22 ديسمبر، 2024 10:25 م

نشأة مدينة زمار” الإضويج”

نشأة مدينة زمار” الإضويج”

أولاً : لمحةٌ تأريخية :
سَكنَ أهالي زُمّار الأوائل زمن الدولة العثمانية في منطقه (خربة الكَدرو) القريبة على مجمع الصمود حالياً وهم المحترش والزيدين والجاسم الحاج القاضي (الكَضاوي) والملا علي وبيت عبد الله النهار الشرابي وأناسٌ اخرون من أهالي سلال ، المرحوم محترش الكَدرو هو أحد أفراد عشيرة الجبور (حمد شويخ الجاموس ) كان يسكن قرية كرهول ، وبسب خلافٍ عائليٍ قرر الرحيل عن أهله وأقاربه تماشياً مع الحكمة القائلة ( إبعد عن أخوك يغلى عليك) بدل أن يتسبب هذا الخصام بأن يخسرهم ، وذلك في منتصف القرن الثامن عَشر تقريباً سنة ( 1850م) والتي تزامنت مع ولادة (موسى المحترش) حيث مشى مع أخيه وأولاده وساقوا مواشيهم وحملوا بيتهم علماً أن البيوت كانت عبارة عن خيام أو بيوت شعرٍ من الوبر وما شابه ليحملوها على دوابهم ومشوا يبحثون عن أرضٍ تناسبهم من مكان الى آخر ، حتى إستقروا في مكان على شكل خربة قديمة (أطلال) ، فسميت بــ(خربة كَدرو) وكانت تبعد عن نهر دجلة قُرابة ( 10 كم ) وموقعها الآن بالقرب من ” مُجَمَّع الصمود” الحالي في الجهة الشمالية الغربية من المجمع وآثارها معروفةٌ لدى أهل المنطقة ، ولم يلبثوا طويلاً حيث توفي (خضر الكَدرو) ودفن في ذات المكان ، آلت الأمور من بعده إلى نجله ( محترش ) الذي كان يحمل بين أضلعه وحنايا صَدره قلب رؤوف ودود وشخصيةٌ تتجلى فيها صفات الكرم والشجاعة والشهامة والمروءة وقد أعقبَ (محترش) ثلاثة أولاد أسماهم تيمناً بأنبياء الله (موسى وعيسى وجرجيس) .
إستطاع محترش أن يستقطب الناس حوله ويأويهم بعد أن فتح قلبه العامر بالمحبة ومضيفه للقاصي والداني ، الأمر الذي جعله يحظى بالحب والاحترام والتقدير لصدقه وإخلاصه وأمانته ، شاور محترش أولاده والناس الذين من حوله أن يرحلوا عن “خربة كَدروا” ليسكنوا بالقرب من نهر دجلة لعدة أسباب منها :
الإحتماء بالحكومة (الجندرمه) العثمانيين خوفاً من غزوات بعض العشائر القريبة ؛ قربها من النهر (نهر دجلة) ووفرة الماء الضروري لمستلزمات الحياة ؛ كثرة الصيد البري من أرانب وغزلان وطيور والصيد النهري من أسماك والبط النهري ؛ خصوبة الأرض القريبة وإستثمارها للزراعة خاصة ًبحكم قربها من النهر .
