تبقى (اسرائيل) دولة عدوّة ومعتدية ، وجرّت علينا الويلات من تدخلاتها تحت ذريعة الحفاظ على أمنها ، ومن متاجرة (دكتاتوريونا) بوجودها ، لأضفاء شرعية تربعهم على صدورنا لعقود ، وما جَرّ ذلك من ويلات التوريث ! ، ولما تم التخلص من تلك الدكتاتوريات بعمليات قيصرية دموية ، أفرت الجسد العربي بأكمله من خلال ما يسمى (الربيع العربي) ، لكن خبرا استوقفني طويلا ، وأنا أقرأ عن سجن (ايهود أولمرت) ، رئيس وزراء (اسرائيل) الأسبق ، بتهمة تقاضيه رشوة قدرها عشرة آلاف دولار ، أكرر ، عشرة آلاف دولار فقط ، تقاضاها من رجل أعمال أمريكي ! ، عندما كان (عمدة) للقدس بين عامي 1993-2003 ، أي قبل بلوغه منصب رئاسة الوزراء ! ، الملف قديم اذن ، لكن (المسكين) ، كان ضحية نبش المنبّشين ! ، لكن فسادنا لا يحتاج الى أية عملية (نبش) أو تنقيب ، فبالأمكان رصده من كوكب المرّيخ ! والسؤال هو ، أين نزاهتنا من نزاهتهم ، نزاهتنا برجالاتها الذين يقطرون تقوى ومخافة الله ، هم سود الجباه من كثرة السجود أعزّهم الله ! ، لا يعصون الله طرفة عين ،لا يحلقون حتى لحاهم (بالموس) ، لأن ذلك لا يُرضي الله ! وفي داخلهم يعشعش شيطان رجيم ، فاغر الفم لا يشبع من (شفط) مقدرات البلد ، وأذا كان (أولمرت) حُكم عليه بالسجن ثمان سنوات بسبب عشرة آلاف دولار ، ولو أن للدولة قوة أو أرادة أو شيء من معرفة الحق لمحاسبتهم ، لأستحق أحدهم السجنَ حتى يرث الله الأرض وما عليها ! عندها ، سيمتد سواد (جبهته) ، ليأكل وجهه كله ، يوم يقف بين يدي الله ! .
عندما أفلس القاضي (العصمنلي) ، قرر اصدار فرمان يُلزم بموجبه أن تُدفع (أتاوة) ذات صبغة قانونية ، وتعجب الناس المنكوبون اصلا بالفقر وشظف العيش تحت حكم العثمانيين ، وتسائلوا : بماذا تذرّع القاضي هذه المرة ، فالجميع كان يتجنب خرق القانون ، فأجابهم (كل من ليس عليه ذنب ، أو لم يرتكب جريمة ، أن يدفع للقاضي ، ليحصل على صك (لا داعي ولا مِندِعي) ! ، و هو مشهد لا يُنسى من مسرحية (الخيط والعصفور) ، ضحكنا منه كثيرا ، ودار الزمن ، ليحصل لنا أسوأ مما حصل للذين عاشوا تلك الفترة المظلمة ، الا ان ظلمتنا كانت الأكثر حلكة في تاريخ البلد ، وتحت حكم أغبى القادة وأفسدهم ، وأكثرهم استخفافا بنا ، وأشدهم نهما ، حتى تيقنّا أنهم ليسوا من أبناء جلدتنا ! ، كل ذلك و اسرائيل لن تكتفِ بحماية أمنها ، رغم أن قادتنا نجحوا في اشغال المواطن العراقي وجعله منهمكا لحماية منزله ، بعد أن نخر الفساد حتى العظام ، وبعد أن عجزت الدولة عن تأمين حدود بلده ، محافظته ، حيه السكني ، بل زقاقه !
وبسبب سياستهم الرعناء الفاسدة ، الموغلة في السرقات والأستخفاف بالمواطنين، والمجردة من أي حرص على مستقبل البلد ، أفقروا البلد وقتلوا بتعمّد كل منافذ وارداته واستثماراته بعد أن كان السبّاق من بين كل دول الشرق الأوسط ، وأفرغوا خزائن البلد الذي كان العدو والصديق يتبجح بأنه البلد الأغنى في العالم ! ، فتذكروا حيلة ذلك القاضي (العثماني) .
ترى ، ما فرقكم عن صدام الذي كان يُعرِّف القانون على أنه (جرّة قلم) بيد القائد الضرورة ، وانتم تشرعنون اجراآت قرقوشية عجيبة ، مضحكة مبكية ، لأمتصاص دم المواطن لجمع الأموال ، دون الحد من مصاريفكم الفلكية الجنونية في الأيفادات ، ودون التقليل من أبّهة سلاطين (الف ليلة وليلة) ! ، ماذا في جعبتكم من مفاجآت ، غير ارتفاع شامل للأسعار ، وزيادة الضرائب ، وغير استيفاء رسوم زيارة المستشفيات ، وأجراآت الحجز المرورية بسبب أجازات السوق ، وفرية (باجات) السيارات ، التي تبرأتم منها في السابق ، لكنها لم توقف استيفائكم مبلغ خمسة عشر الف دينار من مئات الآلاف من السيارات ، اتضح انها لم تكن سوى (نصب وأحتيال) مارسته الدولة ! ضاعت كلها أدراج الرياح ، ثم أعدتم النظر فيها تحت عنوان مشروع (صقر بغداد ) لأنها تجارة مربحة ، كل ذلك لأجل أن يحمل سائق السيارة (باج) يحمل عبارة (لا داعي ولا مندعي)!.