من ضمن المعالجات الصائبة والراجحة التي طرحها السيد الصرخي الحسني على طاولة الحكومة من اجل تلافي الأزمة السياسية الداخلية المدمّرة التي لازالت تمرّ على البلاد، بعد ان شخّص الاسباب التي دعت الناس في المناطق والمحافظات الغربية الى حمل السلاح ضد الدولة موجها كلامه كنصيحة قدّمها حينها الى من يمتلكون القرار السياسي في الحكومة العراقية:
(ألا يوجد حليم ألا يوجد عاقل يفكّر؟ عندما تسلب المقابل من كل مقوّمات الأنسانية، تطردهُ من بيته، تسحقهُ: الاطفال النساء العيال في العراق، هنا الناس المهجّرة في الفلوجة، في الموصل، في ديالى، في صلاح الدين، في بغداد، في هذه المناطق، المساكين ينتظرون مساعدات الدول الاجنبية، الدول الغربية، بدلا من ذلك إحتظن هذا الشعب إحتظن هذه العوائل التي خرجَت في هذه المدن إحتظن هذه الناس إعطِ لها، وفّر لها العيش الكريم حتى لاتضطر أن تحمل السلاح عليك…).
كل العراقيين المُنصفين والمطّلعين الذين وعوا اسباب الأزمة ودواعيها يعلمون ويعرفون جيدا ان هناك ظروفا صعبة ومعاملة سيّئة وقاسية صبّت على المجتمع السنّي في المناطق الغربية، عانى منها المجتمع السنّي من قبل حكومة المالكي التي مارسَت معه شتّى ألوان الضغوطات النفسية والامنية والاقتصادية واقساها، وتعاملت معه على اساس طائفي وتكفيري (مُبطّن) أي ان الجميع جميع السنّة في نظر حكومة المالكي في خانة أما بعثيّة او أرهابية او ناصبية وهابية. لذلك فضلا عن حالة التهميش والاقصاء السياسي والاجتماعي السنّي في الدولة على المستوى العملي، بمعنى حتى مع تسنّم بعض السياسين السنّة مناصب في الحكومة، إلا انها لم تكن بمستوى ترجمة المطلوب الذي يحقق رغبات وارادة ومتطلبات المجتمع السني بحياة حرّة كريمة، او ينهض بمستواه المعيشي والحدمي والارتقاء به نحو الافضل.
لهذه الاسباب وغيرها الكثير مما لايمكن حصرها دعَت هذا المجتمع وأضطرّته الى اعلان التمرّد والعصيان والثورة على الحكومة ورفع السلاح ضدها. وبدلا من ان تعيد الحكومة حساباتها امام هذه الأزمة التي كانت هي المسبب الرئيس بخلقها وتأزيمها والتفكير مليّا بعقلائية ووطنية وانسانية وتحتوي هذا المجتمع الذي يشكّل نسبة كبيرة من مكونات البلد، وحتى لاتنقلب الأمور وتنفلت الى ما لايحمد عقباها كما هي الحال والامور الذي وصلت له الآن، وتحتظن هذه الجماهير المنتفضة، وتنزل عند رغبتها وتحقق مطاليبها المشروعة، بدلا من هذا جابهت الحكومة جماهير الغربية بالآلة الحربية والأعلامية فسُخّرت الاقلام والقنوات الاعلامية والمذهبية والاجتماعية من اجل تزوير وتحريف حقيقة قضية الجانب الآخر وتحريفها عن مسارها الاصيل، فجوّعوا وأنتُهِكوا وجوبهوا وقوتلوا وهُجّرت العوائل والاطفال والنساء وقُتِل الرجال والشباب والاطفال..
فكان من ضمن النتائج الطبيعية التي ترتّبت من هذه الأزمة، ان تُرحب تلك الجماهير المنتفضة بأي جهة او حزب او تنظيم عسكري آخر مناويء للحكومة وتنظمّ له وتختلط معه بصرف النظر عن توجّهاته واهدافه طالما هو ايضا يحمل السلاح ضد الدولة.. كما هو الانموذج الحاصل على ارض الواقع الآن، الآلاف من هؤلاء انظمّوا الى تنظيمات ما يسمى بالدولة الاسلامية…
فهل يستطيع أحد من الناس ان يُنكر كل هذا؟.