23 ديسمبر، 2024 4:24 م

نصباً للإبادة الجماعية والحرية

نصباً للإبادة الجماعية والحرية

الإله الرومانية عند الإغريق قديماً والتي اسمها (ليبيريتاس) كانت تعبرعن التحرر من العبودية والقهرواستبداد الحكام الفاسدين الذين يريدون الاستيلاء على مقدرات شعوبهم متفاخرين بطغيانهم وتحطيم كل أمالهم,الإله هي المرأة التي تمثل نصب الحرية في مدينة نيويورك الأمريكية والذي قدم كهدية من الشعب الفرنسي للشعب الامريكي سنة 1886, بهدف توثيق عرى الصداقة بين البلدين بمناسبة الذكري المئوية للثورة الأمريكية (1775-1783).
التمثال وضع في ليبيرتي ايلاند(جزيرة الحرية) في مدخل ميناء مدينة نيويورك،فهو يرحب بالمهاجرين الجدد لأمريكا قام بتصميمه فريدريك بارتولدي بينما صمم هيكله الإنشائي غوستاف إيفل.,وتكمن فكرته ان (ليبيريتاس )هذه السيدة تمسك بيدها اليمني مشعلا يرمز إلي الحرية، بينما تحمل في يدها اليسري كتابا نقش عليه بأحرف رومانية جملة “4 يوليو 1776″، وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي، أما علي رأسها فهي ترتدي تاجا مكونا من (7 )أسنة تمثل أشعة ترمز إلى البحار السبع أو القارات السبع الموجودة في العالم.
اليوم في العراق هنالك ليست عمليات قتل لآلاف الأبرياء العزل من صغار وكبار شيوخ ونساء واطفال ،بل هي حرب أباده جماعية ضد شعب ناضل عقود من الزمن في ان يعيش بحرية وكرامة رافضاً الارهاب وبكل اشكاله ومن يقف وراؤه،هذه التضحيات الجسيمة التي خلفتها العمليات الارهابية لاجرامية .من آثار نفسية عميقة على العراقيين,ليس فقط ما يحدث من مآسي بعد احدث التغيير الذي طرأ على البلد ,بل وما تركه وجود النظام الدكتاتوري من ثقافة الاعتداء والتجاوز والفساد بسبب سياساته التي كان يظن انها ستخدمه لأطول فترة ممكنة في الحكم,وكذلك الأنظمة السابقة التي حكمت العراق ولأكثر من أربعة عشر قرن قضاها الشعب في استبداد الجلاوزة التي كانت تنظر للفرد العراقي بعين الازدراء والانتقاص والسعي لتستقطع منه الجزء الانساني وتحوله الى عدو يحارب بناء الدولة لقضائها على روح المواطنة لمواطن ينتهز الفرصة تلو الأخرى ليسدد لها الضربة في محاولة لأخذ الثأرمن نفسه .
هذه المسيرة الطويلة التي طرزت معالم مليئة بالدروس والعبر والمواقف لحقب من زمن المآسي والآلام والتحدي والإصرار والإرادة على مواصلة الحياة ,فمن الاجدر والمهم جداً ان تحاكي هذه المسيرة العالم برمز او نصب يمثل(جريمة الإبادة الجماعية والحرية) الابادة الجماعية التي لم يعرف العالم مثلها او نظيراً لها في جميع الدول التي عاشت فترة حكم الدكتاتوريات وبطشها,أمهات ثكلى وجيش من النساء الأرامل,وجيش اخر من الأطفال اليتامى وأجساد مقطعة ومتناثرة ومحروقة ومدارس للتعليم تهدم على صغارها ,ومجالس عزاء تقام لضحايا الشهداء تباد على بكرة ابيها, لم اسمع طيلة حياتي ان هنالك قتل للإحياء في عزاء الأموات,بل حتى في زمن الجاهلية وقبل مجيء الإسلام كان للعرب مبادئ وإباء يأبى كبارالقوم  التنازل عنها ,وحرية الراي والتعبيرالتي منعت وسمح بممارستها فقط مدحاً وتشكراً لظلم الطاغية وعرفاناً منه بقتلنا .
هذا النصب نريده رمزاً عملاقاً وشاهقاً يسر الناضرين اليه ومن كل صوباً وحدب وعلى بعد عشرات الكيلومترات سيقول هنا بدأت الحياة والأمل،يوضع عند مدخل الوافدين للعاصمة بغداد.
نصبا يرمزللمحبة والتعايش السلمي ,ونبذ الأحقاد وفي الوقت نفسه يذكرنا بقسوة الطغاة وظلمهم ,ليبقى يسرد للأمم بأسرها وللأجيال اللاحقة من شعبنا كيف صمد الأحرار من كل أطياف الشعب؟,وكيف قارعوا وتحملوا أنواع العذاب غير مبالين بمصيرهم ؟لانهم أصحاب قيم والمبدأ عندهم هو ثابت الخطى ليس كما هوعند البعض يستبدل عند كل شدة وأزمة.