7 أبريل، 2024 12:11 ص
Search
Close this search box.

نصائح لمن يرغب أن يكون محللاً سياسياً

Facebook
Twitter
LinkedIn

مايمر به العراق اليوم من أحداث وظروف سياسية داخلية وأقليمية  , وانعكاسها على الفرد , تجعل من المواطن البسيط محللاً سياسياً بارعاً , يضاهي كبار المحللين السياسيين والذين لهم باع طويل في قراءة الواقع السياسي العراقي أو الدولي .. في البلدان المستقرة سياسياً واقتصادياً , نادر ما نجد اثنان أو مجموعة من الافراد يتكلمون بالسياسة أو قوانين الدولة او يدور الحديث بينهم  حول الخدمات والحاجات الاساسية للفرد , ألاَ في فترة الانتخابات , ربما يتذكرون ما لم تنجزه الحكومة السابقة ولذلك هم في هذه الفترة ربما يتحدثون عن البرنامج الجديد للحكومة الجديدة وينتهي حديثهم حال تشكيل الحكومة ويعودون الى ممارسة حياتهم الطبيعية , السبب في ذلك يعود الى أن الفرد في هذه البلدان يتمتع بكافة حقوقه وامتيازاته , فهو ليس بحاجة الى مناقشة عدم توفر الامن أو الخدمات , من تعليم  اوصحة  أوخدمات  النقل  أوغيرها من الخدمات الاخرى في هذا المكان او ذاك , لكون الخدمات اساساَ متوفرة وبأحسن ما يكون وبالتالي فهو يتفرغ الى عمله المختص به ولذلك تجد الابداع والتطور في استمرار لا ينقطع ..
أما في العراق , فألامور تسير على العكس تماما , الفرد العراقي متفرغ تماماً لمناقشة حاجاته الاساسية من أمن وخدمات  وتعليم وصحة وحقوق أنسان ألخ , فهو اصبح محللاً سياسياً بالفطرة ودون أن يعلم من كثرة شكواه من سوء الخدمات وتردي الوضع الامني على مدى عشر سنوات .. أضافة الى طبيعة الفرد العراقي كونه يميل الى الشكوى وانتقاد الغير أكثر من غيره ربما لاسباب تاريخية أوعقائدية لا أدري بالضبط , لذلك نجد الفرد العراقي ترك عمله المختص به وتفرغ لمناقشة الوضع السياسي اليومي والتناحرات بين السياسيين خاصة وأن وسائل الاعلام تساهم وبشكل كبير في بث الحوارات السياسية  عبر القنوات الفضائية خاصة ولكون الفرد العراقي متابع جيد للاخبار .. بالتالي اصبح المواطن البسيط محللاً سياسياً بارعاً يشترك في الحوار السياسي سواء كان في سيارة الاجرة أو في المقهى او في الشارع وربما حتى في غرف النوم !!
ولكي يكون المواطن العراقي البسيط , محللاً سياسياً رسمياً يشار له بالبنان ويظهرفي القنوات الفضائية , عليه أتباع التعليمات التالية وهي بسيطة ولا تحتاج الى دراسة :
1-  عليه ان يتواجد بين فترة وأخرى قرب فنادق الخمس نجوم والتي يتواجد فيها السياسيين والقنوات الفضائية كي يسجل حضوره , وان يقترب أكثر من السياسي أثناء شربه للقهوة ولا ضير أن يبدي اعجابه بهذا السياسي أو القناة الفضائية  من باب المجاملة ..
2- أن  يشتري مجموعة من البدلات الرسمية متعددة الالوان كي يكون مظهره يوحي أنه محلل سياسي او مفكر أو مناضل أو ما شابه ذلك ..
3- عليه أن يحفظ بعض المصطلحات اللغوية الجديدة التي اصبحت ماركة مسجلة يتحدث بها كل من يقف خلف المايكرفون مثل ..الديمقراطية ,  المحاصصة , الطائفية ,العملية السياسية , النظام السابق , الشفافية , الدكتاتورية ,  الاغلبية , حقوق الانسان ,المكونات , ألانتخابات
المقابر الجماعية .. (وعليه ان يردد هذه الجملة أكثر من غيرها كي يكون قريب جدا من افكار من يرددون هذه المفردات ليل نهار حتى زكمت أنوفنا منها  )… وعليه أن يضع في جيب سترته المخفي , نسخة من الدستور كي يظهر للمقابل أنه  قاريء جيد لفقرات الدستور ..
4- أن يشتري مجموعة من المحابس متنوعة من حيث نوعية والوان الشذر .. أذا كانت افكاره قريبة من مكون معين..
5- أن يكون قريباً جدا من تواجد القنوات الفضائية ومراسليهم وخاصة في الفنادق الخمس نجوم , وأن يبتدء الحديث مع القناة الفضائية  بكلمات مثلاً .. في تصوري .. من خلال خبرتي .. لا أ شكَ في ذلك .. يبدو أنَ … الخ …   ويفضل أن يستخد م حركة يديه وحواجبه في ايصال الفكرة للمشاهد مع أبتسامة عريضة في نهاية اللقاء  ..
6-  في حالة تواجده في اماكن بعيدة عن القنوات الفضائية وبالقرب من محللين سياسيين أخرين ممكن أن يدعي انه حاصل على شهادة الدكتوراه في أختصاص معين بشرط أن يعرف مسبقاً أن هذا الاختصاص ليس لدى من يشاركه الحوار .. كي لا يضع نفسه في موقف محرج ..
في حالة تطبيق هذه الشروط صدقوني .. سيكون بائع الفلافل .. وبائع قناني الغاز.. من افضل المحللين السياسيين .. لأنهم الاقرب الى الشارع … مع احترامي لهذه المهن ..         

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب