أقرب طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، ذلك هو اليقين أو الحقيقة التي لا يحجبها غربال، أما غير ذلك فلن تكون إلا مضيعة للوقت.
تعلمون جيداً أيها الأشقاء والجيران أن إتفاقياتكم ومعاهداتكم التي وِقّعت بعد عام ٢٠٠٣ كانت في غفلة من الزمن وشقيقكم العراق يعيش أضعف مراحل حياته، ويحكمه البعض من إرتضوا لأنفسهم الأكل من خيرات بلدهم والإرتماء في أحضان بلد آخر، وتلك هي مصيبة العراق في عراقيته.
تُدركون إن إتفاقية خور عبدالله التي نقضتها المحكمة الإتحادية العراقية مؤخراً إعتراف صريح بأن العراقيين مهما طال بهم المرض لابد من الشفاء من أسقامهم والعودة إلى دورة الطبيعة في حياة الشعوب ولابد لليل الطويل الذي يعيشه العراقيين أن ينجلي، ولابد لكل خائن وعميل ومرتزق أن يرحل، فلا يصح في نهاية المطاف إلا الصحيح.
لن تأتي الأحقاد والضغائن وشراء الذمم بنتيجة، فقد جربتم منها الكثير، وتذكروا مواقف شقيقكم في الدفاع عن العروبة والهوية العربية عندما كان يُطلب منه التضحية، لاتبخسوا أرض العراقيين فهي غالية بل مقدسة كما هي أرضكم مقدسة عندكم، تعلمون كيف يسترخص العراقي حياته في سبيل الأرض، فحقناً للدماء أيها الأشقاء تعالوا للجلوس على مائدة الحوار.
من الحكمة والعقلانية أن تبدأوا بفتح صفحة جديدة عنوانها التسامح وكتابة معاهدات وإتفاقيات جديدة يقودها خبراء ومختصين، وخرائط ترسم الواقع والحقائق للبلدين وليس لمصالح أحزاب وشخصيات ومنافع زائلة، نعم أولئك مهما طال بهم الزمن هم زائلون، راحلون وسيأتي غيرهم وستضطرون إلى التفاوض من جديد والرجوع إلى نقطة الصفر.
منذ تسعينيات القرن الماضي ولغاية الآن مازال التوتر والقلق يعبث بالشعبين دون حلول مع العلم أن تلك الحلول بسيطة لا تحتاج إلى ذلك التعقيد والتشنج، حلول أساسها التفاوض على أُسس علمية ومنطقية وقوانين تثبت حقوق البلدين دون أن يكون هناك تجاوز من أي طرف على الآخر.
أموالكم التي تدّعون أنكم أنفقتموها لشراء ذمم سياسيين ومسؤولين عراقيين للتنازل عن مساحات من أرض العراق لن تُجدي نفعاً وأنتم تعلمون حقيقة هذا الأمر.
إلى أين يسير بكم المطاف، زرتم من تعتقدون أنه صاحب القرار في إرضائكم، حاولتم ثني العراق عن قراره، لكنكم واهمون فالشعب العراقي لن يقبل أن يُستقطع جزءاً من أراضيه حتى لو تنازل عنها حفنة من السُرّاق واللصوص.
أخطاء الماضي وتلابيب أحزانه ذهبت مع الذين رحلوا، وغادرت مع أيام الأنظمة السابقة، فما يضير من فتح صفحة جديدة مع الجار والشقيق بدل الإحتقان والعنف الذي لن يؤدي إلى نتيجة، العراق جار للكويت لن تستطيعوا أن تتخلوا عن تلك الحقيقة أو تمحوها من خرائط العالم، وهو الشقيق الذي لا يمكن إنكاره، فماذا أنتم فاعلون؟.
إجمعوا أمركم وقراركم في البدء بترسيم الحدود بين بلدين وفق حُسن الجوار ومبادئ التعامل بالمثل الأخوي وليس حسب قانون الإستقواء وكسر الإرادات لشعوب تعلمون جيداً إن مرضها مهما طال فلابد أن تشفى من ضعفها… أليس كذلك؟ نُذكّركم عسى أن تنفع الذكرى وكما يُقال “الدين النصيحة”.