17 نوفمبر، 2024 9:50 م
Search
Close this search box.

نصيحة مفتوحة إلى السيد المالكي – تكلم بدراية أو أصمت بحكمة

نصيحة مفتوحة إلى السيد المالكي – تكلم بدراية أو أصمت بحكمة

يقول كونفوشيوس:”  العمل دون فكرة مضيعة للوقت ، والقول دون دراية أمر خطير ” ، تلك المقولة جاءت على لسان ذلك الفيلسوف الحكيم ، منذ أكثر من خمسة وعشرون قرناً ،كان يعيش في الصين ، ولم يعرف العراق ، لكن لو قارنّا ما قاله ، بما يجري عندنا اليوم ، فسنجد تطابقاً يثير العجب .
راقبوا مايقوله ويبشرنا به السيد المالكي ومن يحيط به ، من اقتراب الحرب الأهلية في العراق ، لماذا يفترض برئيس الوزراء  أن يصرح بذلك ؟
ماجرى في العراق من أحداث بعد سقوط نظام صدام حسين وماسبقها ،كشفت بشكل جلّي ، مقدار الهشاشة والضمور في العقل السياسي العربي ، فقد صور صدام بصفته قائد الأمة وحامي البوابة الشرقية والمتصدي للمؤامرات  الصهيو / أمريكية – الخ ، فيما بقية الشعب العراقي يتكون من عملاء و خونة وجواسيس ومتآمرين ينفذون أجندات خارجية ، وهكذا حلّت عليهم لعنة الخطاب العربي بنخبه السياسية والإعلامية والثقافية .
مايجري في سوريا اليوم ، جعل الآية مقلوبة ، فقد كشفت الأحداث السورية ، هشاشة وضمور العقل السياسي العراقي بتقديمه النظام السوري على اعتباره حامي البوابة الغربية ، وصمام الأمام للمنطقة ، والقائد الممانع للمؤامرات الصهيو / أمريكية  ، فيما الشعب السوري يتكون من إرهابيين وقتلة ومجرمين ومرتبطين ينفذون أجندات خارجية ..
ماوجه التطابق في ذلك الخطاب ؟
1- حذرّ الخطاب العربي – بل وبشّر- بوقوع حرب أهلية في العراق ومن ثم تقسيمه إذا سقط صدام حسين  ، ما يعني انتقال العدوى إلى المنطقة برمتها .
في المقابل ، يفعل الخطاب العراقي الشيء ذاته محذراً من إن سقوط الأسد يعني حروباً أهلية تحترق فيها دول المنطقة .
2- لم يدرك الخطاب العربي  حجم التحولات التي تشير إلى أن الزمن  الأصلي الدكتاتوريات قد أوشك على النفاد ، وهي إنما تلعب في الوقت الضائع ،وبالتالي فنظام صدام زائل لامحالة .
كذلك لم يدرك الخطاب العراقي بعد ،حجم ماحدث من تحولات اسقطت أنظمة دكتاتورية أخرى في تونس ومصر وليبيا واليمن ، وإن سقوط نظام الأسد بات حتمياً بدوره ، بعيداً عن أساليب التغيير ومدته وشكله ، كما سيأتي دور أنظمة أخرى وإن بطرق مختلفة  .
3- شهد الخطاب العربي تناقضاً مأساوياً ،فبعضه كان يحارب بقوة  نظاماً  دكتاتورياً في بلده ويدعو من ثم إلى الديمقراطية ، فيما يؤيد دكتاتوراً في بلد آخر ، ما يعني أن دعوته انتقائية انتهازية لاتضبطها قيم أو إيمان بالديمقراطية وحقّ الشعوب في الحرية والاختيار ، ومن ثم فهو  يمارس ازدواجية مخجلة ، في وقت ينتقد فيه بشدة إزدواجية أمريكا في تعاملها مع قضايا المنطقة .
كذلك يفعل الخطاب العراقي ، الذي أيدّ الثورات العربية الأخرى بقوة ، لأنها تثور ضد الدكتاتورية التي عاني من مثلها  في العراق طويلاً ، لكنه بات يدعم ويؤيد علناً ، نظاماً دكتاتوريا لايقل قسوة ووحشية بالنسبة للسوريين ، عن قسوة ووحشية نظام صدام بالنسبة للعراقيين.
تلك عينات قليلة مما يتخذه سياسيو العراق ومسؤولوه ، من مواقف تجاه ما يجري في سوريا ، وعليه فلابد من توجيه نصيحة مفتوحة الى السيد المالكي باعتباره رئيساً للحكومة والمسؤول الأول عن صياغة وتنفيذ السياسة العراقية ، مفادها :
إن لم تحسنوا العمل بفكرة – وهو ما أثبتته تجربة حكومتيك  – ولم تحسنوا القول بدراية وتفكّر ، فنرجو أن تحسنوا الصمت بحكمة ، لأن تصريحاتكم ومواقفكم لن تجعلنا نربح سوريا قطعاً ، لكنها قد تجعلنا نخسر العراق – لاسمح الله – بدلالة ماتقوله أنت شخصياً وكل المقربين منك ، فتكلموا بدراية ، أو اصمتوا بحكمة ، ولتخشوا في الوطن لومة لائم . 

أحدث المقالات