7 أبريل، 2024 9:47 م
Search
Close this search box.

نظام المافيوقراطية في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

يخطأ من يعتقد بأن العراق ما بعد عام ٢٠٠٣ يمثل بلد له نظام سياسي واضح ومحدد كما هو الحال في معظم أو حتى جميع دول العالم . فجميع دول العالم لها طبيعة أنظمة حكم متعارف عليها دولياً، إلا العراق ، مثل الأنظمة الديموقراطية أو الأنظمة الإشتراكية والشيوعية أو الأنظمة الديكتاتورية أو الفردية أو الإستبدادية أو الشمولية أو الأنظمة الملكية . العراق ، بطبيعة وشكل وخصائص العملية السياسية السائدة وممارسات نخبه السياسية في إدارة شؤون البلد ، يعكس حالة فريدة من نوعها في نظام الحكم لا يشابهه أي بلد في العالم . فحسب المادة (١) من الدستور العراقي فإن العراق دولة إتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة . نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديموقراطي . وهذا يعني حسب الدستور بأن نظام الحكم في العراق يقع تحت تسمية ” نظام ديموقراطي برلماني ” ، إلا ان الواقع والممارسات الفعلية في إدارة نظام الحكم هو عكس ذلك تماماً . ولإثبات ذلك بكل بساطة نوضح مايلي :
إن النظام الديموقراطي بشكل عام هو نظام يعتمد بالأساس على مبدأ الإنتخاب الحر والمطلق للفرد للنخبة التي ستتولى إدارة شؤون الدولة بكل مفاصلها تحقيقاً للأهداف السامية والإنسانية للمجتمع في التقدم والتطور والتحضر وضمان المستقبل الزاهر للمجتمع وللأجيال القادمة . ببساطة تطبيق النظام الديموقراطي يعتمد أساساً على الحرية المطلقة للفرد في الإختيار وفق قواعد وشروط الأنتخابات الحقيقية المتعارف عليها في الأنظمة الديموقراطية الأصيلة إعتماداً على مبادئ الدستور والأنظمة والقوانين والتشريعات الموضوعية ، والتي يستحيل تجاوزها ، من ناحية وعلى الأهداف الحياتية التي يرغب أفراد المجتمع لتحقيقها لهم ولأجيالهم القادمة أيضاً من ناحية أخرى . أما في العراق فإن عملية الإنتخابات في مجملها عبارة عن مسرحيات أبطالها نفس الوجوه والشخوص التي تميزت بالتخلف والجهل المطبق وفي نفس الوقت تميزت بالخداع والسرقة وهدر مصالح البلد الصغرى والعظمى معاً . فمن ناحية السياقات المعتمدة في الإنتخابات فإن التزوير وشراء الأصوات والذمم وحرق صناديق الإنتخابات وممارسات التهديد والوعيد وإنعدام الحرية المطلقة في الإختيار هي في الواقع تمثل الممارسة الفعلية للإنتخابات التي يطلق عليها جزافاً ديموقراطية ،الى جانب الجهل الواضح ، تعليمياً وحضارياً ، لمعظم الناخبين والتي أفرزت نخبة منتخبة جاهلة بكل معنى الكلمة لإدارة شؤون البلد توجهت مباشرة لمصالحها الذاتية على حساب مصالح الوطن . يضاف الى ذلك التأثير الكبير والمطلق للأحزاب والجهات والمليشيات المسلحة على مجريات الإنتخابات ونتائجها .
والأغرب من كل ذلك إن النظام الحاكم في العراق بمجمله عبارة عن مجموعات من المافيات المؤثرة يترأس كل مجموعة مافية رمز ديني ( جاهل بكل معنى الكلمة في كل أمور السياسة ) أو رمز يدعي بالنضال وهو لا يحمل أبسط مقومات التعلم ( كشهادة ) أو التحضر ( كفكر ووعي ) . الى جانب مضحك جداً وهو خضوع العملية السياسية في العراق برمتها لتوجيه وتأثير مرجعيات دينية معزولة تماماً عما يدور في العالم المتقدم والمتحضر ولا تعي من الحياة سوى الفتاوى في أمور حيض النساء والصوم في رمضان أو الموقف من قرار عاهرة ترغب بالحج للتكفير عن عملياتها الجنسية خلاف الشريعة الإسلامية أو مدى حلال أو حرام دفع الزكاة أو الخُمس عن أعمال غير قانونية أو غير أخلاقية وما الى ذلك . يضاف الى كل ذلك تحكم شخصين بكل المشهد السياسي أحدهما شخص جاهل بكل معنى الكلمة ( من الناحية التعليمية والتحضرية ) أستحوذ على عقول أكثر من مليونين من المواطنين العراقيين السذج والجهلة والمغيبين وله جناح مسلح مؤثر جداً ، والآخر شخص جاهل أيضاً لا يختلف عن الأول سوى إنه. لا يرتدي العمامة إلا إنه موطن ” ؟ ” من أصل عراقي وله أيضاً جناح مسلح مؤثر جداً . والى جانب هاتين المجموعتين من المافيا تتواجد أيضاً مجموعات مافيا أخرى لها دورها أيضاً في نظام الحكم في العراق وهذه المجموعات تمثلها العوائل أو العشائر وهي مجموعات مسلحة لا تقل تأثيراً عن المافيات الأخرى في المشهد السياسي العراقي .
إذاً الخلاصة : ما هي طبيعة نظام الحكم في العراق ؟ الجواب ببساطة إنه نظام جديد في العالم وهو يدعى بنظام ” المافيوقراطية ” . لذا يتطلب تعديل المادة الأولى في الدستور العراقي لتقرأ بالشكل الآتي : جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة منقوصة . نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برمائي) مافيوقراطي .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب