النصيحة مطلوبة ونقصد مطلوبة في كلا الحالتين ، أن تنصح وأن تسمع ، فلا ضير أن تسمع نصائح الأخرين ولا ضير أن تقدم نصيحة للأخرين ، المهم هو البحث عن طريقة يتفادى بها الإنسان ما ستؤول إليه قادم الأيام من كوارث ومخاطر، النصائح أو النصيحة طريقة عقلية فكرية تميز الإنسان عن باقي الكائنات، الكثير منا لا يعجبه الاستماع ليس لسبب ما وإنما لأنه يعتقد أن الاستماع للنصائح فيه نوع من الاستهانة وتقليل قيمة الذات أو ربما يعتقد أنه العالي والكبير ولا يجوز أن يسمع بل يجوز أن ينطق وما على الناس إلا أن تسمعه فحسب وهذا هو ( الاحمق) وهذا هو أسلوب الكائنات الغير عاقلة بالرغم من إننا محسوبون على الكائنات العاقلة .
النصيحة الأولى لحكومتنا ( كم تمنيت أن تكون رشيدة ) تتضمن تغيير بوصلة الولاء من الجانب الشرقي إلى الولاء الداخلي فالأيام القادمة تدل على أفول الصنم الشرقي بعد أن فقد ذراعه في سوريا وأصبح بلا ذراع والذارع الآخر في لبنان في طريقة إلى الشلل بعد أن فقد الأسد بريق سطوته وسيكون في سلة المهملات التاريخية ، وعليه يجب أن تسارع الحكومة وتسبق الزمن في تغيير نظرة العرب وبالذات العراقيين وتبتعد عن تقديم الدعم لحصان خاسر في السباق النهائي وهذا ما ذهب إليه المرجع السيستاني قبل الحكومة بدعمه للتظاهرات ولكن ليس حبا بل خوفا على الانجازات ، الحصان الخاسر لا يجلب الخير للعراق بل سوف يزيد من حجم المآسي لهذه الشعب الذي عاش في خسارات متوالية منذ عقود ، خسارات سياسية ، خسارات بالأرواح ، خسارات بالاقتصاد ، خسارات عسكرية ، خسارات بمفهوم التقدم بكافة المجالات .
على الحكومة أن تلتفت بصدق لتقديم الخدمات لهذا الشعب الذي كافح لفترات طويلة من ويلات الحروب الخارجة والداخلية وتنفتح مع الكل وتبتعد عن الولاء للمذهب ولو إني اشك بولائهم للمذهب إلا في شهر محرم وفي الشعائر الحسينية لإيهام أبناء المذهب ( الشيعة ) بأنهم مخلصون لحب أهل البيت النبوي وما حبهم لأهل البيت إلا مجرد رياءُ مكشوف ، على الحكومة أن تعمل بالمصالحة الوطنية ليس لحسابهم بل تعملها لحساب شيعة أهل البيت من العراقيين لأننا نعرف أن هروب ساسة العراق محسوب حتما وكل سياسي له دور ينفذه بعدها يخرج من العراق ليعود إلى أهله وعائلته وبلده الثاني بعد أن يأخذ حصته من كعكة العراق ، ولكن عليهم حساب موقف شيعة العراق من القادم إن كانوا فعلا مخلصين لشيعتهم فاغلب شيعة العراق هم ضحايا لساسة الشيعة وجسور بشرية لهؤلاء الساسة استطاعوا من خلال مسيرتهم على ظهر هذه الجسور من تحقيق مصالح فردية ذاتية نفعية .
النصيحة الثانية هي لأهل السنة في العراق وكما هو معروف إن السنة في العراق أغلبهم من الذين ينتمون للعشائر واقصد بعقول عشائرية حتى من كان منهم اكاديمي يحكمها ( التعصب القبلي ) وهذا الانتماء يحتم عليهم الثأر من الذي ذلهم وأنتقم منهم وقتل أبنائهم وذبح اطفالهم وزج بأبنائهم في سجون سرية وما إلى ذلك ، نقول لأهل السنة تعاملوا مع إخوانكم من شيعة العراق وفقا بقوله تعالي (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور ) فالشيعة في العراق أغلبهم براء من تصرفات رجالات الحكومة المحسوبين على شيعة العراق وهؤلاء مهما حاولوا اظهار إنهم بعيدون عن الحقد الطائفي فهم كاذبون لأنهم جاءوا محملون بأحقاد لا يعلم بها إلا الله ومهما صدر منهم من انتهاكات لا تُحسب على شيعة العراق الأصلاء، فأهل العراق معروفين بالطيبة والكرم وإكرام الضيف والشهامة التي لو أردنا أن نقيم مقارنة مجازية بين شهامة كل العالم وشهامة العراقيين وحدهم لكانت الكفة تميل بقوة لأهل العراق بالرغم من وصول تعداد العالم إلى ما يربو سبعة مليارات نسمة ، فما على أهلنا السنة في العراق إلا أبعاد فكرة (( أن كل الشيعة هم مجرمون وكلهم طائفيون )) والحقيقية أن كل الحكومة مجرمة وطائفية بـ ( سنتهم وشيعتهم ) لكن ليس كل شيعة العراق هكذا بل فيهم من المحبين لوطنهم لدرجة لا يصدقها عقل مجنون وعاقل فطوبى لكل من يحب العراق وأهل العراق بكل أصنافهم وأنواعهم.