وهكذا إنتقلوا إلى الإضويج (ناحية زُمّار عام 1916م خلال الحرب العالمية الأولى ” السفر برلك” ) التي صادفت مجيئ الطِفل الأرمني بوغوس كَربيت (العَم الحاج علي / عليكو أبو يونس) البالِغ من العمر حينذاك 6 سنين فراراً مِن المجازر التي تدور رحاها بين المسلمين والأرمن ليُصبح لاحقاً من وجهاء زُمّار ، وبعد أنْ إستقروا في المكان توفي المرحوم محترش الذي ناهز ( 90 ) عاماً ودفن فيها ، ليستلم زمام المُختارية من بعده ولده الأكبر (موسى المحترش) الذي أصبح أول مختار للقرية ، سار موسى على نهج أبيه الذي أخذ يستقطب الناس من كل حَدَبٍ وصوب حيث إستقطب العرب من عشائر الشرابيين والجبور والقضاة والسادة السبعاويين والسادة آل الشيخ عيسى والحمد حسوني والإحبيط من طيئ والأكراد والجرجرية وبعض المهاجرين اللذين وفدوا إلى زُمّار من خارج العراق ولا يفوتنا أن نذكر أنه ومنذ منتصف الثلاثينات سكن زُمّار اليهود والمسيح وقد فصلنا الأمر في كتابنا ” زُمّار إبحارٌ ضَدَّ التَيَّار” ….
أخذ موسى المحترش بتوسيع نطاق علاقاته مع أهالي القرى الأخرى المجاورة مثل ( الشيخ شاهر السلمان ) الذي كان يسكن قرية الإمام (الشيخ حمصي) ، وبيت (الناصر السالم) في قرية عين سطام وبيت ( الحبش ) وبيت ( الضبع ) في قرية إسلال وغيرها من وجاهات العشائر المتواجدة في المنطقة ، وبقي موسى المحترش مختاراً لغاية عام ( 1942هــ) حيث توفي ودفن في مقبرتها ، وآلت المختارية من بعده إلى إبن أخيه المرحوم ( عبدالله الجرجيس المحترش ) الذي عُرف بصدقه وأخلاقه العالية وكرمه وسعة صدره وسعيه الدؤوب في حَلِّ النزاعات العشائرية ، وقد كان بيته ملاذاً للضيوفِ ولِمَنْ تَقَطَعَتْ بهم الأسباب فضلاً عن الفقراء والمساكين حيث كان بيته مأوى لهم ، ومما تجدرُ الإشارةُ إليه أنه كان يقوم بإطعام السجناء اللذين كانوا يسجنون في الناحية من أهل القرى المجاورة لزُمّار ، وهكذا سطع نجمه وشاع ذِكره بين العشائر ، إرتبط بعلاقةٍ وطيدة مع (الشيخ شاهر السلمان ) وما كانا يفترقان وهكذا توطدت علاقته مع نجل الشيخ شاهر ( فرمان الشاهر) وقد كان وجيهاً عند الحكومة في الموصل وبغداد ؛ وقد شَغل والدي مُحَمَّد حمُود عَبْدَالله السَبْعَاوِي ” أبو رِياض يرحمه الله تعالى” مَنصِبْ مأمور مَركز شُرطَةِ زُمَّار فِي نِهاية الخَمسِينَات وفي ستْيناتِ القَرنِ العِشرِين
ثانِياً : زُمّار في اللغة والإصطلاح :
