آثارت دعوة المرجعية الدينية العليا النخب الواعية ادراك أهمية العمل على تصحيح العملية السياسية وفق معايير الحكم الرشيد وإنتاج الديمقراطية لإدارة المعرفة وتعظيم انتاجية الفرد العراقي.
ذهب الأكثرية إلى توصيف النخب الواعية لعموم المجتمع بكل شرائحه.. وصنوف الانتماء السياسي.. فيما هذه الأكثرية وان كانت تمتلك صوتها فقط في التحشيد والمناصرة لاهداف التغيير المنشود لاسيما وفق ما ذكر في بيان مكتب السيد السيستاني بعد إستقبال المبعوث الاممي الجديد..
لكن..
هذه الأكثرية لا تمتلك وسائل التغيير المنشود الذي تطالب به المرجعية الدينية العليا.. فلا تمتلك التمويل المالي لتأسيس قنوات فضائية او مواقع تواصل اجتماعي ممول.. ولا تمتلك ذلك التأثير على وقائع العملية السياسية بنظام مفاسد المحاصصة والعمل على تحويلها إلى نظام مواطنة فاعلة.. ولا تمتلك فواعل ردم الفجوة بين قيادات العملية السياسية والأغلبية الصامتة.. بما جعل شرعية الدورات البرلمانية تتمحور عند اقلية منتفعة لا تتجاوز ٢٠٪ من مجموع الذين يحق لهم الاقتراع في صندوق الانتخابات. بما حدد مشروعية نتائج الانتخابات من دون وجود نص قانوني يمنع الموافقة على ظهور برلمان لا يمثل على الاقل ثلثي العراقيين.!!
كل ذلك وربما غيره.. يجعل توصيف تلك النخب الواعية المقصود به في بيان المرجعية الدينية العليا محددا في شخصيات واعية من القيادات السياسية المتصدية للسلطة.
لماذا؟؟
تعد الأحزاب اساس العملية البرلمانية.. من دون وجود هذه الأحزاب. لا يمكن الوصول إلى كراسي مجلس النواب ومنه تسمية الرئاسات الثلاث.. واي مراجعة لمؤتمرات أكبر الأحزاب السياسية وما يترشح عنه من بيانات.. لا تتعدى تدوير شخوص القيادات وذات الاجندات الحزبية.. فكم حزبا عرف منذ عقود حتى قبل ٢٠٠٣ ما زالت له ذات الاجندات وذات القيادات َتدويرهم من مكتب إلى آخر وربما إلى وزارة او موقع برلماني!!
لم نسمع ان ثمة مؤتمر حزبي مارس عملية النقد الموضوعي بمقاصد التغيير التي جاءت في بيان مكتب السيد السيستاني اخيرا.. َلم نشهد اي حزب قد انتخب قيادات جديدة وفق معايير الحكم الرشيد وإنتاج الديمقراطية لإدارة المعرفة وتعظيم انتاجية الفرد العراقي مقابل كل اثام مفاسد المحاصصة والمكونات وتضارب المصالح بين أمراء العوائل السياسية!!
وفق هذا المنظور بات مطلوبا من النخب الواعية في قيادات الأحزاب السياسية المتصدية للسلطة منذ ٢٠٠٣ وحتى اليوم التوقف عند التحذير الاخير في بيان مكتب السيد السيستاني.. والعمل على نموذجين للتنمية السياسية.. هما :
اولا : إعادة صياغة الاجندات الحزبية بقراءة المستقبل القريب العاجل والمتوسط والبعيد بعقل رجال دولة في عراق واحد وطن الجميع.. لتكون الاهداف الانتخابية برامج عمل تشاركية مع جمهور الاغلبية الصامتة.. وتلك مهمة كبرى تتطلب تلك الجهود لردم فجوة الثقة مع الاغلبية الصامتة.
ثانيا :أهمية ان يكون لهذه النخب ممارسة دورهم في النقد البناء الذاتي لمسيرة احزابهم.. هل تماهت مع أهداف التنمية المستدامة لاسيما الهدف ١٦ للسلم الاهلي المجتمعي… وترجمة ذلك في قانوني الأحزاب والانتخابات.. ان يكون فعالا في منع الأحزاب التي لها اجنحة مسلحة المشاركة في الانتخابات.. وان تكون سلطة الدولة في حصر السلاح واحتكار العنف المسلح.. ناهيك عن الكشف عن تمويل الأحزاب لمقراتها وقنواتها الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي. إضافة إلى تمويل الحملات الانتخابية.
حينما تتصدى النخب الواعية في قيادات الأحزاب لمثل هذه المتغيرات وتتفاعل مغها في مؤتمرات حزبية تنتج قيادات جديدة.. واجندات تعمل على مبدأ المواطنة الفاعلة في الانتماء لعراق واحد وطن الجميع.. يمكن تحشيد الاغلبية الصامتة امام صندوق الاقتراع في انتخابات شفافة ونزيهة..
هل يمكن ذلك؟؟
من يروج لمعطبات المرجعية الدينية ويعلم عن مساندة مواقفها ومنها تلك البيانات التي تكاثرت لتاييد بيانها الاخير.. لابد لتلك النخب الواعية ان تبادر لهذا التغيير المنشود.. وتلك فرضية لها فرص وتحديات.. لكن هل ثمة من يبادر؟؟
ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!