الى جميع من يصله ندائي من المثقفين العرب لاسيّما الباحثين في الاستشراق.
لا يخفى عليكم ان المستشرق الالماني تيودور نولدكه هو من اشهر واعظم المستشرقين، والذي اصبحت مؤلفاته اساساً لنظرة الغرب الى الاسلام والعرب، كما حظي باحترام كبير من قبل المثقفين المسلمين الذين وصفوه بالموضوعية والنزاهة العلمية.
وقد اتيح لي الاطلاع اخيراً على الترجمـة العربيـة الاولى لكتابه الشهير ” تاريخ القرآن” الذي الفه عام 1860 ونال على تأليفه شهادة الدكتوراه وهو ابن العشرين عاما.
ونظرا لاهمية الكتاب فقد اعيدت طباعته –بالالمانية- مع تعديلات واضافات من قبل تلميذه المستشرق شيفالي ثم من تلميذ شيفالي المستشرق فيشر حتى بلغ الكتاب اضعاف حجمه السابق وتمت ترجمته الى العربية أخيراً من قبل الاستاذ جورج تامر ضمن مشروع ترعاه مؤسسة المانية تهتم بالتلاقح الثقافي والحوار بين الاسلام والغرب.
لدى قراءتي للكتاب لفت نظري فيه تفسيره لنبوة نبي الاسلام محمد (ص) حيث يتلخص رأي نولدكه فيه بأنه نبي حقيقي اذا فهمنا معنى النبوة الذي هو – على حد تعبير نولدكه- تشرّب الشخص بفكرة دينية الى حد يتصور ان ما حصل في نفسه هو كلام الله له وانه – اي النبي – يؤمن ايمانا حقيقيا بأن ما يتراءى له هو فعلا وحي من عند الله، وأن النبي محمد كان يعاني من اضطرابات نفسية شديدة وتعتريه غيبوبة يتراءى له خلالها ما يقوله من كلام ينسبه للوحي.
ولدعم رأيه هذا في النبوة يدعي نولدكه ان هذه هو التفسير العلمي القائم على معطيات الطب.
عند قراءتي لهذا الكلام وتقييمي له من الناحية العلمية فكرت في القضية التالية:
ان العلم الذي يجب ان يعطي رأيا في هذه المسالة هو علم الطب وليس أي علم آخر (ونولدكه نفسه ينسب هذا التفسير الى الطب) لكني – وباعتباري طبيبا اخصائيا مارست التطبيب العام والتخصصي، كما مارست تدريس الطب ايضا – لم اجد فيما درسته ودرّسته أية حالة مرضية تشبه ما يصفه نولدكه من حالات تؤدي الى صدور ما صدر عن النبي محمد من افكار ونصوص أو ما يشبهها ناهيك عن بناء دولة وانشاء أمة.
كما اني بحثت بجد واهتمام في طب الاعصاب وفي الطب النفسي والعقلي
عن أية اشارة يمكن ان تدعم رأي نولدكه في تفسير نبوة نبي الاسلام، فلم أجد.
لذلك فكرت في ان اكتب مقالا علميا حول هذا الموضوع.
لكني – واستكمالا للشروط الضرورية في البحث العلمي – حاولت ان اجد المصدر الذي استقى منه نولدكه ذلك التفسير الطبي لظاهرة النبوة فلم انجح. ذلك ان نولدكه لم يكن طبيبا ابدا، كما انه لم يشر الى اي مصدر طبي يدعم نظريته في تفسير النبوة، كما لم يذكر اسم طبيب رجع اليه في هذا التفسير، وهذا يجعل تفسيره هذا محل شك وتساؤول، كما يضع مصداقيته العليمة في الميزان، فكيف يفتي عالم كبير لا معرفة له بالطب برأي طبي في مسألة خطيرة كهذه دون ان يرجع الى مصدر مؤهل لاعطاء المشورة التخصصية؟
ولأني لم استوفِ كل المصادر في بحثي عن مرجعية نولدكه في تفسيره الطبي لظاهرة النبوة فانني اتوجه بندائي هذا الى كل مثقف عربي برجائي في مساعدتي بأن يدلني على امرين :
الاول ما هو المصدر الطبي (كتاب طبي او طبيب) يمكن ان يكون استند اليه نولدكه في تفسيره لظاهرة النبوة ؟ لكي اضعه في ميزان العلم قبل ان احكم في قضية لم استوفِ أدلتها بعد.
الثاني : هل سبق لكاتب شرقي أم غربي أن أثار هذا السؤال؟ أي هل ناقش احد نقاد نولدكه مسالة اعطائه حكما في قضية طبية بدون ان يستعين بكتاب طبي او يستشير طبياً؟
آمل من اساتذتي المثقفين اعانتي في هذا الامر لكي لا ارتكب خطأً علميا اكون فيه مسؤولا عن تشويه سمعة مستشرق كبير يتمتع باحترام الاوساط العلمية في الشرق والغرب فأكون قد ظلمت نفسي وظلمت من يقرأ مقالتي التي اريد كتابتها
راجيا من اساتذتي المثقفين ان يتحفوني بردهم على عنواني الالكتروني التالي
مع جزيل شكري سلفا