لا يخفى على احد ان المستوى التعليمي في تنازل وهبوط بل في انحدار شديد رغم المحاولات البائسة من الحكومة والشعب للنهوض بالعلم والمعرفة والغاية منهما وهي نهضة العقول وارتقائها الى حيث تنتمي من نبوغ ونضوج وفكر انيق وشعب سليم فكرياً وعلمياً وعملياً ولكن احداً لم يسأل نفسه عن سبب هذا الانحدار او ربما سأل البعض نفسه هذا السؤال ولكنه لم يكلف نفسه عناء البحث عن الاجابة وحتى الاجابات في هذا الصدد سطحية يركز البعض منها على ان مشاكل الحياة كثيرة وان لا مجال للأبداع العلمي في دنيا التنافس للحصول على ابسط المقومات من ماء وكهرباء ووووغيرها الكثير من الاعذار الواهية والحجج السخيفة التي لو اعتمدها غيرنا لما وصلوا الى ما وصلوا اليه. فالنداء لكل طالب وتلميذ وولي امر وتربوي وتدريسي واكاديمي ومثقف ومفكر وكل من له علاقة بالعلم والمعرفة اقول:
جاء في الحديث الشريف (هب انه لا جنة ولا نار افلا تحبون مكارم الاخلاق؟) واقول للمعنيين افترضوا ان النجاح مضمون وان التعيين مضمون وان لا تفاضل بين عالم وجاهل (رغم وجود التفاضل والتمييز سواء في الدنيا او الاخرة فحتماً لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون!) وافترض ان العالم والجاهل يعيشون ايامهم بالسواء وان الكل مضمون المعيشة والرفاه (فرضاً طبعاً والا فالفروق موجودة حتماً)، افلا تحبون ان تعلموا كيف يسير الكون حولكم؟ افلا تحبون ان تتميزوا في مجال تخصصكم؟ افلا تحبون ان تكونوا نافعين لمجتمعكم؟ افلا يأخذكم حب الفضول لمعرفة اسرار العلوم؟ وكيفية تفكير الاخرين؟ وكيف وصل غيرنا الى ما وصلوا اليه؟ وكيف يتحدث غيركم بلباقة اكثر منكم؟ افلا تريدون ان تختبروا عقولكم ومدى استيعابكم؟ افلا تريدون ان تجربوا لذة تعلم شيء جديد؟ تلك الذة التي قال عنها بعض العلماء (لو علم الملوك والسلاطين ما في العلم والتعلم من لذة ونشوة لقاتلونا عليها بالسيوف!)؟ فلا تجعلوا الدراسة وسيلة لنيل ورقة مختومة ومصدقة بأسم (وثيقة تخرج) بل اجعلوا الدراسة وسيلة لنيل اثبات بأنكم (ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر).
مساواة كاذبة
يدعي البعض ان العراق يسير بأتجاه المساواة بين عالم وجاهل وفاهم وغيره ومتميز ومتقاعس والسبب ان الكل بعد ان يحصل على واسطة او صدفة او قدر يتخرج وبنفس الطريقة يتعين! فما فائدة التميز والفهم والعلم بين جهال فمتى اردت الكلام بشكل منطقي واستدلالي تواجه بجهل الجاهلين واستهزاء المستهزئين ويفضل ان تنزل الى مستوى (العامة) بدل ان تحاول يائساً ان ترفعهم الى مستواك!!؟؟ كلمات كهذه يهتز لها البدن ويقشعر لها الجلد فهي تنم عن عدم الشعور بالمسؤولية والهروب من الواجب العيني للمثقف في مجتمعه من الجهاد لمحاولة الصعود بالمستوى العام الى حيث ينبغي للأنسان (خليفة الله في الارض) فجهل المجتمع واستهزائه بالمثقف والمتفلسف والصادح بغير المألوف كل هذا لا يعفي المثقف من مسؤوليته ولا يعفي طالب العلم من واجبه للتفوق والتميز ومحاولة اكتساب اكبر قدر من المعلومات في سني الدراسة فالوضع الى تغير لا محالة ومهما دامت هذه المساواة الكاذبة فهي الى زوال حتماً.
مشاغل وهموم ومثالية زائدة!
يدعي اخرون ان للفرد العراقي من الهموم والمشاكل ما يثقل كاهله ولا يدع له مجالاً للأبداع العلمي او حتى الوقت للمتابعة اليومية للتحاضير الدراسية او محاولة التثقيف الذاتي او الاشتراك في ملتقيات ثقافية او غيرها والجواب على هذا هو بأختصار: لو عمل غيرنا بما تدعون لما وصلوا لما وصلوا اليه فالانسان كائن متعدد الابعاد كما تحتاج بطنه الى الزاد لتشبع وتستريح يحتاج عقله الى زاد من العلم والمعرفة ليرتقي ويسمو ويتكامل فالظروف لم ولن تكون مثالية في الارض حتى ننتظر الغيث السماوي ليملأ جرابنا ذهباً وفضة ما لم نغير حالنا ووضعنا الى الافضل بالعلم والعمل.