نداء لكل ضمير إنساني وحكومة وطنية

نداء لكل ضمير إنساني وحكومة وطنية

أغلى ثروة تملكها الأمم ليست في نفطها ولا ذهبها ولا أراضيها بل في عقولها وكفاءاتها وأصحاب الفكر والعلم من مختلف التخصصات هؤلاء هم وقود النهضة ومحرك التطور وسند الشعوب وقت الأزمات في إحدى رحلاتي خارج البلاد التقيت بأستاذ جامعي سوري يعمل في مطعم صغير لا يشبه تاريخه الأكاديمي ولا علمه ولا مكانته وعندما عرف أنني عراقي بادرني بحديث طويل ومؤلم عن واقع الكفاءات السورية والعربية المهاجرة في بلدان الغربة تحدث عن غربتهم عن معاناتهم عن شعورهم بأنهم منسيون بينما كانوا يوما ما أعمدة في مؤسسات علمية وبحثية في أوطانهم ذلك اللقاء لم يكن عاديا كان صادقا جارحا إنسانيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى جعلني أتأمل في حال آلاف العقول العربية التي اضطرتها الأزمات والحروب والظروف السياسية والاقتصادية إلى الرحيل بحثا عن الأمان والكرامة والفرصة وما يؤلم أكثر أن كثيرا من هذه الكفاءات تعمل اليوم في وظائف لا تليق بمؤهلاتهم بل في أعمال لا تمت بصلة لعلمهم وتجربتهم وهناك من يبدع في جامعات ومراكز أبحاث أجنبية بينما أوطانهم تحترق أو تنتظر من ينهض بها.

من هنا أرفع ندائي إلى كل ضمير إنساني وإلى كل حكومة وطنية وخاصة حكومتنا العراقية لماذا لا نكون نحن من يحتضنهم لماذا لا يتبنى العراق مشروعا حقيقيا وفعالا لاحتواء الكفاءات العربية المهاجرة ومنحهم الفرصة للعيش والعمل بكرامة حتى تستقر أوضاع أوطانهم ويعودوا إليها بسلام

ليكن العراق كما كان دائما بيت العرب الحضن الآمن والملاذ الشريف لأشقائنا الذين ضاقت بهم الأيام لا نطلب مجاملة ولا شفقة بل واجبا أخويا وإنسانيا تفرضه الأخلاق وتمليه قيم العروبة وأصالة الموقف

قد تمر بعض الدول العربية اليوم بظروف استثنائية ولكن الغد قادم والتاريخ لا ينسى من وقف ومن غاب عن الواجب فلنكتب اليوم موقفا مشرفا تحفظه الأجيال وتردده الألسن ويشهد له الضمير والعقول العربية لا تنتظر الشفقة بل تنتظر الاحترام والتقدير والاحتواء فلنكن على قدر هذه المسؤولية ولنمنحهم ما يستحقونه فهم بيننا لا غرباء ولا لاجئين بل أخوة وأبناء هذه الأرض الممتدة من المحيط إلى الخليج

والله من وراء القصد

أحدث المقالات

أحدث المقالات