18 ديسمبر، 2024 7:06 م

نصيحة الى السيد عدنان الزرفي

نصيحة الى السيد عدنان الزرفي

رغم معرفتي انك سوف لن تجد الفرصة لقراءة هذا المقال في هذا الوقت الحرج لكني اردت ان اكتبه على كل حال كي يكون شاهدا للتاريخ ولعلك تفعل مانصحتك به تلقائيا.
بعد تكليفك بتشكيل الحكومة، إتفقنا أنا واصدقائي ،الذين نعرفك جميعا منذ سنين اللجوء والغربة، على ان من بين الصفات التي تؤهلك للنجاح ليس في تشكيل الحكومة فحسب، بل حتى في تغيير مسار العملية السياسية واعادة قطارها الى سكته التي انحرف عنها منذ ان استولت الميليشيات المنفلته على زمام الامور وبدأت تصنع سياسات الحكومة من خلف الكواليس. أقول اتفقنا انك تمتلك من الصفات التي تساعدك على النجاح منها ان الماضي القريب يؤكد انك جريء في اتخاذ القرارات الخطيرة في الاوقات الصعبة وهذه من أهم الصفات التي يحتاجها أي رئيس مجلس وزراء في هذه المرحلة التي تمثل مفترق طرق: إما استعادة الدولة من الفاسدين والمارقين الخارجين على القانون واما الانحدار الى اللادولة.
الصفة الاخرى التي تمتلك هي الكاريزما ودماثة الخلق وهاتان الصفتان مطلوبتان للنجاح في المفاوضات مع رؤساء كتل عنيدين ولغ بعضهم بدماء الابرياء والبعض الاخر أسرف في أكل مال اليتامى والأرامل والشيوخ. ان المسالة بالنسبة لهؤلاء مسالة وجود لذا سيقاتلون بانيابهم واظافرهم إما طمعا باستمرار تدفق الاموال الحرام عليهم واحزابهم وإما خوفا من ان ينتهوا بالسجون لعظم ماارتكبوا من جرائم. النوع الاخطر من هؤلاء جميعا، هم العقائديون الذين يعتقدون ان على العراقيين جميعا ان يضعوا ارواحهم واموالهم لخدمة مشروع إسلامي طائفي يواجه بمفرده المجتمع الدولي وكأنهم (أي العراقيين) منذورين للموت قبل أن يولدوا.
الصفة الاخرى الأهم التي تمتلك هي الحنكة السياسية، أثبتت السنوات الماضية أنك سياسي يعرف ماذا يفعل وماذا يقول أين ومتى لذلك وصلت الى ماوصلت اليه دون دعم حزب عريق او عشيرة ساندة وشققت طريقك وسط حشد من المتربصين بك.
هذه هي افضل فرصة يمكن ان تحصل لاي انسان على وجه الارض وضياعها هو أسوء فعل يمكن ان يقوم به اي انسان في الكون. أن مثل تكليفك بتشكيل الحكومة كمثل فقير يربح مليارا في اليانصيب فيستطيع أن يبني امبراطوية مالية أو يخسره في صالات القمار بعد اشهر ويعود الى التسكع. أنا هنا لااتحدث عن المال بل اتحدث عن التاريخ الذي سوف تساعدك هذه الفرصة على صنعه إن استطعت استغلالها الاستغلال الأمثل.
سيد عدنان إن مررت حكومتك، فستسطيع ان تغير مجرى التاريخ العراقي وتخلق مجدا لابنائك واحفادك وستحجز مكانا لائقا لك بين قادة العراق العظام كما حجز كمال اتاتورك مكانه في تاريخ تركيا وكما حجز نيلسون مانديلا مكانه في تاريخ جنوب افريقيا وكما فعل مهاتير محمد في ماليزيا والشيخ زايد في الامارات العربية المتحدة. هؤلاء ليسوا ملائكة بل هم بشر توفرت فيهم صفات القيادة والامانة وحب الوطن . المجد بين يديك الآن فلاتضع الفرصة وتنتهي كما انتهى سابقوك ممن حكم العراق في الخمسين سنة الماضية.
وان نصيحيتي لك هي ان اردت أن تحصل على موافقة الكتل السياسية فاقبل بمن يرشحون للوزارات، وحينما يتم تنصيبك، راقب وزرائهم عن كثب واحرمهم من الوصول الى المال العام وحينها لايستطيعون استحصال اموال لمكاتب احزابهم الاقتصادية وقد لايستطيعون حتى استحصال مادفعوا من أجل مناصبهم. فان سلكوا طرقا ملتوية، فسقهم للمحاكم ولا أعتقد ان كتلهم ستواجه الجماهير وتدافع عن متهمين بسرقة المال العام لان الانتخابات ستكون على الابواب ولااعتقدهم سيغامرون بسمعتهم في وقت يبدأ به الجميع بحملاتهم الانتخابية. ثم أنه سيستحيل اتفاق الكتل على سحب الثقة عن حكومتك وفق هذا التباين الايديولوجي والمصلحي الكبيرالذي تشهده العملية السياسية هذه الايام. وان استطاعوا سحب الثقة عن حكومتك وهذا شبه مستحيل، فسيكون كل الشعب معك وستسجل سابقة لم يسجلها سياسي قبلك وستفوز حتما بثقة الجماهير في الانتخابات القادمة التي حتما ستكون على بعد عدة اشهر ان حدث هكذا سيناريو.