18 ديسمبر، 2024 7:58 م

اللهم نسألك حسن الخاتمة

الله نسأل حسن الخاتمة:

هو دعاء دون شك يحمل أمنية تتجاوز موضعها لتكون غاية عظمى عند بني آدم جميعا في آخر أعمال يعملونها وآخر فكرة يفكرون بها وأخر كلمات ينطقونها، دون شك أن هذا دعاء جميل ينبغي ألاّ يختص به عمر معين فالأعمار زمن والزمن ملك الله وينتهي متى شاء لا فرق بين طفل وشاب وكهل أو عجوز أوطاعن في السن محتفظ بذاكرته، هي كالصبر فهمت خطأ، فالصبر يعني المطاولة على العمل لهدف أو غاية وليس التحمل للألم أو الظلم أو العجز، كذلك حسن الخاتمة، أن يعان الإنسان ليغادر وهو بمنظومة عقلية ناجحة لان من يُختبر هو المنظومة العقلية.

عندما يقول هذا الدعاء رجل أو امرأة تجاوزا الأربعين أو حتى الثمانين، أتوقف لحظة لأدقق المراد، فالحياة هي الحياة مذ الصرخة الأولى إلى زفرة النفس حين السفر وكل وقت قد يكون الخاتمة، والإنسان مكلف مادام فيه نفس وقلب ينبض.

الجسد يتفاعل مع الزمن لكن النفس لا تكبر أبدا وإنما تبقى شابة إن قبلت بها شابة بقي عطاؤك وهمتك وتفاعلك الإيجابي مع الحياة، ونحن نرى نماذجَمن هذا النوع ما انفكت تتعامل مع مزرعة أو مشغل صغير أو تسافر بمركب شراعي تكون احد من يقوده وعندما تتحدث عن المستقبل تعبر عن الأمل، فالإنسان يفكر كثيرا وتراوده أفكار تثير أحاسيس عنده، بعضها إيجابيوبعضها سلبي، بيد أن الله الذي خلق هذا الإنسان لا يحاسبه على ما يتخيلهوإنما ما يفعله، لهذا كان الحرص على الفعل مهما وكان الاستغفار ممحاة الضعف البشري أمام ضغوط الغرائز السلبية والحمد لما يفعل إيجابيا والشكر لله بالعمل وليس بالكلام والإحسان للناس من الشكر والعطاء من الشكر، والأقدام على الحياة من الشكر أيضا، لم تك السلبية أو الخوف من لحظات السعادة تمثل نجاح المنظومة الآدمية إلا عندما نتصور أننا خلقنا لها وهذا نوع من السقم الذي يقود الإنسان إلى الجحود العملي بل ويظن أن هذا هو الصواب، الصواب أن تستخدم منظومتك العقلية لتفكر كيف تصنع الحياة ولو بابتسامة والقيامة تقوم ازرع الفسيلة وان تتعاون وتتعامل مع الآخرين بإيجابيةمتماهية مع تفكيرهم لتحقق الهدف الصواب.

في جهازنا المعرفي نهتم للشكليات والاستجابة لبعض الانطباعات الخطأ، لن تكون عجوزا إلا إن أردت ولو كان عمرك في زهو الشباب والتوازن النفسيبإضعاف للأمل، وحتما سيكون الأضعاف بدل التحفيز عندما فهمنا أننا ننتظرالنهاية التي قد لا تأتي إلا بضعف عندها سنضعف! هذا معيار الركود في الحياة تثبيط للمشاعر، وحاجة للتجديد وقد تضعف طاقات من النخب فتستسلم للأفكار والمشاعر السلبية التي تضخ في المجتمع، فنجد الإنسان يثبط الطاقة التي وضعها الله فيه ويختبر بمتانتها ليكون سلبيا.

قد يفهم هذا الدعاء عن قناعة بالإنجاز والاكتفاء وفي الجنة أفضل الحال؛ غاية طيبة لكن مستقبلاتها محبطة لهذا هو مؤشر على فشل في المنظومة لأنها لا تتحرك كما صممت للحراك فالكون كله مستقر بالحركة.

زراعة الأمل والبهجة في النفس تنبت أزهارا منها منظرا وعطرا، فان كانت بيئة الإنسان لا تشم رائحتها أو ترى جمالها فالإنسان نفسه يحس بها ويرى ما هو عليه وهذا مُجدي، إن حسن الخاتمة هو أن تكون فاعلا في الحياة متوقدا مؤملا تسعى لتحسين أداء منظومتك العقلية لتنجح في الاختبار، ونفسيتك في الانفتاح والبسطة، فتكون شخصية يرضا عنها الله وليس بالتثبيط والإحساس بالعجز أو الاكتفاء السلبي دون تجديد الحياة.

المفكر عالة في عالم نخب الغوغاء:

حالة الاستسلام بفهم خاطئ للتعامل مع الله، هي نتاج منظومة نفسها تنتج الغوغاء برداء نخب الثقافة، والغوغاء إن أردنا أن نميزهم عن الرعاع، فهم منيحملون شعارا انطباعيا يرتفع صوتهم به، فهم وما يتبعهم من رعاع في التخريب الفكري والمدني لا يبتكرون رايا ولا فكرة، لا تجدهم يطرحون أمرا متكاملا، هم يتمنون السلبية لأنهم يعيشون ويتكلمون ويجادلون بها كقضية بل يصلون إلى مراتب عليا وبرنامجهم بوق السلبية والمظلومية التي تخاطب هوى الجمهور العاجز، فهذه النخب لا تعرف وترفض أن تصدق أنها لا تعرف، لا تقرأ وثقافتها من طقطوقة وجماهيريتها من عجز الجمهور، و ينشط هؤلاء في تسفيهالنخبة المثقفة القليلة في صراع تعيشه هذه النماذج الطاغية على واقعنا حتى مع شبيهاتها عندما يريدون التفوق فهم لا يبحثون عن إنجاز وإنما التسابق في كسب مواقف حرب دونكيشوت فيدفنون الأمل في أناس تحاول جاهدة أن تصنع الحياة، نحن في مأزق تلك النملة التي تتجه شرقا بكل سرعتها في سفينة ضخمة تسير غربا، وتظن أنها ستسبق الجميع وواقعا أنها تمضي في امر ليس من خيارها، تصرخ بصوت عال ثم عندما ترى ما اعتبرته مشكلة يمكن أن يشبع حاجاتها أو غرائزها ستحاول التقرب منه ومنفردة أيضا وكانه بات ملاكا وامل السماء حينما خاطب وهمه ووعده كما وعد كل الواهمين بانه سيتبنى ما تمثله أفكارهم الأنانية من إنقاذ، فهي بانفرادها تفكر كالأعرابيالذي يتصور رحمة الله سخل وليد لا يكفي اكثر من اثنين فيُسقط من يظنه منافسه في وقت عمل المجموعة أسلوب البنائين؛ وهنا تبدأ مشكلة الكم من الرعاع التي تتبع غوغاء النخب التي تمسك بالسلبيات ولا حلول، فيتولد الإحباط وعندما يتكلم المفكر أو المثقف سيواجه برد مريض من انعكاس المشاعر السلبية وليدة الإحباط والفشل، ومما يزيد الطين بلله أن هؤلاء يتقمصون شخصية المثقف الوسطي فيتهمون الوسطية بتعريفها أنها سلوكالتسول في عالم النفاق.