حين يسود القانون ينتفي ظلم الدولة. وحين تتقدم الرعاية الإجتماعية ينتفي ظلم المجتمع. كلاهما يفتقد لهما اللاجئ “الفلسطيني- العراقي- السوري” اليوم. هامش الخطأ والتقدير ليس فيما هو واضح ومحسوم بل فيما هو مختلف عليه. هنالك فارق بين الموقف ورواية الحدث. الرواية لا تحتمل موقفاً. الموقف رأي في الحدث وليس “الحدث”.. أي “حدث”.. إنه العداء القديم للاجئ الفلسطيني المتجدد بعنوانه العراقي- السوري. والحديث عن عبئهم على إقتصاد وأمن بلدان ومجتمعات اللجوء يتضاعف جراء كثرة الولادات بينهم ومستقبلاً تحولهم إلى قنبلة بشرية تتغير معها دراماتيكياً هوية وتركيبة هذه البلدان والمجتمعات. فيما ينسى أو يتناسى مطلقي هذه الشعارات والأقاويل والتآويل المعادية أنهم مزدوجي الجنسية بفعل لجوئهم للخارج إنطلاقاً من بلدان الجوار العراقي- السوري التي تتشكى حكوماتها اليوم من وفرة اللاجئين. بينما هم من يشرعون لهم الأبواب لكي ينهبوا أموال “الدول المانحة” ويطوون ملفات إعادة توطينهم بعدم النظر فيها تحت عنوان “عدم إستيفاءها الشروط القانونية”. ثم يخضعونهم للإبتزاز المادي- الرشى-. والديني المذهبي- تغيير الديانة والمعتقد-. والإثني- تغيير القومية-. والحزبي- الإنتقال من المعارضة إلى الموالاة- وخاتمتها التحول الجنسي. كلها تمارسها منظمات اللجوء ووكالات الغوث الدولية والحكومية. تحت عنوان “إغاثة اللاجئين وحقوق الإنسان”. ناهيك عن فبركتهم قصصاً ما أنزل الله بها من سلطان تتحدث عن ماكينات لفرم البشر كان يستخدمها النظام “س” أو “ش” لطمر معارضيه من لونٍ واحد. ولو سلمنا بالقول لهذه الخرافات وكانت هذه الفرامات شغالة لسنوات حُكمِ من رحل بغزو بلاده، لما بقي منكم لا بشر ولا شيئٌ منتظر. ولما حكمتمونا بالحديد والنار والفرامات الحقيقية لا الوهمية وتوارثتم الحكم بفعل التكاثر الشرعي وغير الشرعي.
يواجه اللاجئون الفلسطينيون والعراقيون والسوريون في بعض مواقع لجوئهم مشاعر معادية تجعلهم يبحثون عن لجوء آخر بديل. أي إنهم يلجؤون من لجوئهم بعد أن لجئوا إليه من قهر أنظمتهم. ماذا يراد لهم أكثر من هذا الهوان..؟ لا يلجأ اللاجئ من هؤلاء مقاتلاً. يلجأ مسالماً، مهزوماً في وطنه ذليلاً بلجوئه، ضائعاً بين عطف مصطنع وعداء واضح. قالوا للسلطان: إن الفلسطينيين والعراقيين والسوريين المهاجرين يموتون في الثلوج من البرد. قال: “وفّروا علينا الرصاص”..؟
عداء آخر مستعلن يواجهه هؤلاء اللاجئين هو الخوض في أعراضهم. بعنوان “زواج نكاح. وزواج قاصرات”. متناسياً الخائضون المحرضون على ذلك أنهم أبناء أما “زواج متعة”. أو “زواج مسيار”. إذاً حلت تلك مكان هذه وصلى الله وبارك. وما إعلاناتهم عن عقود النكاح بسعر معلوم ووقت معلوم وحق مهظوم لصاحب حق مظلوم. إنما هو متمم لإعلانات بيع الخائضون في سوق النخاسة. العرض المتمم هو بيع (الغلمان) و(الرجال) أيضاً وبسعر السوق ولأن المعروض موفور فإن السعر يمكن المفاصلة فيه. الغلام- حاجة نظام روحاني مالكي- بعشرة آلاف إذا كان مسؤولاً باكراً، غير ذلك ببلاش.. والكل بضاعة يمكن التأكد من جودتها لمرة واحدة.. إنتهى العرض.
بقي العرض الآخر: عندنا رجال بلا نخوة، ورجال مرتزقة. ورجال بلا عرض. ورجال يخدمون في مكاتب السلطان، ورجال يمكن أن تسميهم رجالاً، ورجال كانوا رجالاً. عندنا من كل الأصناف والكل للبيع والسعر بحسب جهة الإستعمال ، وفي الليل أم في النهار، وفي المعارضة أم في الموالاة.. الكل معروض للبيع. فلسطين والعراق وسورية صارت للبيع. لا تنسوا أن تستروا إذا وجدتم أن الكثير من الرجال سبق إستعمالهم. إطمئنوا. الرجل لايحمل ولايحبل. هذا يعني أن لا فضائح.
بقي أن نقول: أيهما الإرهابي: قاتل الحرية أم شهيدها.. بائع الضمير والشرف أم المنحور بسببهما..؟!