قبل التوغل في تأريخ نشأة زُمّار مدينتنا الحبيبة لابد من إستعراض هذه المفردة ودِلالاتها في اللغةِ العربية ، فالزَمَّار بفتح الزاء وتشديد الميم هو النافِخُ في المزمار ونحوه ، وزَمَّارُ الحَيِّ هو مَنْ يُغَنّي بالمِزمار ويُقَالُ للقصبةِ التي يُزْمَرُ بها زَمَّارة كما يُقال للأرضِ التي يُزْرَعُ فيها زَرَّاعة ، ويُقالُ للذي يُغَنِّي الزَّامِرُ والزّمَّار (وهذا ما ذهب إليه الأصمعي) ؛ ويُقالُ لمن يَعزِفُ أو يُغَنْيِّ في القَصَبْ الزَّمْرُ بالمِزْمَار ؛ زُمّار هي تلك المدينة الحالمة على ضفاف دجلة الخير كأنهما توأمين روحيين فما أروع أن تُداعبَ أمواج دجلة ضفائِر زُمّار العاشقة المغالية بأنفتها وعنفوان شموخها ، زارها الرحّالة الشرابي (أبو ظاهر) واستوطن قريةٍ عُرِفتْ بإسمه (تل أبو ظاهر) وعندما رأى موقع تلك العاشقة الحالمة “زَمّار” قال مقولته الشهيرة :
(خوش إحويجة لولا إضويجة) والحويجة هي الغابات والأحراش الطبيعية التي تكثر بين الأنهار كما هو الحال في الجَزرات الصغيرة التي تتوسط أفرع الأنهار ، أو تكون على مقربة من الأنهار ، وهكذا أُطلق على هذا المكان ( الإضويج ) قبل أن تُبنى وتُسكَن آنذاك .. تأريخياً لزُمَّار أسماءٌ عِدَّة فقد كانت تسمى (خربة الكَدرو) ثُمَّ (الإضويج) وبعد ذلك عُرِفَتْ بـــــ (القشلة / القُشلاغ ) وصولاً إلى تسميتها بــــ (زَمّاْر / زُمّاْر) وسنبحث الأمر بالتفصيل لاحقاً ، الذي يهمنا هنا أنَّ زُمَّار في بداية تكوينها ونشأتها كانت تُسمى (الإضويج) ، كونها تقع في مُنحَدَرٍ ضيق حيث يحدها من الشمال نهر دجلة المحاذي للقرية ، ومن الشرق وادي عميق ، سمي “وادي الجسر” لاحقاً ، ومن الجنوب مجموعة من التلال المسماة ( الكزرة وهي سلسلة من التلال الصخرية ) ومن الغرب وادي يسمى “وادي العين” ، لذلك كانت محصورة ولا يمكن أن تتجاوز هذه الحدود الطبيعية ؛ نُشير هنا إلى أنَّ المسافة بين طرفي زُمّار القديمة من مدرسة زُمّار الإبتدائية للبنات وصولاً إلى الجسر الفاصل بين زُمّار وقرية اسلال هي (925 متراً فقط) أمّا المسافة من مدرسة البنات إلى حد الفرقة الحزبية هي (800 متراً فقط) والمسافة ما بين الفرقة الحزبية الى الجسر هي (125 متراً) ما يعني أنَّ المسافة بين طرفي زُمّار من الشرق إلى الغرب (1050متر فقط لا غير) .
سكن زُمّار خضر الدرويش السبعاوي في نهاية الخمسينات من القرن العشرين ورزقه الله بنجليه العميد المهندس (محمد أبو مقداد) الذي وُلِدَ بِزُمّار والمقدم (أحمد أبو المقتدى) وقد عُرف عن أبو محمد تعلقه ومحبته لأهله وقبيلته وإعتزازه بهم وهذا هو ديدن الرجال الرجال …. تناهى إلى سمعه أن أبناء عمومته تعرضوا للتهديد بسبب نزاع عشائري عصف بموطنهم الأصلي “قرية عين مرمية أو الغنيصات” فقال :
كيفَ أسكن هنا في زُمّار وأولاد عمومتي يتهددهم الخطر وآثر الرحيل عَنْ زُمّار على عجل … فما أن وصلت سيارة الحمل لنقل الأثاث والعودة بِهم من زُمّار إلى قريته (عين مرمية / الغنيصات) وأبصرت الموقف زوجته العمة أم محمد التي تعلق قلبها بِزُمّار حتى إرتجلت هذا البيت الذي أصبح من مضارب الأمثال :
(هَزِيمة والعج ﮔـطعات … من الإضويج للغنيصات) العج : “الغبار والعجاج” دلالة على سرعة الرحيل ….
