك الحوثي بمثابة حسن نصرالله في اليمن. كما يتلقى بعض عناصر الحوثيين تدريبات في وادي البقاع بلبنان والعراق من قبل فيلق القدس.
مع انطلاق ثورة الشعب اليمني، قام نظام الملالي بقوة بتعزيز الحوثيين في اليمن وتسليحهم وتقويتهم وتدريبهم. ويتم تدريب قوات الحوثيين في الاراضي اليمنية نفسها. وكان حسين وعبدالملك الحوثي يذكران الخميني والخامنئي بمثابة زعيم وإمام داخل انصارالله ويوزعان رسالات وكلمات الخميني والخامنئي وكذلك حسن نصرالله في اليمن.
وتزامنا مع تنظيم الحوثيين، قام نظام الملالي بابرام صفقة ثقافية بين ايران واليمن في 5 تموز/ يوليو 1995 حيث كانت توفر لهم المجالات العملية لبسط مد التطرف والارهاب. كما تنص وثيقة مسربة من داخل منظمة الثقافة والاتصالات الاسلامية بتاريخ 11 آذار/ مارس 1996 على: « نظرا الى الاوضاع والظروف الجديدة السائدة في اليمن ورغبة مسؤولي هذا البلد ببسط وتوسيع علاقات شاملة مع جمهورية إيران الإسلامية وحضور الشيعة الزيدي وتوقيع اتفاق ثقافي بين طهران وصنعاء من المهم جدا ان تكون للجمهورية الاسلامية حضور فاعل في اليمن…». وفي ايلول/ سبتمبر 2014 أماط الحرسي علي رضا زاكاني عضو برلمان نظام الملالي ورئيس سابق للتعبئة الطلابية ومن المقربين للخامنئي اللثام عن دور نظام الملالي في أحداث اليمن وخطة النظام لتصدير التطرف والارهاب الى كل أرجاء المنطقة تحت عنوان « منهج توحيد المسلمين من قبل الثورة الاسلامية» قائلا: « في اليمن هناك حدث أهم وأكبر من لبنان في حال التكوين بحيث يسطر الثوار على 14 محافظة من اصل 20 محافظة يمنية وكذلك 90 بالمئة من مدينة صنعاء… وبذلك انهم قلبوا كل موازين القوى وبعد الانتصار في اليمن بالتأكيد سيأتي دور السعودية لان هذين البلدين لديهما ألفي كيلومتر حدودا مشتركا من جهة وهناك اليوم مليونا مسلح منظم في اليمن… اليوم الثورة الاسلامية تسيطر على 3 عواصم عربية وبعد فترة سوف تسيطر على صنعاء ايضا وسوف تنفذ منهج توحيد المسلمين»