19 ديسمبر، 2024 1:13 ص

نصوص ومقامات المحياوي خارج رحمة الأرقام الزمنية

نصوص ومقامات المحياوي خارج رحمة الأرقام الزمنية

تجربة الشاعر الدكتور عبد الحسن خضير عبيد المحياوي في ماأسماه( خواطر شاعرية ومقامات ) وأحالها الينا عبر هذه المجموعة الشعرية وضمت مائة وأربعة (خواطر ) ومقامات سبع ،هي تجربة تقوم أساسا على الميل الوجداني وترتيب دفقه بين نص وآخر فتغدو ماأسماه بالخواطر نصوصا شعرية خالصة على مستوى الشكل أولا وكذلك والأهم على مستوى المضمون حيث خاطب الشاعر من خلال مضامينه المختلفة عدة قضايا منها الكونية ومنها الهاجس الذاتي ضمن الحياة العامة ومنها الشخصي والعاطفي الصرف ومنها الوصفي الذي يعبر عن غاية ما ،ومنها السوح في عالم الخيال وتجاوز الخيال نفسه ، كل تلك الإتجاهات في محاولته لرسم خارطته الشعرية أفاضت بالكثير مما سكن في الباطن المعتم ضمن سِفره في

إطلاق مكنوناته البوحية كي يتلمس دربه بجدية الحياة بعيدا عن العالم الحجري مادام قد صنع من كلماته حريته المطلقة وأصبح إيابه وذهابه خارج قوانين الإلزامية ، وهو يعني أن سعادته الشعرية تكمن في ذلك التحرر الذي لايقع فيه الشاعر تحت رحمة الأرقام الزمنية :

تأملت عمري الذي مضى …

رأيتهُ مرَّ … ثواني

أوقفتهُ وسألتهُ

كم بقيّ من الباقي

سألني..

كم بقيَ من الزمان ..؟

لاشك أن الشاعر عبد الحسين خضير وهو ينتج نصا يفكر في الذي يأتي فيما بعد سواء في النص أو في النص التالي وتلك التكوينية تعني أن الشعر ليس هاجسا تسيره اللحظة الآنية لحظة الحضور والإنقطاع بل أن نصوصه تخضع لمتواليات إمتدادها المكاني وإمتدادها العاطفي عند تجسير نصوصه نصا عبر آخر

،ولاشك أن فعل الحدث وطبيعة المؤثر إضافة لتزاوج اللقطات البصرية والفعل التخيلي تجعلان تواصل النصوص مستديما عبر أي من اللحظات التي يخلقها الشاعر للبدء بعملية الإنتاج، ونجد ذلك واضحا في (منفى في الوطن – الشاهد والصمت – سطوة القدر ) وغيرها من الرثائيات التي تحمل المعنى الذي أشرنا اليه ،في حين تأتي نصوص أخرى ضمن تلك المقتربات لتشكل نمطها الخاص في ترتيب سريتها وكيانها الشعري وبيئتها المركزة ضمن موجودات متقاربة في التكوين ووظيفة الإستخدام كما هو الحال في نصه ( العشق السرمدي ) حيث يكتمل النص بوجود ( القمر – السحاب – النجوم – الصدى – الدف .. )أي أن هاك وحدة في الإستخدام من خلال التلاعب في تلك الموجودات لتسيير هذه المفردات الى مكانها المناسب في الشوق السرمدي ، ولربما يعني الغرض من ذلك كشف قدرة الشاعر لتجاوز التكرارية وتجاوز المتشابهات رغم إستخدامة مفردات معدودة ذات وظيفة محددة لكنه إستطاع أن يشكل من خلالها ومن خلال العديد من تلك المفردات التي تنتمي لذات الوصف نصوصا مبهرةً لها خصوصيتها التي تقع خارج ماتعطيه تلك الدلالات من المتوقع من الصور الشعرية وبذلك فأن الدفق الرمزي ليس بالضرورة أن

يكون غرائبيا لتحقيق أبعاد غير مرئية في النص إنما يكفي لذلك قدرة الشاعر على تحسس المواضع الملائمة للصورة الشعرية ضمن المعطى الروحي الذي يقدمه النص الشعري .

يوزع الشاعر بعد ذلك مما تبقى من مجموعته الشعرية على حقل مقاماته ( المقامة الأديبية – القاضي الغافي … والكاتب الحافي – المقامة الفرهودية – المقامة الواوية – وغيرها من المقامات )والتي تشكل هذه المقامات خطابا نثريا يتناغم مع قوة السجع والموسيقى الشعرية وكأنك تقرأ في هذه المقامات أشياء شبيه بقصص ألف ليلة وليلة لكن تلك( القصص – المواعظ – الأناشيد – التوصيات ) أتت بإستخدامات حداثوية لتكمل مغزى الشاعر في نصوصه الشعرية وما أشار اليه في مقدمة مجموعته هذه من أنه يبحث عن السعادة ليوهبها الى المتلقي ،

[email protected]

هامش / خواطر شاعرية ومقامات / مجموعة شعرية للشاعر د عبد الحسن خضير عبيد المحياوي/ الصادرة من دار نشر العصامي / بغداد 2015