عبد الوهاب الساعدي، أسم، لمع خلال وبعد معركة الموصل، وتناقلته وسائل الإعلام وهو يتنقل بين المقاتلين ويتلقى المدنيين من سكان الموصل المفجوعين من هول المعارك من النساء والأطفال. لم يكن الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي أبن العراق البار، يتصور وهو يؤدي واجبه كقائد عسكري ويقاتل مع أبنائه وأخوته من الجنود البواسل في الجيش العراقي، وهم يدافعون عن شرفهم وأرضهم ووطنهم ضد الدواعش الاوغاد في معركة تحرير مدينة الموصل، أن ينهال عليه هذا الكم الهائل من المدح والإطراء والتوسم والتوسل بشخصه من قبل العراقيين. شخصياً أُكن للرجل كل تقدير وإحترام . الرجل لم تأتي به الصدفة والحظ لهذا المنصب، بل رتبته العسكرية وخبرته القتالية، وكفاءته الميدانية هي التي أهلتهُ ومكنتهُ من تسنم هذه المسؤولية الكبيرة، تم تكليفه بإدارة العمليات في مدينة الموصل، وكان المسؤول ألاول والمباشر عن وضع الخطط وتحريك القطعات العسكرية هناك. حتى في العراق اليوم، رغم الكثير من المتغيرات، وحالات الفوضى والوساطات والمحاصصة والطائفية في شغل المناصب والأدارات، ألا أن مثل هكذا مواضيع حساسة، وإدارة للمعارك وتحرير المدن والرهائن والعمليات القتالية والمعلومات الاستخبارية، يجب أن توكل لذوي الاختصاص والخبرة والكفاءة لان تبعات هذه الامور تكون كارثية ووخيمة اذا وكل الأمر لغير أهله .
أما الشكر والثناء والتقدير على أتمام المهمة فهي من حق الجميع، والجهات المختصة والمؤسسة العسكرية معنية بذلك، وحسب ماهو معمول به في مثل هكذا ظرورف . ويجب أن لا يُنسى بقية القادة والجنود ألابطال المشاركين في المعارك، والذين لولا فضلُ الله ثم تضحياتهم الكبيرة في ساحات القتال والوغى لما تحررت الموصل وبقية المدن العراقية من الدواعش، والتي سُلمت لهم وعلى طبق من ذهب .!!
ولكن، ما لفت نظري مجموعة من الكتابات والمنشورات في الصحف والمواقع الاجتماعية، الغريبة بعض الشيء، والمريبة أحيان أخرى . فمثلاً، هناك من يطالب الساعدي بإنقلاب عسكري على المنطقة الخضراء، وأخر جعل من شخصه المنقذ والمخلص للعراق مما يعاني من فساد وأنعدام للأمن والخدمات، ومنهم من يكتب له، وعليه، القصائد والأبيات !! فهذا حالنا وديدننا كعراقيين . عند الخروج من كل أزمة، فبدل أن نتكاتف ونكتشف سبب الأزمة ونخرج منها بالدروس والعبر والعظات، تزيدنا ألازمات فرقة وشتات، فمنا من يختار المدح والإطراء، ومنا من يختار القدح والهجاء، منا من ينبذ الحرية ولايرضى بغير العبودية !!
يقول علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين ص62 (وقد أعتدنا على أحترام الغالب الفاتح مهما كان نوعه) ويقول أيضاً في نفس الصفحة (لم يبقى في هذا البلد على مر ألاجيال ألا من كان مزدوجاً أو منافقاً – يحترم من لايحب ويحب من لايحترم) ويقول أيضاً في نفس الكتاب ص64(دأبنا أن نهاب المترفين ونحترم الجلاوزة الضخام، وسوف لن نحصل في دنيانا على غير هولاء – مالم نغير هذه العادة الخبيثة) .
الجلاوزة والضخام نحنُ من نصنعهم، وعندما يتصور مَن صنعناهُ وتيقن بأنه القائد الأوحد، ويبدأ بالأستخفاف بنا وبمصيرنا، ننهال عليه بالشتائم والسباب، ونتضرع الى الله مخلصين له الدين كي يُنجينا منه، ودون أن نتحرك قيد أنملة لتكسير الصنم الذي صنعناهُ بأيدينا البائستين..!!
الفريق عبد الوهاب الساعدي أدى واجبه ومهمته، ومن المفروض أيضاً على السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي أن يؤدي واجبه ووظيفته في خدمة شعبه ووطنه، العراق ؟؟ حتى الرئيس الامريكي دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الامريكية، الراعية والحافظة لكل دول المنطقة، هو الأخر يؤدي وظيفته ومهمته دون كلل أو ملل، فالرئيس ترامب رفض أخذ الراتب الرئاسي والبالغ 400 ألف دولار سنوياً تدفع له عبر مرتبات شهرية، ولكن القانون الامريكي يمنع العمل الرئاسي دون راتب، فقرر أخذ دولار واحد، فقط، راتباً سنوياً، مقابل وظيفته وخدمته للأمة ألامريكية !!
أذاً، أين المشكلة، وماهو الغريب والمثير في الموضوع، في أن يؤدي ألانسان والموظف وصاحب المسؤولية، واجبه ووظيفته ومسؤوليته على أفضل مايكون ؟!
المشكلة، هو شح المخلصين وإنعدامهم في العراق، عراق البلايا والمحن، فهي التي جعلت العراقيين يتخبطون، ولايميزون بين الحقوق والواجبات، وأن يصنعوا مايشاءوا وكيفما شاءوا …!!!!