في بغداد ، عام 1936 ، وَلد نزار عباس(واسمه الكامل : نزار عباس زيدان العاني) . تخرج في كلية الآداب (قسم اللغة العربية) سنة 1963 . مارس التدريس في الثانوية . وصفته المصادر الأدبية بأنه قاص مبدع . وهو عضو في اتحاد الأدباء . كتب قصيدة النثر ومئآت المقالات عن هم الثقافة المعاصرة كتب عنه : الدكتور عبد الاله احمد والدكتور علي جواد الطاهر .
ويتفق الجميع على طيبته ، ودماثة خلقه . حيث أقام صلات إحترام متبادل مع الوسط الأدبي والصحفي . ومن أبرز أصدقائه : الشاعر علي الحلي .
مَحَطَّتان
لم يجمعنا مسقط الرأس ، أو الدراسة (الجامعية خاصة) . لكننا ، في بداية سبعينات القرن الماضي ، التقينا في العمل الكتابي بجريدة الثورة . حيث عين محرراً في القسم الثقافي في الجريدة . وفي عمله بها ، رصدتُ محطتين مهمتين :
الاولى : عمدت جريدة الثورة ، عام 1974 ، الى افتتاح مكتبة خاصة بها ، في مكان مطل على شارع السعدون قرب سينما السندباد . وكُلِّف الأديب نزار عباس بادارة المكتبة . وجعل نزار من المكتبة مُرفقاً أدبياً ، يؤمه الأدباء والكتاب وطالبو الاستزادة من المعرفة . وكانت معروضات المكتبة وتصميمها يساعدان على ذلك . فعلى صعيد الموجودات من الكتب ، قامتْ (دار الثورة للصحافة والنشر) ، بشراء الجديد والجيد من الاصدارات : محلياً وعربياً . أما تصميمها الداخلي فقد أنجزته ، بطلب من الدار ، مهندسة معمارية معروفة كانت تعمل في دائرة المعارض بوزارة التجارة . ادارة المكتبة كانت متنفساً مُضافاً للأديب نزار عباس .
والمحطة الثانية : كتب الأديب نزار ، كما ذكرنا قبل قليل ، موضوعاتٍ أدبية عديدة على صفحات جريدة الثورة . إلاّ أن كتاباته الأبرز كانت في زاوية (يوميات الثورة) . فهذه الزاوية (ومكانها أعلى الصفحة الأخيرة ، على الجهة اليمنى) ، استقطبتْ أبرز الكتاب : سعدي يوسف ، محمد حجازي (مصري) ، وكاتب هذه السطور ، وعلى سبيل المثال لا الحصر . وكان الأديب نزار عباس من أبرز الكتاب في هذه الزاوية .
هاتان المحطتان ، إضافة لدماثة خلقه ، وسلاسة كتاباته ، جعلته يشغل موقعاً في الجريدة ، مقترناً بالاحترام والاعتزاز به .
زقاق الفئران
وذات مرة ، أهداني الأديب نزار عباس ، نسخةً من مجموعته القصصية ، والصادرة عام 1972 ، وعنوانها : (زقاق الفئران) ، مع إهداءٍ رقيق .
وتصدرت المجموعة عبارة من القاص ، جاء فيها : أنت في زقاق الفئران ، حيثُ فقد الموتى عظامهم . مجموعة من القصص تفصح عن الجانب الانساني الرفيع لهذا الاديب . أحداثها مألوفة ، وشخصياتها أكثر أُلفة . نماذج بشرية تعيش عند قاعدة الهرم . يدفعُها طموحُها والسحق الاقتصادي والاجتماعي الذي تتعرض له ، الى محاولة الصعود نحو قمة الهرم ، بخطوط متعرجة ، والنتيجة : تكرار لما واجهه بطل رواية (إسطورة سِيزيف) ، الصعود بشكل عبثي وفاشل .
كان همه الدائم ، ما أسماهُ : رؤيته للحياة . وخلاصة هذه الرؤية : (رؤوف بالانسان ومستقبله . وأتمنى أن أشارك بجهدي المتواضع في سبيل مستقبل سعيد له) .
بعيداً عن هذه الرؤية (أَلبُوذِيَّة) ، رحل نزار عباس عام 2003 ، بهدوء وصمت .
رحمه الله .