14 أبريل، 2024 3:18 ص
Search
Close this search box.

نظامكم الرئاسي.. حيل الثعالب مع الدجاج

Facebook
Twitter
LinkedIn

السياسة في مفهومها الاصطلاحي هي فن جلب المصالح، ولانها كذلك؛ فهي تحتاج الى حكمة بالغة واخلاص وجهد ووطنية، وقد يكون هذا بمجمله تعريف للسياسة الخارجية بمفهومها العام.
اما السياسة بشقها الثاني (الداخلية)، فهي تهدف لوضع استراتيجيات اقتصادية ترمي لتطوير الفرد وتهيئة الظروف المناسبة له للعيش، ولتنفيذ خطط دقيقية ضمن هذه الاستراتيجية تقوم على تعزيز البنى التحتية والفوقية، وخطط اخرى ترسم ملامح المستقبل وتدرس البيئة الاقتصادية داخلية وخارجية للحفاظ على اقتصاد البلد واستمرار سير عجله تقدمه، كما توضع دراسات عسكرية عميقة وذات طبيعة تحديثية تواكب التطور العسكري العالمي من اجل الحفاظ على حدود الوطن ولان القوة العسكرية هي احدى طرق تعزيز الاقتصاد واستقرار البلد.

 

اسوق هذه المقدمة؛ وانا احاول اسقاطها على واقعنا السياسي الاقتصادي بعد 2003 لارى مدى تقاربها معه، وكم هو حجم المنجز الذي قدمته الحكومات السابقة اعتمادا على نظرية السياسة التي قلناها في المقدمة والمعمول بها في اغلب دول العالم المتقدم، والنتيجة معروفة بكل تاكيد..

الحقيقية ان من قادوا الحكومات خلال الفترة السابقة، لم تكن سياستهم معنية بما قلناه ابدا، لابل انهم انتهجوا هذه النظرية السياسية بطريقة مقلوبة، والنتائج الحالية وما يتعرض له العراق هو خير دليل على ذلك.

ولعل الفشل الذريع والمدوي لهذه الحكومات وعلى كافة المستويات هو من جعل العراق صيدا سهلا للجماعات المتطرفة والتنظيمات الارهابية، وحوله الى مرتع خصب للفساد والسرقة والرشاوى، وعرّضه لاطماع الاخرين، وهدم الثقة بين الشعب والحكومة، واوصل البلد الى هذا الانهيار شبه التام.

في عهد هذه الحكومات خسر العراق ثلث ارضه للتنظيمات الارهابية، وخسر معها سمعة جيشه وارادة مقاتليه، واستبدل ما تبقى من هذا الجيش بمجاميع كثيرة ومتعددة، طائفية تارة وقومية تارة اخرى، يقودها امراء طوائف وقوميات متصارعة.

كما كانت فترة حكم هؤلاء هي الافسد في تاريخ العراق الحديث، فالاف الموظفين غير الموجودين اصلا في هذه الدنيا يتقاضون رواتب خيالية، وعصابات سيطرت على المشاريع التنموية والاستثمارية في عموم البلاد، دون ان تنجز منها شيء، وتأسيس لثروات فاحشة لفئة معينة، يقابلها فقر مدقع وحرمان كبير لابناء الشعب كافة عبر سرقة ميزانيات باكملها ومشاريع فساد مخيفة، كما انتهجوا سياسة تهميش الاخرين وتسقيط بعض الخصوم وزج مناؤين في السجون، وشراء مؤسسات اعلامية واقلام وعقول وافكار افسدت عبرها عملية المراقبة الشعبية، كما افسدت عبر سياسات هوجاء انفعالية متعجرفة علاقات العراق مع جيرانه ومحيطه العربي والاقليمي.

 

والانكى من كل هذا انها عرضت دماء العراقيين لاخطر موجة اراقة ذهب جرائها مئات الاف من ابناء الوطن، بينما تصدر العراق قائمة الدول في عدد النازحين عن مناطق سكانهم.

فعلوا كل هذا في سنوات معدودة؛ وكل الشعب بل والعالم ايضا يعرف هذه الحقيقية، واليوم يحاولون خداعنا مرة اخرى ببدعة من نوع جديد، تساندهم فيها الاقلام المأجورة، ووسائل الاعلام التي صارت مطية الافكار المجنونة.

 

 هذه البدعة قد تزيد واقعنا مرارة، وتحملنا اكثر مما حملنا اصحابها المعتوهين، بدعة ترمي الى  استبدال النظام البرلماني بنظام رئاسي.

هنا.. انا لست مدافعا عن النظام البرلماني، فأنا ارى فيه خلالا يجب اصلاحه وبالسرعة الممكنة، ولكني ايضا لا اريد ان اسمع ببدعة النظام الرئاسي، كونها اولا ليست مناسبة لبلد مثل العراق متعدد الطوائف والقوميات، ولا اعتقد ان الوقت مناسب لخوض مثل هذه التجارب المربكة وثلث مساحة العراق تحت حكم داعش الارهابي، والسبب الاخر والاهم هو ان من يطرح هذه الفكرة هو ذاته من تسبب بكل الخراب الذي حل بالعراق، وهو المسوؤل المباشر عن دماء العراقيين التي اريقت في جنوبه وشماله وشرقه وغربه، وعن هذه الظروف المزرية التي يمر بها الشعب.

 

 فبأي البراهين والقرائن  يمكن ان اقتنع انا وغيري من ابناء الشعب، ان افكار هؤلاء سليمة، وانهم سيجعلون من العراق واحة غناء في ظل الظروف الحالية، وهم ذاتهم من حوله الى خراب في ظروف كانت افضل..

 

اتريدون الضحك علينا مرة اخرى بهذه البدعة، الا تبا لنظامكم الرئاسي الفئوي الحزبي الفردي، وتبا لكل من روج له وهو غير مقتنع به، وليس له منه  سوى قبض حفنة من الدولارات التي سرقت من افواه الشعب الجائع.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب