23 ديسمبر، 2024 1:58 م

نداء وطني لاسترجاع اموال الفقراء .. حقائق عن اضخم عملية فساد مالي في تاريخ البشرية ؟

نداء وطني لاسترجاع اموال الفقراء .. حقائق عن اضخم عملية فساد مالي في تاريخ البشرية ؟

بعيدا عن مخططات الادارات الاميركية المتعاقبة في ابقاء العراق بلدا يتـأرجح تحت وطأة الفتن والاقتتال وعدم الاستقرار ، فان تلك الادارات حرصت منذ دخول قواتها العراق في نيسان 2003 على تنفيذ اجندتين اقتصاديتين خطط لهما بشكل منظم ومدروس ، الاولى تتمثل في تدمير المؤسسات والبنى التحتية المتبقية للبلاد من خلال عمليات القصف الجوي التي سبقت انهيار الحكم المباد باستثناء مبنى وزارة النفط ؟. اما الاجندة الثانية فهي عمليات النهب المنظمة لاموال العراق الخارجية والداخلية التي تعدُّ اشهر واكبر عملية نهب مالية في تاريخ البشرية بحسب مسؤولين فيدراليين اميركان.
الامر الخطير في هذين الملفين هو النهب المنظم الذي تعرضت وتتعرض له اموال العراق الخارجية الموقوفة او الداخلية الواردة للعراق لاسيما اموال صادرات النفط ، فهي وبحسب قرار الامم المتحدة بعد 2003 القاضي “ان تصبح اميركا الجهة الراعية والمشرفة على الأموال العراقية التي كانت مجمدة بالخارج ، منها الاموال المعلومة العائدة للرئيس المخلوع صدام حسين واركان نظامه، حيث تم أنشاء مايسمى (صندوق تنمية العراق) الذي تجمع كل هذه الاموال فيه، وهي موجودات عراقية كانت مجمدة في الولايات المتحدة وبلدان اخرى، وبهذا كلفت اميركا رسمياً بصرف تلك الاموال من خلال وزارة الدفاع الاميركية بموجب تخويل من الامم المتحدة، بذلك اصبحت اميركا هي من تصرف احتياجات الوزارات العراقية المالية ، من هنا بدأت ملامح اكبر عملية نهب علنية في التاريخ.
وعلى الرغم من الاموال الكبيرة التي جمعت في (صندوق تنمية العراق) الذي أنشأ في 2003  الخاص باعادة اعمار العراق لكن لن يرى العراق مشاريع عملاقة تذكر، كان يفترض ان تحدث طفرة نوعية في حياة العراقيين ، باستثناء بعض المشاريع الصغيرة التي صرفت عليها المليارات بطرق تتصف باكبر عمليات احتيال ونصب على العراقيين.

قمت بجمع نماذج مؤسفة ومؤلمة من السرقات الضخمة لاموال العراق حيث لم  يتم للان ارجاع اياً من تلك الاموال او مقاضاة الشخصيات او الشركات المتورطة بتلك السرقات او الهدر الشخصي المتعمد ، باستثناء بعض الاحكام البسيطة بحق جنود اميركان قاموا بسرقة اموال عراقية كبيرة. واوجز بعض النماذج التي تؤشر مستوى عمليات السرقة والنهب والاحتيال:

ذكر المفتش العام للبنتاغون خلال مراجعته لبعض العقود التي ابرمتها وزارة الدفاع الاميركية المسؤولة عن ادارة العراق مع متعاقدين اميركان لتنفيذ مشاريع ، والتي بلغت قيمتها حوالي” 8 بلايين $” !،حيث فشلت جميع العقود في الامتثال لقوانين واصول الصرف لعدم وجود أية مستندات رسمية لتبرير صرف هذه الاموال الطائلة والتي يمكن ان تتصف بعمليات النهب والاحتيال المنظمة.بحسب تقرير لصحيفة (نيويورك تايمزالاميركية).

من جهة اخرى أصدر مكتب المحقق الاميركي الخاص حول اعادة إعمار العراق تقريراً أفاد فيه ان “البنتاغون” لايستطيع معرفة مصير” 96% ” من اصول مبلغ قدره ” 9،1 مليار $ “على الاقل من اموال عراقية صودرت بعد دخول القوات الاميركية للعراق حيث سلمت الى “البنتاغون” لصرفها على مشاريع اعادة اعمار العراق! ، كما ان ما مجموعه ” 8،7 مليار $ ” اختفت من ( صندوق تنمية العراق) خلال الفترة من” 9-4-2003 الى 9-4-2004 ” الذي كان يشرف عليه رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق المخرب “بول بريمر” خلال 15 شهراً وهي فترة حكمه للبلاد ، وهذا المبلغ هو من ايرادات النفط والغاز العراقي. حسب ما اورده موقع (غلوبات ريسيرش) الاميركي في2004 اثر شهادات موظفين سبق ان عملوا بالعراق فضلا عن تسريبات من وزارة الدفاع الاميركية.