وَقد وردت أراءٌ عِدَّة في سَبَبِ تسمية (قَريَة الإضويج التي أصبحت ناحية عُرِفَت بإسم ناحية زَمَّار / زُمَّار) نستعرضها تباعاً :
الرأي الأول :
حدثني (أحمد إلياس) أنه سأل مختار زُمّار (خضير العيسى المحترش الكَدرو المولود في عام 1917م والمتوفي 1997م) عن وادي الزَمَّار وعن سبب التسمية التي إقترنت بناحية زُمّار :
نشير هنا إلى الحدود الغربية لزُمّار إذ تحدها قرية عين سطام ويفصل بينهما وادي يسمى “وادي العين ” معروفٌ لدى أهل زمار والمنطقة ، وقد كانت هناك عين صغيرة للماء تصب في هذى الوادي الأمر الذي أسهم في إطلاق تسمية ” وادي العين ” تنبت في هذا الوادي الكثير من أنواع الحشائش والأدغال سيما القصب والبردي والحلفا بكثافة وغالباً ما تكون بإرتفاعاتٍ عالية ، وعندما تهب رياح الشتاء في ( المربعانية ) وهي الأيام شديدة البرودة “الزمهرير” في فصل الشتاء حيث تهب فيها الرياح الباردة وما أن تلامس القصب والبردي حتى تُصدِر أصواتاً كـأنها (الزَمير أو التزمير) أي العزف على (آلة المِزمار) تداعب هذه الرياح أعواد القصب المجوفة لتصدر صوتاً أشبه بالزمير لذلك سمي المكان بــ (وادي الزمير) علماً أن آلة المِزمار الهوائية بقصبتيها الإثنتين ” المُطبك” الذي غالباً ما يستخدمه الرعاة فضلاً عن إستخدام المطبك في مناسبات الأفراح للدبكات الشعبية يتم تصنيعها من القصب ، ما يعنينا هنا أنه وبمرور الايام غلب إسم زُمّار على المنطقة خاصةً وأنَّ الناس تميل إلى اللفظ البسيط وهكذا قُلِب إسم الزمير إلى زُمّار ، ولهذا السبب تم إطلاقُ التسمية على (قرية الإضويج ) التي أصبحت لاحقاً ناحية زَمّار .
لطالما كُنّا نذهب ثلةٌ من الأصدقاء في ثمانينات القرن العشرين إلى هذا الوادي الذي لا يبعدُ كثيراً عن المقبرة التي تقعُ أسفل الرَبيّة أو الرابية ومحطة ضخ الماء (البمب ستيشن) في طريقناً غرباً بإتجاه قرية عَينْ سَطَّامْ حيث كنا نمضي أوقات ممتعة ونحن نصطاد السلاحف (الركَة) التي تعيشُ في البركة الواقعة يسار أو جنوب الشارع بالنسبة للذاهب إلى القرية وكان يتعذر علينا الصيد ورؤية السلاحف إذا إتجهت إلى القصب والبردي الذي يحيط بأطراف البُركة الجنوبية الشرقية .
الرأي الثاني :
نقلاً عن المُعَمرِين من كبار السن الذين حَدَثونا قائلين : أن الرعاة واصحاب المواشي كانوا يأتون الى هذا المكان ( الضويج ) ذو المراعي الوفيرة والخيرات الكثيرة والأراضي الخصبة مصطحبين معهم مواشيهم من أغنام وماعز وأبقار وجواميس لرعي مواشيهم ، ثم يعودون من حيث أتوا ليأتي غيرهم ، حيث كانت المنطقة ممتلئة بالأدغال والأحراش والأشجار والبردي والزل “القصب” والسوس والعوسج وأشجار القَرَبْ (الغَرَبْ) وشجر الصفصاف خاصةً وأنها أشبه بالغابة ، تقع بمحاذاة نهر دجلة وتمتد بطول ( 10 ـــ 15 ) كيلوا متر وتعيش فيها مختلف الحيوانات المفترسة كالأسود والذئاب والضِباع والخنازير والدببة والقطط البرية ، فضلاً عن كونها كانت تعيش فيها حيوانات أخرى مثل الغزلان والأرانب والطيور المختلفة مثل الصقور والنسور والباشق وكأنها تجمع كل الأضداد ، وكان الرعاة هؤلاء يصنعون من القصب بعض أنواع مزامير ( المطبك ) الذي يعزفون به ويزمرون في المناسبات والافراح والدبكات الشعبية حتى يومنا هذا .
