23 ديسمبر، 2024 6:08 ص

نصير الدين الطوسي: حياته واهم اعماله

نصير الدين الطوسي: حياته واهم اعماله

اولا: حياته ومؤلفاته
هو أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، المعروف باسم نصير الدين الطوسي فيلسوف مسلم وعالم فلكي وأحيائي وكيميائي ورياضي وطبيب وفيزيائي ومتكلم.
ولد في مدينة طوس بخراسان سنة 1201 (597 هـ). وتوفي في بغداد سنة 1274(672 هـ) .
في بدايته كان ينتمي إلى الإسماعيلية، وبعد ذلك اعتقد مذهب الشيعة الاثنا عشرية.
في سن مبكرة، انتقل إلى نيسابور لدراسة الفلسفة ثم الى الموصل لدراسة الرياضيات وعلم الفلك مع كمال الدين يونس (توفي 639 هـ )، وهو تلميذ لشرف الدين العاصي.
وفي العشرين من عمره اجتاح المغول بقيادة جنكيز خان منطقة خراسان واخذوا بتدمير مدنها الواحدة تلو الأخرى وقتلوا فيها من قتل وفر منهم من فر، حتى ساد القتل والخراب وأصبح الناس هائمين على وجوههم لا يعرفون اين المفر، لكن قلاع الإسماعيليين كانت صامدة في وجه المغول.
اضطر الطوسي للجوء إلى قلاع الإسماعيليين المحصنة للنجاة من بطش المغول، وكان هذا اللجوء بعد الدعوة التي قدمها ناصر الدين عبد الرحيم بن أبي منصور الوالي على قلاع الإسماعيليين الذي كان مهتما بالعلماء والفلاسفة. ثم طلبه علاء الدين محمد زعيم الإسماعيليين من واليه ناصر الدين فذهب به إليه في قلعة الموت، فاستبقاه علاء الدين عنده حتى توفي، ثم استبقاه ابنه الأكبر ركن الدين ، وكان الطوسي الوزير المطلق لدى الإسماعيليين وأنه بلغ عندهم رتبة أطلقوا فيها عليه لقب أستاذ الكائنات. ويذكر بعض المؤرخين انه ذهب مرغما بعد أن تم اختطافه من قبل الإسماعيليين واقتادوه إلى قلعة الموت.
لقد كان الغزو المغولي الثاني بقيادة هولاكو خان حفيد جنكيز خان وهو غزو أكثر ضراوة من الغزو الأول فحتى قلاع الإسماعيليين الحصينة كانت عاجزة عن صد هذا الغزو.
فأرسل هولاكو إلى ركن الدين يطلب إليه الاستسلام، وبعد إرسال عده سفراء من جانب الإسماعيليين طلب هولاكو مجيئ ركن الدين بنفسه للتفاوض، فاستشار ركن الدين خاصته وأركان دولته فأشاروا بالتسليم ليقينهم بان المقاومة ميؤوس منها، فمضى ركن الدين وبصحبته أولاده ونصير الدين الطوسي والوزير مؤيد الدين والطبيبان موفق الدولة ورئيس الدولة، ونزلوا من قلعة الموت مخلفين دارهم التي عمروها مائة وسبعا وسبعين سنة، وكان نزول ركن الدين من القلعة وذهابه إلى هولاكو ايذانا بانتهاء دولة الإسماعيليين في إيران. فغدر هولاكو بهم فقتل ركن الدين ومن معه واستثنى من ذلك الطوسي والطبيبين موفق الدولة ورئيس الدولة، إذ أنه كان عارفا بمكانتهم العلمية والفكرية.
كان المغول أكبر خطر يهدد الحضارة الإسلامية فكانت الامة الإسلامية في ذاك الوقت تعاني من الانقسام والانحلال وكانت الدولة العباسية في بغداد ضعيفة بسبب الانقسامات على السلطة والفساد. أصبح الطوسي في قبضة هولاكو الذي لم يكن يهتم لا بالفلسفة ولا بالرياضيات التي كان يجيدها الطوسي وانما كان مولعا بعلم التنجيم، والذي كان يجيده الطوسي باعتباره من كبار علماء الفلك. كما أن الطوسي كان من كبار الأطباء الذي يحتاجهم أي جيش يغزو بلدان غريبة لا يعرف أنواع الامراض والأوبئة التي توجد فيها.
بعد دخول المغول بغداد أحرقت الآلاف من الكتب وقتل عشرات الآلاف من السكان وفر من استطاع الفرار حتى خلت بغداد من السكان وتمكن الطوسي من انقاذ بعض العلماء مثل ابن الفوطي. كما استطاع أن ينقذ عشرات الآلاف من الكتب النفيسة والاثار العلمية.
تمكن الطوسي بذكائه الفذ ان يتقرب من هولاكو وان يؤثر فيمن حوله وتمكن من اقناع هولاكو ببناء مرصد فلكي كبير وبالفعل في عام 657 هـ/1259م قام بأنشاء المرصد الفلكي في مدينة مراغة وجعل منه أول أكاديمية علمية بالمعنى الحديث، حيث جمع فيها نحو من 400 الف مجلد تحوي على نفائس الكتب في مختلف العلوم وعلى العديد من الكتب التي انقذت من الدمار في بغداد، كما جمع فيه عدد كبير من العلماء مثل ابن الفوطي ومحيى الدين المغربي وغيرهم.
يرى د. عبد الأمير الأعسم، ود. كامل مصطفى الشيبي، ود. عارف تامر، يرون ان الطوسي كان اسماعيليا لا اثنى عشريا. وعلى العكس من هؤلاء يقدم البعض أدلة ترجح كونه اثنا عشريا ، اهمها:
1- مؤلفاته في الكلام والتي اشتملت على مباحث الإمامة والعصمة صريحة كل الصراحة بالتزام التشيع الامامي.