كما اعترف (واين وايت) المسؤول السابق في الخارجية الأميركية الذي شملت صلاحيته العراق بين عامي 2003 2005، قائلاً: ” انه من المحزن ان نرى العراق وهو بحاجة الى كل دولار لاعادة اعمار ما تم تدميره خلال الحروب ، ان نكشف عن عمليات هدر وسرقات منظمة كبيرة جداً لاموال العراق “، واصفا الامر أشبه (بالكارثة) لعدم وجود أي قيود على حركة الاموال العراقية ،مضيفا ” الامر الذي يصعب علينا هو عدم معرفة اين ذهبت هذه الاموال العراقية الضخمة ،وهذا معناه ان ملفات معظم هذه السرقات قد اغلقت بهذه السهولة”.

 من جانبه اوضح بيان لمجلس الامن الدولي خلال استماعه للجنة المشورة والمراقبة للاموال العراقية عام 2005 التي قدمها رئيسها (وارن ساش) “ان المراقبة الاممية على عائدات النفط البالغة نحو 100 مليار $ تعاني من قصور لاسيما بما يخص ضعف المعلومات المتعلقة بالعقود والوكالات التي ابرمتها اميركا مع المتعاقدين لتنفيذ مشاريع مفترضة بالعراق”؟.
 
تقرير أخر أصدرته الامم المتحدة أشار الى “وجود قصور واضح في المراقبة المالية على ايرادات عائدات النفط العراقي من قبل اميركا”. 
في السياق ذاته اكد محققون فيدراليون أميركيون كانوا ينظرون في قضية احتيال قامت بها “شركتين بريطانيتين” مدعومتين من رجال أعمال اميركان من “ولاية ماساشوستس الأميركية” تورطتا فيها منذ عدة سنوات في العراق.  حيث حاول المحققون خلال التحقيق الذي ركز على الكيفية التي جرى فيها ” إنفاق مليارات الدولارات العراقية على مشاريع إعادة الإعمار في العراق، ويُظهر ان نتائج التحقيق اكدت ” أن تدفق الأموال بصورة عشوائية على تمويل هذه المشاريع خلق فرصا للتحايل بضياع ومجهولية هذه المليارات”وفقا لما أورده تقرير لوكالة أسوشيتد برس الاميركية.

ويشير التقرير كذلك إلى ” ادلة حول جمع الشركتين البريطانيتين ( 8،5 مليون $ ) عبر اختلاق فواتير وهمية عام 2004 لشراء شحنة من السيارات المصفحة لصالح وزارة الداخلية العراقية حيث لم تتسلم الاخيرة هذه السيارات مطلقا “. فقا لتسجيلات سمحت المحكمة الفيدرالية الاميركية بنشرها حديثا.

واضاف (وايت) على سبيل المثال لا الحصر: ان الخزينة الرئيسة في محافظة “الحلة” كانت تسرب منها المبالغ النقدية الى متعاقدين اميركين وعراقيين دون مستندات بامر من مسؤولي التعاقد والدفع. كما سلموا مبلغ 800،662 الف $ الى متعاقد اميركي لاعادة تأهيل مستشفى بالحلة  في حزيران 2004 ولم يتم اعادة تأهيل المستشفى ، وقتل ثلاث اطفال نتيجة سقوطهم من احدى فتحات المصعد العلوي الذي كان ضمن مفردات اعادة التأهيل.

تبقى من القصص المثيرة التي اشارت لها صحيفة (نيويورك تايمز) نقلا عن معلومات من البنتاغون ،” ان القوات الاميركية في العراق كلفت جندياً اميركياً لمرافقة الفريق الاولمبي العراقي لكرة القدم خلال رحلته الى الفلبين في 2005 وسلمته مبلغ كبير جدا لتمويل رحلة الفريق ،  لكن الجندي صرف جزء قليل جدا من المبلغ على الفريق واخذ بقية المبلغ حيث خسر منه نحو( 60 الف $ ) في احدى صالات القمار في الفلبين ” ، ولم يستطيع تقرير البنتاغون من تحديد المبلغ الكلي المستلم لعدم وجود اي مستند رسمي بالمبلغ!. 
ان مسلسل الاعترافات بقضايا النهب والسرقة التي ارتكبها مسؤولون في الادارة الاميركية طويل يحتاج الى ملفات تعتمد الدقة والتمحيص في جمع المعلومات والادلة الكثيرة المتوفرة ، لذلك اناشد منظمات المجتمع المدني للضغط والعمل الجاد من اجل دفع الحكومة والبرلمان لاقامة دعاوى في المحاكم الدولية لاسترجاع تلك المبالغ الخيالية حيث تدين الكثير من الوثائق الاميركية فبل غيرها عمليات النهب والسرقة والهدر المتعمد لاموالنا “اموال الفقراء” التي ضاعت كما تضيع وتتفرهد اموالنا على ايدي الاساوش من ساستنا وتجار المقاولات التي تعمل وفق مقايسس “شيلني وشيلك”.
 
اما (روبرت شتاين) الذي كان يشغل منصباً رفيعاً في سلطة الائتلاف المؤقتة التي كانت تدير العراق بعد 2003 الذي اعترف امام محكة واشنطن بسرقة اكثر من 4.12  مليون $ كما استلم رشى تقدر ضعف هذا المبلغ مقابل الموافقة على عقود مفترضة تصل قيمتها 8 مليون $ في مناطق جنوب ووسط العراق في عام 2003 و2004 ، وتمت تهريب تلك الاموال جوا الى اميركا في حقائب،كما اغدقت عليه هدايا وخدمات جنسية في فيلا ضخمة له ببغداد.

 [email protected]