التطور التكنلوجي الهائل، صنعته طاقات عقول الشعوب، مراكز دراسات وبحوث وخطط ستراتيجية ومصانع عملاقة، كنا في وقتها تشغلنا الحروب والحصار، جعلت العراق في عزلة دولية، الشعوب تنهض ونحن نتراجع، يمزجون التطور بطاقات ابنائهم وأبنائنا في جبهات القتال، لا نعرف عن العالم شيء سوى ما يلتقط من اخبار الإذاعات او صدفة يتحدث لنا أحد عن العالم.
جائتنا الدبابات حاملة معها إناء كبير يشابه ما نستخدمه في ولائمنا، نتفنن في وضع خروف كامل عليها، نأكل اللحوم ونرمي الباقي في الفضلات، لكن هذا الأناء يعمل عكس وليمة كبيرة لا تملأ العيون الجائعة.
جلب لنا مئات القنوات ووضع العالم بين يدينا بلمسة واحد، قنوات الجزيرة والعربية والإتجاه المعاكس، لم لم نكن نصدق ان العالم وصل الى الانفتاح، ثم انهالت قنوات الرياضة والإقتصاد وأفلام الرعب والمدبلج وقنوات( البعران) ورسائل الحب والابراج والمنجمين والقنوات الطائفية، كم كبير وملايين الشاشات الملونة والمواقع الالكترونية تحاصرنا من جميع الجوانب، عرفتنا أن العالم سبقنا ديمقراطياً من مئات السنين، والحكم تبادل سلمي تؤمن به الشعوب بالرأي والرأي والاخر، يتمحور العمل حول اهداف يتنافس عليها حزبين او ثلاثة، كل يفكر بطريقة يعتقدها الأفضل لوصول نفس الهدف، يستفبد من اخطاءه ويتجاوز عثرات الاخر، يكمل بعضهم بعضاً.
بعد عام 2003م ، دخلنا دوامة مئات الأحزاب والشخصيات، متضاربة التصريحات والإطروحات، إعتقدنا بمرور الايام تضمر وتتلاشى، تتقلص حول مشروع واحد، تجف المنابع، لكن طبيعة النظام الإنتخابي ( سانت ليغو ) فتح أبواب التكاثر والتخطيط لكيفية الإستحواذ على السلطة بقوائم منفردة، معها تحرك رقم كبير من القنوات الفضائية العراقية والعالمية وماكنات الإعلان، تستغل قضايا ومناسبات دينية وإجتماعية، تذيل الإعلان بإسمائها، حتى تستغرب ؛ إن المؤتمر برعاية الوزير وهو مسافر او منح اجازة مرضية لأشهر، وإشراف المسؤول الفلاني على مشروع لا تجد فيه أكثر من 5 عمال بسطاء في منطقة نائية لم يصلها مسؤول منذ عقود!!
دعايات اخرى تنفق عليها الملايين: نشرة الكهرباء تطورت الى اعلانات ومصادر تمويل للقنوات التلفزيونية، تعرض وقت ذروة القنوات بأعلى الاسعار. دعايات إنتخابية لم تكن مبكرة فحسب؛ إنما على مدار العام لا تشابه الحقائق توزعها جهات مختصة، يفتح باب للمشاريع الربحية.
القنوات لم تدخر جهداً لجذب أنظار المواطن سواء من نقاشات مثيرة مستهلكة تعطي الإنطباع السيء عن الشخصية العراقية، او إستخدام الإغراءات من مقدمات البرامج حتى في نشراتها الجوية.
صرنا مجبرين متابعة الأنواء الجوية ونشرة الكهرباء لترتيب أمورنا، وأكثر النشرات متابعة نشرة الكهرباء وحالة الطقس، بعد ان سأمنا السياسة.
المواطن يتابع هذه النشرات، خدمته التكنلوجيا وصار يتنبأ من تغيير الحال بين أمطار وبرد شديد، نسمع ان موجة البرد من تركيا، والأمطار من البحر الأحمر، وجفاف دجلة من سد أليسو، لا يتردد البعض من القول ان الأمطار والبرد تحريك خارجي، يعلل الخلل المؤوسسي وسوء الإدارة بقساوة الطقس السياسي، يستغل النشرات الجوية في أغراضه الإنتخابية، يتمنى ان يضرب العراق بركان، كي يشمت بوزارة البراكين إن وجدت!!