تشعروانت تقرأ كتاب الزميل طالب سعدون الموسوم ” ند الرئيس .. كتابات في المثلث الصحفي ” ، بأن المقالات التي تضمنها الكتاب والمنشورة في جريدة الزمان ، لخصت تجربة كاتب متمرس دخل عالم الصحافة واخذ موقعه المتميز عند صاحبة الجلالة بجدارة واستحقاق ليخرج بمعادلة مهمة هي ان الكلمة مسؤولية على الكاتب ان يحافظ عليها كما اوضح ذلك في احدى مقالاته .
واذا كان المثل المعروف بان الكتاب يعرف من عنوانه ، فاننا يمكن ان نتبين بان زميلنا طالب كان موفقاً جداً وذكياً باختيار عنوان كأنه اراد من خلاله ان يبعث للاعلامي وللمسؤول وللمواطن رسائل مهمة واضحة عما يمكن ان يحققه الاعلام من خدمة للوطن والمواطن اذا ما قدر الاعلامي ( قيمة مهمته، ويحترم كلمته ، ويمارس دوره بمهنية متميزة ، ووطنية عالية .. ) كما جاء في المقدمة التي سأل فيها الزميل طالب فقال ( لماذا ند الرئيس ..؟) ليجيب فيها بوضح مستشهداً بظواهر عالمية وعربية ( كان فيهما الصحفي صنو الرئيس ونده ..).
في ” ند الرئيس ” يأخذنا الصحفي القدير طالب سعدون معه ومن اول مقال لاستشراف عالم توهم البعض انه سهلا ( بعد ان اصبحت الصحافة منفتحة على كل المهن ، والشهادات، ومن ليس متخصصا ، ومن لامهنة له بالاساس .. ) ليوضح للقاريء وباسلوب هاديء وجميل ماهي الصحافة ومن هم ابنائها فيقول (واذا كانت الصحافة وثيقة تاريخية وشاهداً على الاخرين.. فهي شاهد على نفسها ايضا وعلى ابنائها ..). وهنا كان لابد للكاتب ان يشير ومن خلال مقاله ( الاستثمار في الكلمة ) الى الاهتمام الذي يحظى به الاعلام في الدول المتقدمة والدعم الكبير لمؤسساته لكي يمارس دوره الكبير على عكس ما نحن عليه اليوم في العراق وبعض الاقطار العربية !! وهو ما حال دون ان يصل الاعلام لان يكون ” قلما وشاهدا وقاضياً “. وفي( الاعلام موقع سيادي ) يؤكد المؤلف اهمية الاعلام بل يعده( من المواقع السيادية كالخارجية والدفاع .. لانه يكون رديفاً لهما في المعارك الداخلية والخارجية ..) وهو اي الاعلام ( عين الدولة .. ) و( لكن لايمكن ان تؤدي الكلمة هذا الدور دون حرية ) وحتى لاتكون الكتابة ( حبراً على ورق ) كما يقول المؤلف فعلى السلطات متابعة ما ينشر باهتمام ومسؤولية . وفي مقال مهنة ومهمة يتناول الزميل طالب بعض جوانب عمل المؤسسات الصحفية والاعلامية وطبيعة العلاقة بالعاملين التي تتجاوز رابط الراتب من دون اغفال اهمية مراعاة الاوضاع المادية وما يواجهه الاعلامي بشكل عام والصحفي منهم بشكل خاص من تحديات في هذا المجال بسبب ( تحويل المؤسسة الصحفية الخاصة الى مؤسسة شخصية ، يغلقها المالك متى اراد .. )
ويواصل المؤلف عرض ارائه التي تجسد طموحه المشروع للارتقاء بالاداء الصحفي في العراق وسواه من الاقطار العربية في مقالات ابتعدت عن الوعظية ان صح التعبير فيقول ان ( واجب الكاتب الرقابة وتبصير اولي الامر والجماهير معاً ..) وفي مقال ( كلام في الصحافة والاعلام .. الرقابة الاعلامية ) يذكر طالب ان المؤسسات الاعلامية ( في الانظمة الديمقراطية احدى القنوات الرئيسية في مراقبة الاداء الحكومي ومحاربة الفساد .. الخ ). ويتطرق المؤلف في مقاله ( احباط ام حقيقة ) عن عدم اكتراث المسؤولين لدينا بما تتناوله الصحافة من سلبيات سواء في مجال الخدمات او سواها لينتقل الى مواضيع عن ( الشخصنة والخصصة في الاعلام ) و( رأي في مقال الرأي ) و( وذكريات ومذكرات ) و ( من هم المنقبون عن الفساد ؟ ) وثنائي الصحفي والرئيس ) و ( هيكل .. ظاهرة في الصحافة )و( رغبة رئيس .. وامنية اعلامي ) و(بين الوعظ والكتابة )و ( سلطة الصحافة واستقلاليتها ) و( هل توجد صحافة مستقلة ؟ ) و( قوة الصحافة وهم ام حقيقة ؟) و( ما للشعب للشعب ومالكم خذوه ) و ( زمن الاقدام وليس زمن الاقلام ) و( حزب جديد اقوى من كل الاحزاب ) و( عمود شبه يومي ) و( توضيح الواضح ) و( اخطاء صحفية .. اسود رجاءً ) وجميعها تنضح بتجربة عميقة ودروس غنية يحتاجها الاعلامي لكي لاينسى دوره المهم .
الكتاب تضمن مقالات اخرى لاتقل اهمية عما ذكرناه في هذا الاستعراض السريع يستعرض فيها الزميل طالب السعدون جوانب من السلبيات التي نمر فيها اضافة الى تسليطه الضوء على ما تتعرض له لغتنا من تشويه وصفه بـ ( تلوث لغوي ).
اخيرا فلا اعتقد انني ابالغ اذا ما قلت ان الكتاب يحتل اهمية خاصة تستدعي قراءته في مرحلة يشهد فيها العراق تطورات خطيرة مع ثورة الشباب ضد الفساد وانطلاق شرارة تظاهراتهم الشعبية منذ تشرين الاول والى الان .