الأعمال الجيدة والناجحة دائماً تعتمد على الخطوات الأولى لأنها تعبّر بشكل سليم عن الخطوات التي تليها,والمطلوب من حكومتنا الجديدة أن تركز على خطواتها الأولى لكي تتمكن من وضع عملها على السكة الصحيحة للنجاح, وحكومة السيد عادل عبدالمهدي أو حكومة الفرصة الأخيرة كما يسميها البعض هي آخر فرصة للعملية السياسية في العراق فأما أن تنجح وتستمر أو أن تفشل ويصل الأمر الى مفترق طرق بين الشعب والطبقة السياسية لأن الفجوة بينهما أصبحت كبيرة جداً ولايمكن احتوائها.
بالرغم من كل التحديات والضغوطات التي تمارس على الحكومة الجديدة ففي اعتقادي بأن عليها أن تركز على أربع خطوات هامة جداً وتركز عليها في بداية مهامها وستكون هي مفتاح النجاح لكل الأعمال التي تتبعها. الخطوة الأولى هي وضع خارطة طريق للقضاء على الفساد المستشري في كل مفاصل البلد والمباشرة فوراً وبشكل جدي بتطبيق ذلك دون مجاملة وخوف من أحد والعمل على اعطاء الحرية الكاملة للقضاء العراقي ومساندته لأخذ دوره المطلوب في ذلك والمباشرة بدكّ قلاع الفساد الواحدة تلو الأخرى لأنه بدون القضاء عليه فلن تنجح أي خطوة تتبعه ولن تنجح أي عملية بناء في البلد.
الخطوة الثانية هي المباشرة فوراً بسحب كل السلاح الذي يتواجد خارج يد الدولة سواء كان بيد الأحزاب أو الميليشيات المسلحة أو العشائر والعمل على اصدار حزمة من القوانين والتعليمات الشديدة التي تحرّم ذلك وتعتبره من الأعمال التي تهدد أمن البلد واستقراره, وعلى الحكومة أن تلغي وتعيد النظر بكل اجازات حمل السلاح التي تم منحها في الفترات السابقة لمن هبّ ودب,لأن استمرار تواجد السلاح خارج سيطرة الدولة وبهذا الشكل العشوائي يساعد على ضياع هيبة الدولة والقانون وفقدان الأمن والأمان في البلد ويؤثر بشكل كبير على نفور المستثمرين ويهدد عملية الاستثمار في البلد.
الخطوة الثالثة وضع خطط تنموية بأنواعها الثلاثة القصيرة والمتوسطة والطويلة لإعادة إعمار القطاعات المنتجة في الاقتصاد وخاصة الصناعة والزراعة والنقل والسياحة وتخصيص مبالغ من الموازنة العامة لتحقيق هذه الخطوة واعطاء الدور الحقيقي للقطاع الخاص للمساهمة في تحقيق ذلك وعدم تأجيل الأمر أو اهماله بحجة العجز في الموازنة أو الديون الخارجية لأن النهوض بهذه القطاعات تدريجياً سيساهم في رفد الموازنة بمبالغ كبيرة وسيقلل من انتشار البطالة والفقر وسيحرك العملية الاقتصادية بشكل صحيح وسيوفر على البلد أموال كبيرة من العملة الصعبة التي تنفق لاستيراد كل شيء من خارج البلاد.
الخطوة الرابعة المطلوبة هي العمل على السيطرة ووضع يد الدولة بشكل تام على كل المنافذ الحدودية للبلاد البرية والبحرية والجوية وإبعاد الأحزاب والكتل السياسية والميليشيات المهيمنة عليها والتي تسرق وارداتها جهاراً نهاراً لأن هذه المنافذ وارداتها هائلة جداً وتعادل موازنات دول ولو تم السيطرة عليها بشكل كامل من قبل الحكومة فأنا على يقين بأنها كافية لوحدها لتسديد كل ديون العراق بفترة وجيزة ويساعد الحكومة على حرية الانفاق في عملية اعادة اعمار البلد.
ان حكومة السيد عادل عبدالمهدي أو أية حكومة تحلّ محلها لو طبقت هذه الخطوات الأربعة في بداية عملها فانها ستضمن لها النجاح في عملها وستكسب ثقة المواطن بفترة وجيزة وستتمكن من أداء جميع مهامها بشكل أمثل وستجعل المواطن العراقي يجني ثمرة هذه الأعمال من تحسن في كل جوانب حياته ولتمكنت من اعادة جزء من ثقة الشعب المفقودة بالطبقة السياسية التي تحكمه.