لاتزال قضية تعيين جوان ابنة الرئيس فؤاد معصوم كمستشارة لابيها بعقد وراتب شهري مقداره 13 مليون دينار عراقي ومخصصات تبلغ 17 مليون ناهيك عن الحمايات والايفادات بالاضافة الى راتبها التقاعدي الرسمي باعتبارها وزيرة سابقة قبل حوالي 10 سنوات, هي عنوان الفساد الاكبر والاقبح منذ التغيير والاطاحة بمختار عصره وزمانه والذي تمنى الجميع ان يكون فاتحة عهد جديد من احترام المال العام والنزاهة والوحدة والتسامي عن اخطاء الماضي وسلوكياته.
تمنى الكثيرون على رئيس الجمهورية ان يتراجع عن قراره هذا عبر مئات النداءات المخلصة بوسائل الاعلام المختلفة ولكنه لايزال مصرا على خطئه. وتوقع الكثيرون في البداية ان الوثيقة المسربة غير حقيقية او مزورة ولكن عدم ظهور نفي رسمي لها حتى الان هو تاكيد وتمسك بسلوك غير مقبول شعبيا ولاسياسيا. ومهما كانت نوايا من سرب الوثيقة لفضح الرئيس سيئة او حسنة ومهما كان هناك من اقرباء وابناء لكبار المسؤولين ممن لم يكشف عن توظيفهم بنفس الاسلوب, فتبقى فضيحة تعيين جوان وبعقد خارجي وصمة عار بارزة على العهد الجديد يجب ازالتها وبسرعة, والا فانها ستلاحق معصوم لاخر يوم في حياته.
هناك فساد حديث ربما يصل لمئات الملايين من الدولارات في عمل هيئة صالح المطلك للنازحين كما كشفته اللجنة النيابية الخاصة مؤخرا ولكن الرجل يحسب على العهد السابق ولايستبعد منه او من كل زملائه الاخرين مثل هذه الافعال الفاسدة الشنيعة سابقا ولاحقا, فقد تربوا وترعرعوا عليها بل وغرسوها وعمقوها بكل مفاصل الدولة عبر سنوات سوداء طويلة من الحكم الفاسد الفاشل العقيم. وغير المطلك هناك العشرات من كبار الحيتان ومن جميع الاطراف والمكونات الذين لايمكن نسيان ملفاتهم او السكوت عنها وسيأتي اليوم الذي تفضح به سرقاتهم ويلاحقون عنها داخليا وخارجيا ويعاقبون على ما أقترفوه. اما ان يفتتح معصوم عهده في الحكومة الجديدة بهذه المحسوبية الفاضحة فهو غير مقبول بالمرة وبعطي رسالة خاطئة لكل الفاسدين وللشعب الذي استبشر خيرا.
هيئة الرئاسة في العراق بمجملها تشريفية ومضيعة للمال العام ولادور تنفيذي مهم لها لكنها جاءت بالتراضي والتوافق لتمشية التشكيلة الجديدة للحكم. وبجانب الرئيس هناك مستشارين بالعشرات و3 نواب افذاذ له برواتب خيالية ولايعجز اي منهم او من حاشيتهم عن اجابة اي استفسار لفؤاد معصوم اذا كان حقا بحاجة لاستشارة او عصت عليه مسألة او عجز عن تفسير فقرة تتعلق بوظيفة التنابل التي يشغلها. فما الحاجة لأبنته وأستشاراتها مدفوعة الثمن من قوت المواطن العراقي البسيط وحصته التموينية؟ بل ماهو الدرس الأخلاقي والعبرة حينما تطالب ابنة العراق الأولى بثمن مقابل النصيحة التي تقدمها لوالدها؟ ابعد أفساد كل مؤسسات الدولة العراقية تريدون افساد قيم العائلة بما لم يعرفه العالم في تاريخه؟