شعور جميل حينما نستذكرعملنا المهني خلال السنوات الماضية ، ( لا سيما ونحن نقترب من نهاية العمر ) ، وتدوين كل ما هو ممتع وجذاب وساحر ، نتيجة هذا العمل المثمر والجاد الذي يمنحك مفاتيح النجاح ويحقق لك أهدافك المنشودة ، فضلا عن الشعور بالثقة العالية بنفسك خلال مسيرتك المهنية الطويلة التي تمتد الى أكثر من ( نصف قرن ) من الزمن ، خصوصا حينما ينقسم العمل الى قسمين جميلين وممتعين هما العمل الصحفي والعمل السياحي في آن واحد ، وما أكثر الأشياء التي تجعل الناس سعداء في عملهم الذي يمتزج بمشاعرالرضا في النفس والعمل بمنتهى الحيوية والصدق والوفاء والنشاط والأندفاع الذاتي نحو تحقيق الحلم لتأسس ( هوية وأسم ) يليق بك ويعزز رسالتك الأنسانية والمهنية ، كما تترك بصمة وأنطباع بين الأصدقاء والزملاء في العمل ، ليبقى ( أسمك ) الوحيد الذي يتذكره الناس بعد الأبتعاد عنهم أو بعد رحيلك من عالم الدنيا .
خطر في بالي منذ فترة بتدوين مذكراتي خلال مسيرتي الصحفية والسياحية التي أمتدت لأكثر من ( 50 ) عاما مضت من عمري ، وهي مرحلة الشباب والمراحل العمرية التي تلتها … وتجسيد ذلك في ( كتاب ) ، يكون الحصيلة النهائية التي من خلاله يمكنني أن أدون كل ما يجول في مخيلتي وذاكرتي التي ( تخونني ) بعض الشيء أحيانا ، ولكن !! لا بأس أن أدون جزءا من هذه الذكريات الجميلة التي تذكرني بعملي الصحفي الممتع ، ومع الأصدقاء والزملاء الرائعين الذين عملت معهم لفترات طويلة … ( وقد توقفت قليلا في كل محطة أجدها ضرورية ) ، كونها تركت في قلبي أثرا كبيرا و مشاعر جياشة وفرح عظيم وأحاسيس صادقة لا تنسى ، كما تركت شوقا ولهفة ودفء لا يمكن تجاوزها أو التخلي عنها … وفي هذا الكتاب أكتفيت بهذا القدر مما ذكرت فيه ، وأقدم ( أعتذاري ) الشديد لكل زميل لم أذكر أسمه بسبب ( النسيان وتقادم العمر ) … وقد جمعني عملي المهني والصحفي مع نخبة خيرة من الزملاء الصحفيين والأعلاميين والمصورين والشعراء والمصححين اللغوين والمصممين والمهن الأخرى في عالم الصحافة .
من جانب أخر هناك العديد من الذكريات الجميلة التي تركت أيضا مشاعر كبيرة في قلبي ، هو ( عالم ساحر وأستثنائي في كل شىء … فريد من نوعه … تجتمع فيه الثقافات والتأريخ والطبيعة الخلابة … مليء بالتقاليد الجديدة والأرث المعماري الأثري والتراثي ) عالم لا يقل أهمية عن عالم الصحافة ، أنه الحلم والجاذبية ، عالم ( السفر والسياحة ) وقد أمضيت سنوات طويلة من عمري في هذاالمجال وفي هذا العالم ( الساحرالغريب العجيب ) كانت بحق سنوات ممتعة وذات شجون ، وسأتوقف أيضا في العديد من المحطات السياحية التي لا زالت في ذاكرتي ولا أريد أن انساها أبدا .
أن الذكريات المدونة في الكتاب تمثل ( 10 ) بالمائة من المواضيع واللقاءات والواجبات والأعمدة الصحفية والمقالات والتحقيقات المصورة التي أتذكرها حاليا وأن ( 90 ) بالمائة من المواضيع والتي تقدر بالآلاف تعتبر في ( طي النسيان ) ولم أتذكر شيئا منها … وقد أستغرقت الكتابة عندي أكثر من ( أربعة أشهر ) متواصلة ليلا ونهارا دون توقف لحين أنجاز الكتاب ( الذي سيرى النور قريبا ) بالشكل الجميل الذي يحتوي على ( المانشيتات ) والعناوين الفرعية المعبرة فضلا عن الصور الجميلة المشوقة ، والحروف بالألوان الزاهية التي أضافت للصفحاتالداخلية جمالا ورونقا .
لابد هنا أن أسلط الضوء على بعض مما ذكرته في هذا الكتاب الذي يحمل عنوان ( خمسون عاما بين الصحافة والسياحة ) … أذ شهدت فترة السبعينات من القرن الماضي ( وحينها كان عمري لم يتجاوز السابعة عشر ) كتابتي للشعرالشعبي ، ومشاركتي في بعض الأحيان في الأمسيات الشعرية والمهرجات التي تقام في القاعات العامة ، فيما كان الزميل الصحفي الشاعر المبدع ( عادل العرداوي ) ينشر لي بعض القصائد في ( جريدة الراصد ومجلتي الفكاهة والمتفرج ) ، من جانب أخر وأيضا في فترة السبعينات كانت أذاعة بغداد تذيع لي بعض القصائد الشعرية ضمن برنامج ( الشعرالشعبي ) وكان بصوت الزميل الشاعرالمتألق ( ناظم السماوي ) ( معد ومقدم البرنامج ) الذي كان صوته يتميز بالأحاسس المرهف والأداء الجميل ، وكانت ترافق قصيدتي ( الموسيقى الهادئة ) ، لا سيما وكان البرنامج يذاع بعد منتصف الليل .
باكورة عملي الصحفي الذي كان بداية العام ( 1979 ) في مجلة ( فنون ) التابعة للأذاعة والتلفزيون ، وقد أجريت العديد من اللقاءات الفنية المتميزة لنخبة من الفنانين العراقيين والعرب من الرواد والشباب ، كما عملت في العديد من الصحف والمجلات العراقية ، والأنتماء الى نقابة الصحفيين العراقيين والأتحاد العام للصحفيين العرب ، وأصبحت عضوا في منظمة الصحافة العالمية ، وكتبت الآلاف من المواضيع والتحقيقات والأخبار والأعمدة الصحفية ، كما التقيت المئات من المسؤولين في دوائر الدولة من الوزراء والمدراء العامين وكبار ضباط الجيش والشرطة والمحافظين وغيرهم .
من جانب أخر كانت لي وقفة أخرى بالأضافة الى العمل في الصحفي وهو العمل في المجال السياحي وفي العديد من الشركات السياحية في العراق بصفة ( مدير السياحة ) في تلك الشركات ، وتم أيفادي من خلالها الى العديد من الدول العربية والأوروبية للتعاقد مع الشركات السياحية لجذب السياح الى المنتجعات والمصايف والأماكن التراثية والأثرية في العراق ، وكذلك تسويقالكروبات السياحية والعوائل العراقية من بغداد الى هذه الدول ، فضلا عن قيادتي للمجاميع السياحية ، بعد تمكني من أجراء العديد من العقود مع الجامعات العراقية والدوائر الحكومية والنقابات والأتحادات على تسييرالرحلات المنظمة في الباصات السياحية الحديثة للعوائل والطلبة والموظفين والمواطنين الى ربوع شمالنا الحبيب ، وأيضا السفرعن طريق الخطوط الجوية المختلفة الى الدول العربية والأوروبية التي تم التعاقد معها .