لسنا في سياق الاعتراض او الامتعاض من استقطاب او اجتذاب بقايا النظام سواء من المحققين المحترفين في الامن العامة سابقاً او رجالات الامن او المخابرات او الجيش وهذا ليس من شأننا فهناك هيئة المسائلة والعدالة والقضاء هما المعنيان في محاسبة ومعاقبة هؤلاء او استثناؤهم او اعفاؤهم من الاتهامات الملصقة بهم.
لا نريد التدخل في شؤون هذه الهيئات او قطع رزق عوائل بقايا النظام من رجالات الامن والجيش سواء كانوا متورطين ام لا.
ليس موضوعنا هو مناقشة اهلية وجدية وشرعية عودة هؤلاء للخدمة والعمل في مؤسسات الدولة الجديدة ولكن ما نريد التأكيد عليه والاشارة العابرة اليه هو المكان او المؤسسة التي يعاد اليها هؤلاء المستثنون من اجتثاث البعث وهذا ما يحتاج الى وقفة مهمة لكي نصون ونحمي المؤسسات الحكومية.
وهؤلاء هم من المحترفين في عهد النظام السابق في شؤون التحقيق وانتزاع الاعترافات التي يحاول النظام السابق تأكيدها بمقولة المقبور صدام ووصاياه لرجال الامن العامة ” استخدموا كافة الاساليب من اجل انتزاع الحقيقة” فبالغ هؤلاء في انتزاعها ونزعوا جلود المعتقلين بل نزعوا رؤوسهم من اجسادهم.
ويحاول هؤلاء قدر الامكان اثبات ذاتهم وتأكيد مهنيتهم وحرفيتهم واخلاصهم بكافة السبل لكي يكونوا عند حسن ظن المسؤولين الجدد الذين بدأوا يتفاعلون باساليب الملق والاحتيال والكذب التي يتفنن بها هؤلاء لكسب عطف وثقة المسؤولين العراقيين في العراق الجديد.
وقد حدثني مسؤول كبير كان مجاهداً ومعتقلاً ومواجهاً للنظام السابق بقوله ان هؤلاء مهنيون واصحاب خبرة ويحترموننا اكثر من غيرهم ممن يحاول الترفع عنا والتكبر علينا بسبب تأريخه وجهاده ولا يتفاعل معنا كما يتفاعل هؤلاء ولن يخدمنا كما يخدمنا هؤلاء!!!
وقد تصرف هؤلاء البقايا العائدين لمؤسساتنا بطريقة لم تخطر على بال احد منا من اساليب التزلف والتقرب والتملق وهي بالتأكيد اساليب تسيل لعاب مسؤولينا وتثير اعجابهم وتدغدغ مشاعرهم وتكسب تأييدهم وعواطفهم وهي فنون لم نتعرف عليها لاننا لسنا من رجالات النظام السابق وكنا نتمنى ان ندخل دورات كسب عواطف الوزراء والمسؤولين باشراف هؤلاء بقايا النظام وان كانوا لم يكشفوا لنا عن اسرار المهنة والحرفة.
المفيد في هذا السياق والنصيحة الخالصة لقادتنا من الوزارء والمسؤولين هو اهمية الاستفادة من هؤلاء البقايا بالمكان الذي لا يلحق الاذى بابناء شعبنا كما لا يؤدي الى اختراقات تمس سلامة المواطن العراقي.
فلا نريد ابعادهم واستبعادهم من هذه المؤسسات حتى لا نظلمهم ونظلم عوائلهم او نجعلهم يصطفون مع اعداء الوطن ثم لو طالبنا فلا احد يستجيب لمطالبنا بل سيتمسك بهم اكثر من اللازم ولا يرتبون اثراً على مخاوفنا.
ولكن اذا كانت عودتهم مفروضة علينا فعلى المسؤولين ابعادهم عن ما يلي:
– مؤسسات الامن التحقيقية فقد يلجأ هؤلاء الى استخدام نفس اساليبهم السابقة في المؤسسات الامنية السابقة ويحاولون ارضاء المسؤولين الحاليين عبر انتزاع الاعترافات القسرية على خصومهم وهو ما يفرح المسؤولين.
– مؤسسات المعلومات والاستخبارات والمخابرات فهؤلاء مولعون بالمعلومات الكيدية ويحاولون توريط اناس ابرياء كواحدة من اساليبهم السابقة.
– المواقع الامنية الحساسة والمنشأت والهيئات كالنزاهة ودوائر العقود والمعلومات والمفتشيات العامة.
وتبقى قضية مهمة جديرة بالتذكير هي ان عشق وعطف المسؤول العراقي على هؤلاء بقايا النظام او القربى منهم لا تبرر الثقة بهم او توخي الحذر منهم وان كانت قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب تحول الى “الرجل النسيب في المكان المناسب”