23 ديسمبر، 2024 7:43 ص

لو لم تكن هناك رسوم وليام تيرنر لكان البحر شيئا آخر، لو لم يكتب نزار قباني أشعاره لصمت العشاق، لو لم يؤلف بيتهوفن سيمفونيته التاسعة لما كان هناك نشيد للفرح.

ماذا يحدث لو أن البشر توقفوا فجأة عن تأليف الموسيقى وسماعها؟ لو أنهم عزفوا عن الرسم ورؤية اللوحات؟ لو أنهم انقطعوا عن صناعة الأفلام السينمائية ومشاهدتها؟ لو أنهم كفوا عن كتابة الأشعار والروايات؟ لو أنهم نسوا كيف يرقصون ويغنون؟ لو أن المسارح أغلقت أبوابها؟ أستكون الحياة يومها ممكنة؟ ثم عن أيّ حياة نتكلم؟ ستكون حياة متخيلة مضادة.

هناك من يعتقد أن الحياة العضوية ستستمر، وهو أمر مشكوك فيه، وهناك مَن يؤكد أن الحياة ستفقد الجزء الجوهري من أسباب استمرارها.

سيكون كل شيء من غير معنى، لو لم تعرف البشرية الفن لكان كل شيء مختلفا، بوجود الفن لا يمكن القفز على ضرورته بالنسبة إلى الكائن البشري.

غالبا ما يشعر المرء أن الفن هو الذي اخترع البشر وليس العكس كما هو واقع الحال، فعن طريق الفن اهتدت البشرية إلى الكثير من قيمها وعناصر ديمومتها واستمرارها في تطوير قدرتها على الارتقاء، ومن خلاله استطاعت أن تصل إلى المعاني الجوهرية التي ينطوي عليها كدحها البطولي من أجل أن تتسامى بإرادتها الخالصة وتصلح أخطاءها.

لو تخلى البشر عن الفن فجأة، فذلك يعني أن عليهم أن يكونوا كائنات أخرى، كائنات تقيم في كوكب آخر غير كوكب الأرض الذي صار الجزء الأكبر منه يتألف من عناصر مستلهمة من الفن.

هل يبقى شيء من أرضنا إذا ما اختفى الفن؟ لقد يسّر الفن لنا فهم الطبيعة من حولنا، عن طريقه صار لحفيف الأشجار وزقزقة العصافير وعطر الوردة وابتسامة الطفل وهدير الأمواج وعصف الريح وبياض الثلج ودقات الساعة وضربة مطرقة الباب معنى.

لو لم تكن هناك رسوم وليام تيرنر لكان البحر شيئا آخر، لو لم يكتب نزار قباني أشعاره لصمت العشاق، لو لم يؤلف بيتهوفن سيمفونيته التاسعة لما كان هناك نشيد للفرح.

الفن ضروري لأنه يهب الحياة معنى، من غير ذلك المعنى يفقد الإنسان انتماءه إلى الطبيعة.

نقلا عن العرب