23 ديسمبر، 2024 5:31 ص

نصب الحيوان المجهول والمقابر الجماعية

نصب الحيوان المجهول والمقابر الجماعية

قد يستغرب القاريء الكريم من العنوان, فالمتعارف عليه ان الدول تضع نصباً للجندي المجهول تعبيراً عن اعتزازها بتضحيات ألجنود الذين قضوا في المعارك من دون ان يتم التعرف على هوياتهم, او الذين فقدوا في الحروب ولم يعودوا. فقد جرت العادة على وضع نصب تذكارية للجندي المجهول, لكن ان يوضع نصب للحيوان المجهول فهذا الأمر فيه غرابة, بيد أن البريطانيين فعلوه, حيث يقف شامخا في قلب لندن وبالتحديد في المنطقة الواقعة بين (الهايدبارك كورنر) وبين (بارك ان) يقف نصب معبر تخليدا للحيوان المجهول الذي شارك في حروب بني البشر ونَفَقَ فيها. ان فكرة النصب هي لتذكير الانسان ببشاعة جرائمه, وكذلك بالدور الكبير الذي لعبته الحيوانات في الحروب. حصان والى جنبه كلب ومن ورائهما جدارية فيها جرد بانواع الحيوانات التي استخدمها الإنسان في حروبه ضد اخيه الإنسان هذا ما يتشكل منه النصب اللندني, وهي فكرة تستحق التوقف عندها والتأمل فيها, لأنها تعكس المضامين الراقية لثقافة الشعوب الاوربية التي تولي الحيوان الإهتمام كما تولي بني البشر. ما ان وقعت عيني على النصب حتى قدح في ذهني العراق بلد المقابر الجماعية التي انتشرت في طوله وعرضه, والتي احتوت على رفات عشرات الألوف من الابرياء من شيعة العراق, ورحت اتساءل, لماذا لا يوجد نصب تذكاري في العاصمة بغداد معتد به يخلد ذكرى شهداء المقابر الجماعية ليكون شاهداً على جرائم حقبة الديكتاتورية البائدة بحق الشعب العراقي عامة وشيعة العراق خاصة؟ الا يستحق هؤلاء الشهداء والذين وصل التحالف الشيعي الحاكم باسمهم الى الحكم الإشادة بتضحياتهم او تذكرهم؟.
لم اسمع او اقرأ عن امة او جماعة او مجموعة بشرية تنكرت لشهدائها كما تنكر شيعة العراق لمقابرهم الجماعية. لو ان المقابر الجماعية كانت لدى امة غير شيعة العراق لفعلوا لأجلها الاعاجيب, وحتى يوم المقابر الجماعية الذي يصادف السادس عشر من شهر ايار من كل عام ما كان له ان يُعتمد ويرى النور لوﻻ الأكراد الذين خلدوا شهداءهم في الانفال والغازات السامة والمقابر الجماعية بنصب رائع في مدينة حلبجة. لا ادري لماذا يتنكر شيعة العراق لمقابرهم الجماعية, وهل لهذا الأمر علاقة بمايسمى (المصالحة الوطنية)؟ ام ان هنالك من يريد ان يجرد شيعة العراق من تراثهم الانساني المأساوي ويمنع تشكيل ذاكرة جماعية ؟سؤال بحاجة إلى إجابة