الرأي الثالث :
يُقال أنه كان هناك رجلٌ يأتي من الموصل وهو بائعٌ متجول يبيع أنواع كثيرة من الحاجات التي يحملها معه ، وبحكم كثرة تردده على القرية (الإضويج) إرتبط بعلاقةٍ طيبة مع الجميع الأمر الذي عَزَزَ الثقة وأصبح أهل القرية يوصونه أن يأتي لهم بحاجات من الموصل دون أن يقبضَ منهم ديناراً ولا دِرهما فكان يكتفي بهز رأسه إيجاباً ولكن دون أن يترجم الأمر بفعلٍ على أرض الواقع أي أن الأمر كما يقول أهلنا في الموصل (سمعني طيب وأسمعك طيب وقبض ماكو … حكي بحكي أي كلام بكلام فقط) وبينما كان التاجر إن صح التعبير أو البائع المتجول يمسح ظهر دابتة التي تنقله وبضائعه ، جاءت إليه عجوز وقالت له :
أريدك تشتري لولدي زُمّارة من الموصل وأمسك بيدك ثمن الزمارة مقدماً ، فما أن دَس المال في جيبه ولسان حاله يقول (هسة ثبت عيد) ليتوجه بالخطاب للعجوز :
زَمّْر إبنك يا عجوز وهكذا عَمَّ اللفظ على القرية وسميت بهذا الإسم (زُمّار) عِلماً أن ( زَمّْر إبنك يا عجوز ) أصبحت مثلاً شائعاً لمن يوصي ويدفع الثمن مقدماً
الرأي الرابع : تسمية زُمّار في الموروث الشعبي الشرابي :
ننقل التفاصيل التالية وِفقَاً لنص رواية (أحمد السلطان الشرابي) :
حدثني جدي الذي عمر طويلاً ما يقارب المائة وثلاثون سنة ، انهُ كان في مدينة حلب السورية ثلاثة إخوه هم ( حمد ومحمد وصالح) يعملون في تربية الماشية من (إبل وجواميس وأبقار وغنم) وكان من ضمن الحلال(الماشية) التي عندهم فحل جواميس قويٌ وفصيلته نادرة ، وكان إسم الفحل (زَمَّار) كان الفحل زَمَّار يغيب عن أهله في كل عام فترة ستةِ أشهر ، أي من بداية الخريف (الصفري) إلى منتصف الربيع من كل عام ، وفي أحد الايام طلب (صالح) من أحد الرعاة الذين يعملون عندهم أن يتتبع الفحل بحيث لا يغيب عن عينه على أن يعطيه أجرة الفترة الزمنية التي يغيب فيها الراعي عن عياله ، كالعادة مشى الفحل في موعده ومشى الراعي خلفهُ على الأقدام لمدة شهر من حلب إلى أن وصل إلى قرية (تل أبو ظاهر) وكانت كلها أشجار وقصب وبردي كثيف جداً ( زور ) وكان الزور قسم منهُ في النهر والقسم ُالآخر على ضفة النهر ، فدخل الفحل إلى داخل الزور وغاب ولم يستطيع الراعي الدخول إلى الزور لأنهُ كان مخيفاً وممتداً مع طول النهر وصولاً إلى موقع ناحية زَمَّار وأبعد ، ثم عاد الراعي إلى أهله وأخبرهم بخبر الفحل والمكان وما شاهدهُ .
