طموحك ان تكون قائدا ليس بالامر السهل .. فالقيادة لاتاتي ضمن دورة تدريبية او ورشة عمل ينخرط فيها من يسعى او يرغب ان يكون قائدا .. فالقيادة ليست رغبة تاتي بالتدريب او التدريس انما هي موهبة ومهارة تاتي مع الانسان بالفطرة .. فكم من طفل تراه من حيث يدري او لايدري قائدا في المحيط الذي يعيش فيه .. فلا يوجد خلاف في مباديء القيادة الناجحة ولكن يوجد خلاف في آلية ونطاق تطبيقها .. فالقائد الناجح يترجم بيان رؤيته وافكاره الى اهداف وخطة عمل تربط عمله اليومي بالنتائج المتحققة ويتابع تقدمه نحو تحقيقها .. القائد الناجح لايكون بأمرة حاشيته او المحيطين به بل يسخر حاشيته لتطبيق مفردات افكاره الى واقع عمل ملموس ومتابعتها ومحاسبة المقصر في حال اخفاقه في التكليف الموكل اليه .. القائد الناجح لايحابي احد على حساب خدمة الوطن ويسخر طاقته للتفاني في اداء الواجب المكلف به .. فالقيادة ليست تشريف بل هي تكليف ولو تابعنا سيرة القادة ممن تركوا اثرا في نفوس شعوبهم لوجدنا هؤلاء القادة كانوا منفتحين غير منغلقين لاتوجد بينهم وبين مواطنيهم موانع اوسدود .. ولو تابعنا سير القادة ممن استلموا رئاسة الوزارات العراقية خلال فترة العقود الماضية لوجدنا الكثير ممن نجح منهم في ادارة البلاد وراحة العباد ولا يهم المواطن علاقة البلاد الخارجية بقدر اهتمامه بالمتوفر له من خدمات وأمن واستقرار ولو تصفحنا سير القاده ممن اثبتوا حضورا متميزا داخل المجتمع العراق لوجدنا رئيس الوزراء في عهد النظام الملكي نوري سعيد خير من جسد اصالة العلاقة بينه وبين المجتمع المحيط به ..وبعيدا عن السياسة وما تضمره من علاقات دولية سواء كانت وفق غبة الشعب او خارج عن نطاق امنياته وتمنياته فقد كان الباشا كما كان يطلق عليه العراقيون يمتلك حضورا متميزا في ساحة عمله فلم يكن الباشا حبيس الكرسي الذي يجلس عليه بل كان متفتحا بسيطا في تعامله مع ابناء شعبه فتراه تارة جالسا في احد المقاهي الشعبية يحتسي الشاي اسوة باي فرد مهما كان مستواه في المجتمع يستمع لما يدور في الشارع العراقي حتى صار الباشا انسوكلوبيديا من كثرة مايختزنه من معلومات عن فلان ا وعلان .. وما نقوله عن الباشا نوري السعيد ليس تمجيدا له لسياسته الداخلية او الخارجية فهو في هذين المجالين كان يسير وفق ارادة السلطان ونقصد به المندوب السامي البريطاني الذي كان يأمر فيؤتمر مثلما حدث بعد عام 2003 حيث الامور سارت ليس وفق ما يرتأيه السياسي العراقي بل وفق ماتمليه المصلحة الامريكية التي يمثلها سفيرها في بغداد والجولات المكوكية للمسؤولين الامريكيين .. ومهما كانت هذه التدخلات التي تصب في صلب مسار العملية السياسة فان القائد العراقي عليه واجبات ابرزها محاولة اسعاد شعبه وعملية السعادة لاتاتي من فراغ بل تتطلب من القائد ان يبتعد عن الجلوس كالوح على كرسيه بل العمل الجاد والمثمر لمشاركة ابناء شعبه همومهم من خلال وجوده قرب موقع الحدث لا ان يتابع اخباره عبر الاجهزة الاعلامية كاي فرد من عامة الشعب .. لا بل عليه التحرك وفي الحركة بركة وان يستمد معلوماته من نبض الشارع وليس من نبض حاشيته التي غالبا ماتكون لها مصالح مادية او فئوية تسعى الى تحقيقها
اذن العراق اليوم بامس الحاجة الى رئيس وزراء يمتلك دراية وهمة لازالة الغمة ومن شروط هذا التكليف ان يتجرد رئيس الوزراء من ذاته او الحزب او الفئة التي ينتمي اليها .. ليس تنكرا او استخفافا بل ان يبرهن لكل العراقيين انه قائد للعراق ولكل العراقيين مهما اختلفوا في المشارب والمضارب وان يسعى الى تحقيق ماعجز عن تحقيقه الاخرون وان يكون قويا شجاعا لايخشى في الحق لومة لائم لايتهاون مع القوي حتى ياخذ الحق للضعيف يسعى الى اسعاد شعبه والتفاني في خدمتهم يمسك بيده ميزان الحق ليكون الفيصل لكل العراقيين وبيدة الاخرى سيف بتار ليس للتلويح ولا للتجريح بل لضرب الباطل حتى يحق الحق اينما كان .. وليس المفروض او الملزم ان يلتقي رئيس الوزراء بابناء شعبه عبر اجتماعات او دعوات محددة خاصة وان التطور العلمي اعطى للقائد فسحة كبيرة للتعرف على هموم الناس عبر شبكة التواصل الاجتماعي والاطلاع عليها يوميا وتسجيل الملاحظات الكفيلة بحل العقد فكثرة المطالب تولد فكرة انبثاق قانون او تعديل مادة وردت سهوا ضمن قانون .. فالقانون في كل الاعتبارات ليس كتابا ربانيا يعتبر الاخلال بمفرداته كفرا والحادا بل هو في كل الاحوال برنامج عمل وضعه الانسان لخدمة الانسان .. اذن الشعب يريد قائدا وليس مقودا .. يريد فارسا وليس فرسا .. يريد ويريد ويريد لكن تبقى ارادته هي الاقوى .. فاحذروا غضب الحليم