2- إعلانه بالاثنا عشرية خوفا من أن يظن أن إقامته الطويلة لدى الإسماعيلية غيرت من عقيدته فأراد أن يطرح هذا الظن بعيدا ويعلن عن ولائه المستمر لطائفة الشيعة الاثنا عشرية.

اعمال نصير الدين الطوسي:
كتب نصير الدين في علم المثلثات، وعلم الفلك، والهندسة، والحساب، والطب، والمنطق، والأخلاق، والموسيقى، وعلم التنجيم وغيرها من المواضيع. كما ترجم بعض كتب اليونان وعلق على مواضيعها شارحا وناقدا، اشهرها:
– التذكرة النصيرية، وهو كتاب في الفلك. أوضح فيه بعض النظريات الفلكية، وفيه انتقد “كتاب المجسطي” لبطليموس. ويعترف “سارتون” بأن هذا الانتقاد يدل على عبقرية الطوسي وطول باعه في علم الفلك.
وقد كتب نصير الدين مصنفاته باللغتين العربية والفارسية، وترجمت إلى اللغة اللاتينية وغيرها من اللغات الأوربية في العصور الوسطى، كما تم طبع العديد منها.
في كتابه أخلاق الناصري، كتب الطوسي عن مواضيع بيولوجية عديدة. دافع عن نسخة من لسكالا ناتوراي (سلسلة الكينونة العظمى) لأرسطو، حيث وضع الإنسان فوق الحيوانات والنباتات والمعادن.
قام بعض العلماء بتفسير كتابات الطوسي البيولوجية على أنها توحي بأنه يصدق بنوع من نظرية التطور. ومع ذلك، لم يذكر الطوسي بشكل صريح أنه يعتقد أن الأنواع تتغير مع مرور الوقت.
وفي الكيمياء والفيزياء، أبدع الطوسي صيغة لقانون بقاء المادة حيث كتب أن مادة ما هي قابلة للتحول ولكنها غير قابلة للاختفاء. وبالتالي قد سبق اكتشاف الاوربيين لهذا القانون.
كما ألف الطوسي كتاب تجريد الكلام في تحرير عقائد الإسلام ويتضمن بين فصوله الستة أثبات وجود الله وأثبات صفاته وأثبات أفعاله ثم اثبات نبوة الانبياء ومعصوميتهم من الخطأ وأثبات نبوة محمد ثم أثبات الإمامة ومعصومية الأمام من الخطأ وأثبات إمامة علي بن أبي طالب وأثبات المعاد ووجود الجنة والنار، ولا زال يدرس هذا الكتاب ، فقد قيل فيه:
تصنيف مخزون بالعجائب، وتأليف مشحون بالغرائب، فهو وإن كان صغير الحجم، وجيز النظم، لكنه كثير العلم، عظيم الاسم، جليل البيان، رفيع المكان.
اما اهم كتبه في المنطق فهو كتاب شرح الإشارات والتنبيهات لابن سينا.