23 ديسمبر، 2024 1:40 ص

كنت أنظر من النافذة. سمعت وقع أقدامهم من مكان قريب. سرت في أعضاء جسدي رجفة. دوي القنابل غير متوقف منذ شهور. لم يهدأ القصف في سماء مدينتنا بعد. الكثير من الناس يرتجفون خوفا. مع دوي القنابل تدوي فكرة الموت في عقولنا الخرساء. كذلك فعلت أمي المسكينة و هي تتمتم بكلمات الدعاء:

– رحمتك يا رب.. عفوك يا رب.. نسألك الأمن و الأمان لهذا البلد و أهله..

يهدأ بعد برهة كل شيء. أخرج من أجواء بيتنا المختنقة الى الخارج. قذف أحد المارة جملته بصوت مسموع:

– يا إلهي لا أريد أن أموت اليوم..

وجدت ابن الجيران عبد الرحيم جالسا مستسلما إلى خوفه. سألته عن حاله فأبى أن يرفع رأسه و اكتفى بتمتمة من مكانه متأوها:

– آه.. نسير باتجاه الموت..

ربما كان محقا فلن يهدأ القصف. هذه الحرب ليست كباقي الحروب. لقد جعلت حياتنا روتينية مملة. ننتظر الموت كل يوم كمريض بداء عضال. سيموت اليوم أو غدا. هذا ما بات يدركه. إنه ليس حدسا عابرا، بل يقينا رسخ في ذهنه منذ أن عرف آلام المرض. شرعت أتأمل المكان أمامي. الخراب و الوحشة تسوده. فجأة! تذكرت أدعية أمي. وجدتها تبعث الطمأنينة في نفسي من جديد و كأنها شمس بزغت خيوطها الفضية بعد ليلة ظلماء.