لقد عاش العراقيون وتحديدا من سنة واحد وتسعين من القرن الماضي وحتى ليلة الخامس عشر على السادس عشر من الشهر العاشر لسنة ألفين وسبعة عشر في عراق منتهك السيادة وخصوصا فيما يتعلق بالجزء الشمالي منه حيث تم إختطافه من قبل عصابة البرزانية وحلفائها,مستغلين ماتعرض له العراق من حروب مدمرة وما أعقبتها من فوضى والتي من خلالها أنبثق دستورا أقر حق الفدرالية الذي تبنته وبسرعة تلك العصابة ذلك أنها هي من شاركت بكتابته وفصلته على مقاسها.ومنذ البداية كانت الرؤى مختلفة لدى الطرفين فالحكومة تنظر للفدرالية كما هو متعارف عليها في القانون الدولي أي أن تبقى المحافظات الثلاثة جزءا لايتجزء من العراق ولها الصلاحيات التي تضمنها الحكومة الفدرالية ولكن عند البرزنجية وحلفائهم كانت تعني خطوة على الطريق من أجل التأسيس لدولة ,وبمرور الوقت ترسخت هذه الفكرة عندهم وعند جماهيرهم خصوصا وأن الدولة لم تسعى لأيقافهم عند حدهم وبقية القصة معروفة.اليوم وبعد دخول القوات الأتحادية في كركوك وأنتشارها في المناطق المتنازع عليها وسيطرتها على المنافذ وسقوط الزعامة البرزانية المتمثلة بشخص مسعود أصيبت النخبة المتسلطة وكذلك الأحزاب وقطاع عريض من الجماهير وخصوصا الشابة بحالة دهشة وأرتباك,ذلك أنهم تصوروا أنهم كانوا يعيشون في دولة مستقلة لا يربطها بالعراق سوى خيط واه من المجاملات لا غير وبيدهم قطع وصله متى ما أرادوا.إن حالة الأنكار لازالت مستمرة عند أقطاب وزعماء الكرد بمختلف توجهاتهم, فهم بصورة عامة غير مقتنعين بفكرة العودة للصلاحيات الفدرالية التي تجاوزوها وحتى على المناطق الواقعة خارج حدود محافظاتهم, والمصيبة أن الحكومة وحتى بعد الدخول في كركوك وفرض الأرادة الأتحادية فعليا لازالت تتعامل معهم بنفس نهج ومنطق المجاملة كما قبل السادس عشر أكتوبر ,مما يشجع فيهم حالة الأنكار وتحين الفرص للعودة لمشروع الأنفصال,والتبرير هو أن الحكومة ماجائت لتحرر وإنما لأعادة نشر السلطة الأتحادية وكأنما لم تكن هنالك حركة تمرد ومحاولة أنفصال بالعنوة وتهيأ عسكري من قبل عصابات البيشمركة وأيضا تصادم وقتلى.أن هذا التهاون من قبل الحكومة وعدم تسمية الأشياء بأسمائها يؤدي الى المراوحة وأزدياد حالات التصادم وتشجيع تلك العصابات للتعرض للسلطات الأتحادية لأنها ستفسر الحلم وبعد النظرالحكومي بالتراجع وعدم القدرة على الحزم مما قد يعرض القوات الأمنية والحشد الى هجمات معاكسة وطمع في إعاد ة إحتلال المدن والقرى التي سيطرت عليها الحكومة الفدرالية,أو على أقل تقدير سيؤدي الى أعطاء صورة بأن الأمر مجرد سيطرة مؤقتة وبعدها سنعاود من جديد تفعيل الحركة الأنفصالية متى ما وافتنا الظروف والفرص
الشعب يطالب الحكومة بوضوح الرؤيا والموقف,الى أين نحن سائرون بعد السادس عشر من أكتوبر,هل سيستعيد العراقيون شمال وطنهم بعد أختطافه وتغييبه من قبل العصابة البرزانية نعم أم لا؟ وهل ستخضع الحكومة للأملاآت الأمريكية تحديدا فتمسك العصا من الوسط مما سيخذل العراقيين ويقتل فرحتهم بإلتآم الشمل من ناحية ويعطي أملا جديدا للأنفصاليين فيعودون مرة أخرى لسابق عهدهم مستقوين بماما أمريكا فتصبح الأمور أحرج وأصعب مما كانت عليه في السابق ليتحول العراق أرضا وزمنا مفتوحين للصراع الدموي الدولي والأقليمي إظافة للعراقي العراقي؟