يبدو إن أمريكا قد أحكمت قبضتها, ونصبت شراكها وفخاخها بصورة جيدة جدا, في معركتها مع إيران, بحيث سوف توجه ضربة موجعة وقوية لها, لكن إيران إلى الآن لم تنتبه لذلك الأمر, حيث انشغلت بنشوة النصر المزيف إعلاميا, خصوصا في منطقة البغدادي, وسيكون هناك نصر آخر في محافظة صلاح الدين, وسيكون هناك تفاخر وتمجيد بإيران وموقفها في تحرير المحافظات العراقية من التنظيم الإرهابي داعش, بحيث يصل الزهو والغرور إلى أعلى مراتبه, وبالتالي تلقي بكل ثقلها من حرس ثوري ومليشيات في محافظة الموصل, ظنا منها إنها سوف تحررها بسهولة وبشكل يشبه بقية المحافظات.
وهنا نجحت أمريكا في جر إيران إلى الطعم, وجعلتها تبتلعه جيدا, وبالتالي ستوجه الضربة الموجعة والقوية لإيران في العراق, بحيث ستكون الموصل مقبرة لكل من انضوى تحت راية إيران, لأنها ستصطدم بقتال ومقاتلين فعليين, وبمعركة مصيرية لا يمكن شراءها أو المساومة عليها, لأنها معركة الوجود الأمريكي في العراق, وأمريكا من المستحيل جدا أن تعطي الفضل والفخر والنصر لإيران, بل إنها تريد إسقاط إيران في نظر الشعب العراقي الذي مازال متمسك بشيء اسمه الفضل الإيراني على العراقيين, بالإضافة إلى محاولة كشف مدى العجز والغباء الإيراني للعالم, وكيف إنها قادت العراقيين إلى مجزرة, مع إرهاق إيران ماديا ومعنويا وبشريا واقتصاديا.
وبعد ذلك يبدأ التحرك الأمريكي في العراق على أتم وجه, خصوصا وهي الآن تضع أربعة ألاف مقاتل في الكويت, وكذلك وجود حاملة الطائرات الفرنسية في الخليج العربي, ويساندها في ذلك الجيش السعودي الذي حصن حدوده مع العراق, وهي أي أمريكا لديها السماء العراقية, ووجود الجيش الأردني على الحدود العراقية أيضا, وسيكون دخول المقاتلين الأمريكان المتواجدين الآن في الكويت للجنوب العراقي, بحجة وجود فلول داعشية أو تنظيمات إرهابية, وبهذا تحكم السيطرة على الجنوب بهؤلاء المقاتلين, وتضمن عدم التواجد الإيراني في العراق لا في الشمال ولا في الجنوب.
فإيران الآن شبه محاصرة داخل هلال عسكري دولي بقيادة أمريكا, وقد ابتلعت طعم النصر الزائف والمصطنع, كما إن هناك تحالف وتحرك سياسي دبلوماسي بشأن القضية النووية الإيرانية, خصوصا إن هذه القضية سيطرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي ” نتانياهو ” على الكونجرس الأمريكي في الأسبوع المقبل.
وهذا يذكرنا بما قاله المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في الحوار الصحفي الذي أجرته معه وكالة أخبار العرب بتاريخ 13 / 1 / 2015م … إذ قال…
{… 2ـ اميركا وايران عدوان تقليديان متصارعان متنافسان على استعمارِ الدول والشعوب وسَلْبِ ارادتِها ، وقد ابتلى الله تعالى العديدَ من دولِ المنطقةِ وخاصّةً لبنان فسوريا ثم العراق واليمن باَن تكونَ ساحةَ التنافسِ والنزاعِ والصراع وتقاطعِ المصالحِ بين إيران وأميركا ، ولان العراقَ بلد البترول والطاقات البشرية الفكرية الخلاقة فقد تصاعدَ وتضاعَفَ وتعمَّقَ واشتدَّ الصراعُ فيه بين القوتين المتنافستين.
3- والمعروف والواضح عندكم أَنَّ خلافَ وصراعَ المصالحِ لا يمنعُ اَن يجتمعَ الخصمان فتجمعُهما المصالحُ والمنافعُ فيحصلُ الاتفاقُ بينهما على ذلك ، وكذلك ان ظَهَرَ خطرٌ يهدِّدُهما معاً فيمكن اَن يتَّفِقا ويجتمِعا على محاربته معاً.
4- اما لماذا تسمح اَميركا لإيران بقيادة المعركة في العراق فببساطة لاَنَّ اميركا هنا تفكر بذكاء نسبيّ أمّا ايران فتفكيرُها يسودُه الغباءُ عادةً فوقعت في فخ اميركا التي اوقعتها في حرب استنزاف شاملة لا يعلم الا الله تعالى متى وكيف تخرج منها ، ومن هنا فان أي تنسيق بين اميركا وايران فهو تنسيق مرحلي مصلحي لابد ان يتقاطع في اخر المطاف.
5- والذكاء النسبي الأميركي اقصد به ان اميركا تعتقد حاليا انها تحقق استنزاف واِضعاف ايران ، وكذلك اِستنزاف واِضعاف الدولة الإسلامية (داعش) ، واستنزاف وهتك وتحطيم وتدمير الشعب العراقي ، اِضافة للاِستنزاف الاِقتصادي للدول الخليجية الداعمة ماليا ، واضافة لذلك كلّه فان قبضة اميركا وتدخلها في شؤون دول المنطقة قد ازداد وقوي وتضاعف بسبب الارباك الفكري والأمني والمجتمعي الذي أصاب حكومات المنطقة وشعوبها… لكن ليس كل ما تعتقده وتتمناه اميركا سيتحقق ومن هنا قلت انه ذكاء نسبيٌّ . …}.