23 ديسمبر، 2024 6:35 ص

نريد حربا الكل فيها خاسر

نريد حربا الكل فيها خاسر

هذا ما قاله هنري كيسنجر عجوز الدبلوماسية والسياسية الأمريكية المخضرم صاحب الرؤية الثاقبة والفكر الخصب، والذي لا زالت الولايات المتحدة لحد هذه اللحظة ملتزمة باستراتيجيته ، التي وضعها منذ الستينات من القرن الماضي.

وعلى أرض الواقع رأينا ذلك رأي العين أثناء الحرب العراقية الإيرانية وكذلك حرب الخليج الثانية والحرب القائمة اليوم ضد داعش، وهذه السياسية الأمريكية في المنطقه ليست سرا خفيا وﻻ هي بحاجة إلى خبراء لاستقراء المستقبل بل هي موجودة في كتب ومقالات كيسنجر وكذلك هو يصرح بها علنا في اللقاءات التلفزيونية الكثيرة وفي كل المناسبات.

و المؤسف في الأمر أن الشعوب العربية والإسلامية تنتج حكومات تمتلك غباء ﻻ حدود له، فعلى الرغم من هذه الاستراتيجية الواضحة والصريحية للولايات المتحدة، فإن الكل من هذه الحكومات تمني نفسها بالنصر، وعندما نجحت هذه الاستراتيجية في الحرب العراقية الإيرانية نجاحا باهراً. ارتأت امريكا أن توسع رقعتها الجغرافية أكبر من الحد ود العراقية الإيرانية فأصبحت تشمل من أفغانستان إلى ليبيا وتونس ومن اوكرانيا إلى وسط أفريقيا، ومن نتائجها أن قوضت حكومات بوليسية عتيدة من أمثال حكومة معمر القذافي وحسني مبارك وجعلت نظام بشار الأسد وعلي عبدالله صالح كالقشة في مهب الريح. ومع ذلك فلم تتعض إيران والسعودية من ذلك فبقية إيران تصر على كسب الحرب العراقية الإيرانية وكأنها كانت في هدنة انتهت بسقوط نظام صدام حسين، أما السعودية فما زالت إيران تتوسع بالمنطقة فعليها أن توازن هذا التوسع في سوريا واليمن والعراق. دون مراعاة لنعمة الأمن والاستقرار الذي تنعم فيه ،وكان الحروب التي خاضتها دول المنطقة أتت بغنائم كبيرة، شعرت انها حرمت من التمتع بامتيازاتها، والحديث يشمل تركيا وقطر والإمارات العربية، وعلى الرغم مما يمر به بلدنا من حرج شديد على كل المستويات أبرزها الأمنية ، إلا أن حكومتنا ادخلت أنفها في هذا الصراع وليست لها فيه ناقة ولا جمل، فذهبت لتأييد الربيع العربي، دون ان تعرف ماسوف يتمخض عنه، و نددت بدخول درع الجزيرة إلى البحرين، واعترض المالكي على إسقاط نظام بشار الأسد أمام أوباما كما ذكر هو في إحدى لقاءاته التلفزيونية ،ولم يوضح كيف كانت ردت فعل أوباما وتقاسم وجهه عندما سمع ذلك، وآخرها اعتراض الجعفري في جامعة الدول العربية على حرب التحالف العربي ضد الحوثيين وصالح، وأنا كمواطن لا يهمني من هذه المواقف كم هي محقة وعادلة، انا اقول أننا دفعنا من أجلها ثمنها باهظا، ولم يستفيد منها الآخر شيء ،فما الحكمة منها؟

وعلينا أن نذكر دائماً ان دول هذه المنطقة المترامية الأطراف ﻻ تعير لها امريكا أي وزن، هي تخشى فقط من حرب نووية مع روسيا والصين ويقول كيسنجر عن ذلك ( عندما تتنبه روسيا والصين إلى ما يحدث يكون الوقت قد فات ).

 [email protected]