طلب صالح من إخوته الرحيل إلى هذا المكان لكنَّ أخوة صالح رفضوا الرحيل لذا تقاسموا الحلال كلهُ حيث أخذ (صالح) الجواميس والأبقار وأخذ (محمد) الأغنام وأخذ (حمد) الإبل وقال صالح :
إني ذاهبٌ إلى زور زَمَّار حيث مكان تواجد الفحل لذا سميت القرية بزَمَّار (بفتح حرفي الزاء وتشديد الميم وفتحها) حسب رواية الشرابيين اللذين توارثوا هذه الحكاية من أجدادهم … والله أعلم
ثَالِثَاً : زُمّار إصطلاحاً :
تُعتبر ناحية زُمّار أقدم ناحية في الدولة العراقية منذ تأريخ نشأتها وتتبع إدارياً قضاء تلعفر / لواء الموصل علماً أن مُجَمّع سُمّيل والمعبر الحدودي ” إبراهيم الخليل” في زاخو مناطق تابعة لناحية زُمّار ، وتحدها من الجنوب الغربي مدينة سنجار، ومن الغرب مدينة تلعفر والحدود السورية العراقية ، ومن الشمال الحدود التركية العراقية ، كما يفصلها نهر دجلة عن محافظة (قضاء دهوك سابقاً) ، وتعد مدينة زُمّار النقطة الواصلة بين سهل سنجار ومحافظة دهوك ؛ أما الموقع الجغرافي للناحية زُمّار فإنها تَقع في الجزء الشمالي الغربي من محافظة نينوى يَحدها من الشِمال نهر دِجلة من مدخله في الأراضي العراقية في منطقة (سحيلة) حتى سد الموصل (سد صدّام) بعمق (75) كم ، ومن الغرب حدود ناحية ومن الجنوب ناحية حميدات ومن جهة الجنوب الغربي ناحية العياضية ؛ يحدها من جهة الشِمال نهر دجلة الذي يفصلها عن محافظة دهوك ، أمّا من الشرق (قرية اسلال) التي تسكنها عشيرة الجبور (الخلف الجاموس) مع بيوتات من اللهيب والعبادة ، وتبعد حوالي ( 1 -2 ) كم ، أمّا من الجنوب سلسلة جبال عين زالة ، ومن الغرب (قرية عين سَطَّام) التي تسكنها عشيرة الجبور ( القضاة ) وعشيرة السادة آل الشيخ عيسى (البو سلامة) والتي تبعد حوالي (3) كم ، تتبع إدارياً لقضاء تلعفر ، وفَلَكِياً تقع على دائرتي عرض (36 – 46) شمالاً وخطي طول (30 – 42) شَرقاً ، يحدها جغرافياً من جهة الشمال والشمال الغربي قضاء زاخو وقضاء سُمّيل ومن جهة الشرق بُحيرة سد الموصل (سد صَدّام) ونهر دجلة وناحية وانة التابعة لقضاء تلكيف ، أما من جهة الجنوب والجنوب الشرقي ناحية العياضية وناحية حميدات ، ومن جهة الغرب والشمال الغربي ناحية ربيعة وحدود سوريا ، تبعد زُمّار القديمة 90 كم عن الموصل أما زُمّار الجديدة فتبعد 80كم عن مدينة الموصل ، يعمل معظم سكانها في الزراعة وتعتمد على مياه الأمطار، وهي تضم خربة (تلة صغيرة) زُمّار ، وتختلف الأراء حول التشكيل الإداري لناحية زُمّار حيثُ يُشير أحد الآراء إلى أنَّ زُمّار أصبحت ناحية بين (1917 – 1919م) ورأيٌ آخر يشير إلى أنها أصبحت ناحية ما بين عامي ( 1919 – 1920 م) وأنَّ أول مدير ناحيةٍ تم تنسيبه في زُمّار هو ( محمد رؤوف أفندي) الذي تم تعيينه بتأريخ 13 شباط 1920م وربما هذا الرأي هو الراجح كونه يقطع الشك باليقين وبالدليل .