المرجعية الشيعية والمتمثلة بالسيد علي السيستاني دام ظله الوارف على أبناء العراق ، و التي قد نظلمها عندما نقول إنها (شيعية) بل هي مرجعية العراقيين جميعا او مرجعية كل شريف، هذه المرجعية التي طالما كانت لها مواقف مشرفة في الدفاع عن وحدة العراق وإنقاذه من أزماته بمواقف حكيمة للغاية ، و هذا رأيي الشخصي الذي تبلور هذه الأيام.
لا أريد ان استذكر بعضا من تلك المواقف التي اعتبرها حكيمة للغاية لأنها قد تكون حساسة للبعض، على أي حال بودي ان استذكر ثلاث مواقف لهذه المرجعية مؤخرا ، قبل احداث الموصل
الاول: وهو توجيه المرجعية الدينية منذ فترة ليست بالقصيرة لاستبدال كلمة (اخواننا السنة) و تبديلها بكلمة (انفسنا السنة) للتأكيد على وحدة العراق و نبذ الطائفية المقيتة التي يروج لها البعض من القادة الدينين و الجهال من الشعب.
الثاني: هو عندما دعت المرجعية للـ “تغيير” قبيل الانتخابات ، المرجعية ارادت من الناس تغيير الوضع المزري الذي تعيشه الدولة العراقية بسبب اختيارات الناس السابقة، ودعت الناس لاختيار من هم أهل للكفاءة و الخبرة وممن يتمتعون بالنزاهة ليكونوا بديلا عن الموجودين الذين فشلوا في استغلال موارد العراق لصالح شعبه، و نجحوا في استغلالها لمصالحهم بدءا من .. ونزولا إلى.، و قد رفضت المرجعية رغم الضغوطات التصريح بمن يجب انتخابه و من لا يجب انتخابه، و قالت هذه مسؤولية الشعب، إن ارادوا خيرا بانفسهم فلهم ما كسبوا، و وإن ارادوا شرا فعليهم ما اكتسبوا
الثالث : هو عندما ظهرت نتائج الانتخابات و فاز من فاز فيها، و خسر من خسر، و لكن بالإجمال (ووفق تصوري) لم يتحقق التغيير المنشود الذي دعت إليه المرجعية، فما كان من المرجعية إلا أن تقول “إن على الشعب ان يتقبل نتيجة اختياره، و أن يغلق باب العراك و التجاذبات لأنه لا طائل منه و صارت احداث الموصل، مهما كان الطرف الذي تسبب فيها بصورة مباشرة او غير مباشرة، و تمكن الإرهابيون القذرون الذين طالما اذاقونا مرارة القتل والتفجير بظل وجود حكومة غير قادرة على إيقافهم بسبب أزماتها الداخلية (وهذا رأيي الشخصي لا أريد ان يشاطرني احد فيه، ولكن ليحترمه) من السيطرة على بعض مدن العراق ، فما كان من المرجعية إلا ان تقول كلمتها الفصل بوجوب الدفاع عن حرمات العراق وارضه ضد الإرهابيين ، نعم قالت بالحرف الواحد (فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ، و لا تختص بطائفة دون أخرى ، او بطرف دون آخر) في واحدة من أجمل الخطب والتي تحتوي على دلالات عميقة ولكن للاسف لم يفهم الناس منها إلا ما يريدون فهمه، و لم يعيروا أهمية لبعض الفقرات والإشارات المهمة للغاية، لمشاهدة الفيديو و الاستماع بانتباه شديد:
هذا المقطع اولا:
http://www.bbc.co.uk/arabic/multimed…ni_jihad.shtml
وهذا ثانيا
http://www.alalam.ir/news/1602702
سأحاول أن الخص هذه الإشارات
1- المرجعية لم تقول إنها (حرب الشيعة ضد السنة) أبدا، بل قالت إنها حرب أبناء الوطن ضد المعتدين، وهنا من المفترض ان تسكت اصوات الطائفيون من أبناء الشيعة والسنة.
2- المرجعية أعلنت إن الجهاد هو واجب كفائي، يعني ليس بالضرورة أن يحمل الجميع السلاح، بل فقط ما يكفي لتحقيق (الغرض)
3- إن الغرض تحديدا حسب كلام المرجعية هو (دفع شر هؤلاء المعتدين، و حفظ العراق و شعب العراق و حفظ اعراض الناس ، و حفظ المقدسات من الهدم).
4- إن من يموت و كانت نيته (وهذه مهمة للغاية) في سبيل الدفاع عن بلده و اهله و اعراضهم فإنه يكون شهيدا، وهذا يعني إن من دفعته الطائفية ،أو من
أجل شخصية سياسية معينة او لأجل التظاهر بالوطنية فهو ليس شهيدا ، الإثنين يقاتلون و قد يقتلون ، و لكن الله سوف يحاسب الجميع على النيات
فلتكن النيات صحيحة.
كما إن المرجعية أيضا في بياناتها الملحقة بينت هذا الأمر ، و صرحت إلى المواطنين بالابتعاد عن أي تصرفات ذات توجه قومي أو طائفي يسيء الى وحدة
النسيج الوطني، وشددت على ضرورة اجتناب المظاهر المسلحة خارج القانون، مطالبا الجهات الرسمية بمنعها. وقالت في البيان الملحق ان (على جميع
المواطنين ولاسيما في المناطق المختلطة ان يكونوا بأعلى درجات ضبط النفس في هذه الظروف الحرجة) وشددت على ضرورة (ان يعملوا على ما يشدّ من أواصر
الالفة والمحبة بين مختلف مكوّناتهم). وناشدت المواطنين بـ(الابتعاد عن أيّ تصرف ذات توجه قومي أو طائفي يسيء الى وحدة النسيج الوطني للشعب)، و
هنا نذكر قيام بعض القنوات بوضع صورة السيد السيستاني، فما كان من الاخير إلا أن يمنع هذه الحالة و يوجه بوضع العلم العراقي بدلا منها
مجمل ما في الأمر، إن على الجميع أن يفهم إن الأولوية في الموقف الان من وجهة نظر المرجعية هو دفع شر الإرهابيين الذين تكاتفوا على قتل العراقيين
و صرحوا بإن تصفية الحساب سيكون في كربلاء والنجف، و لكن أعطت أولوية مماثلة إلى ضرورة ضبط النفس و عدم التصرف وفق مبدأ الطائفية، و أن يكون
الغاية من القتال هو حفظ العراق و الدفاع عن مدنه و مقدساته وحرماته و صيانة ارواح و اعراض الناس .. فلا يكون فيكم مرتاب في ماهية نداء
المرجعية ، و لا يستغله احد لأجل مصلحة سياسية او طائفية او قومية معينة، فالحق بين و الباطل بين .. و ما بينهما هو خط فاصل فأحرص على عدم تجاوزه
فتكون على باطل، و تخسر انسانيتك ودينك .