الحسين عليه السلام للجميع ثقافته ومناسبته كل احرار العالم تنهل وتحتفل بها وبعيدا عن المذهبية بالرغم من ان نصائح المرجعية موجهة للخطباء الذين يرتقون المنبر الحسيني في عاشوراء ولكن مفردات الخطاب كانت اسلامية جامعة شاملة .
عند مراجعة مفردات النصائح وجدتها تدلل على الاسس والمعايير السليمة لتحديد معالم الخطاب الاسلامي وفق ثقافة العصر فالاشارات التي اشار لها سماحة السيد السيستاني كانت جوهر العلة في نقد الخطاب الاسلامي من قبل المتصيدين في الماء العكر وحتى تغلق المرجعية باب النقد والطعن من قبل هؤلاء كان لها نصائح للخطباء لا يستغني عنها من يبحث عن الخطاب الاسلامي العصري .
وحقيقة ان النصيحة ليست للخطيب حصرا بل هي للكاتب والباحث والفقيه لكي ترشده الى الطريق السليم لاظهار معالم الخطاب الاسلامي
كانت النصيحة الثانية جوهر تحديد تشخيص الخطاب الاسلامي وجاء فيها ” ان يكون الخطيب مواكبا لثقافة زمانه، وهذا يعني استقراء الشبهات العقائدية المثارة بكل سنة بحسبها واستقراء السلوكيات المتغيرة في كل مجتمع وفي كل فترة تمر على المؤمنين” … مواكبا لخطاب زمانه ، والاطلاع على الشبهات العقائدية ( الالحاد وماشابه ذلك) التي تطرح بخطاب عصري واستقراء السلوكيات المتغيرة ، فلا يصح ابدا التعكز على تراث الماضي وتمجيده دون النظر الى المستحدث من ثقافات وشبهات فان الماضي يصبح غير مرغوب فيه لانه ليس من ثقافة جنس الحاضر فليبق الاصل ولكن غير المظهر حتى يكون مرغوب للجيل الجديد ، ولايجب ابدا ان يصر على شبهات قديمة اكل وشرب عليها الدهر وترك المستحدثات من الافكار الهدامة التي تاخذ رواجا سريعا بين الشباب لان هنالك فراغ فكري لم يحسن الخطيب ملئه.
والوصية الثالثة ” تحري الدقة في ذكر الآيات القرآنية او نقل الروايات الشريفة من الكتب المعتبرة او حكاية القصص التاريخية الثابتة” ، مهمة جدا فالدقة في الروايات الصحيحة تغلق باب الطعن في الاستشهاد بها واكرر الكلام موجه كذلك للكاتب والباحث ، فهنالك من يستعين بروايات ضعيفة او لايستسيغها العقل اليوم والنتيجة تجعل المتلقي يقتنع بما هو عليه من مفاهيم خاطئة .
والرابعة بمنتهى الاهمية ” ان يترفع المنبر عن الاستعانة بالاحلام وبالقصص الخيالية” ، اقولها وللاسف بل ان البعض يختلق قصصا خرافية فيسيء للخطاب الاسلامي اساءة يتحمل وزرها يوم يقوم الحساب ، نعم هنالك روايات واحاديث تعج بها كتب التراث فلايصح الحديث عنها لانها ليست ثقافة اليوم .
هذه النصيحة ” جودة الاعداد، بأن يعنى الخطيب عناية تامة بما يطرحه من موضوعات من حيث ترتيب الموضوع وتبويبه وعرضه ببيان سلس واضح واختيار العبارات والاساليب الجذابة لنفوس المستمعين والمتابعين” صحيح انها موجهة للخطيب ولكن الباحث والكاتب معني بها اكثر من الخطيب لان الخطيب يتحدث اما الكاتب فانه يكتب والكتابة تبقى وثيقة موثقة ، فالترتيب والاعداد الجيد والاستدراج في تسلسل المواضيع يعطي قوة اقناع للمتلقي ولايكون مشتت في سلسلة افكاره فانها تساهم في قوة الخطاب الاسلامي على سبيل المثال ليكن الخطاب عن مستحدثات الافكار وليس عن عالم البرزخ ومن ثم العودة الى جهنم ، وكما ان الكثير ممن يؤلفون الكتب للاسف الشديد تكون عناوين كتبهم بعيدة عن مضمونها بل ان مواضيعها مشتتة الاتجاهات .
واقف عند هذه النصيحة ” طرح المشاكل الاجتماعية الشائعة مشفوعة بالحلول الناجعة” ، فاغلبنا يميل الى النقد فقط قد يكون تشخيصنا للخطا صحيح لكن الاكتفاء بالاشارة اليه والتنكيل به دون وضع الحلول يكون كلامنا كالملح على الجراح ، وهنالك كتاب وخصوصا ممن يدعي التجديد يشير الى بعض الحالات المجتمعية لينتقدها دون وضع الحلول معتقدا انه قدم خدمة للنهوض بالواقع الاجتماعي فمثل هذا لايلتفت اليه بينما مع الحلول يكون محل احترام وتقدير بعيدا عن صحة حلوله او عدمها .
واشارتي الاخيرة الى هذه النصيحة ” الاهتمام بالمسائل الفقهية الابتلائية في مجال العبادات والمعاملات من خلال عرضها باسلوب شيق” ، نعم هنالك من لايبالي بعبادته معتقدا انها صحيحة كيفما اتفق طالما انه يعبد الله ، ولا يلتفت الى المعاملات الحرام قانعا نفسه بانها بسيطة ولا اشكال فيها ، وعلى الكاتب ان يعرضها باسلوب سليم ومحبذ لا بالوعيد والتنكيل فيشمئز القارئ ويرفض الالتزام بها ، فالاسلوب هو اساس نجاح تاثير الخطاب .