23 ديسمبر، 2024 12:09 م

نحيب ” أبناء الشمس” فوق جبل”سنجار”

نحيب ” أبناء الشمس” فوق جبل”سنجار”

أثارت دموع النائبة ” فيان دخيل” التي سكبتها تحت قبّة البرلمان الأسبوع الماضي ، الكثيرين ، خلال قراءتها بيان حول المذبحة التي يتعرّض لها الازيديون على أيدي مسلحي “داعش”  بعد سيطرتهم على قضاء “سنجار”غرب الموصل داعية  المنظمات الدولية ،وجمعيّات  حقوق الانسان والأمم المتحدة لايقاف المجزرة التي يتعرّض لها المكوّن الازيدي بعد أن  قتلت “داعش” الرجال، وروّعت الأطفال، وسبت النساء لتعرضهن للبيع في سوق النخاسة، كما ذكرت  ببيانها ، فهربت  العوائل  لتنجو بجلدها من سيوف”داعش” ، في مشهد لا انساني ،كارثي ، مروع ، ولم يكن هذا الاستهداف الذي جاء من التكفيريين للازيديين الأوّل  ،إذ سبقته جريمة جرت يوم الثلاثاء الموافق 14 من شهر أغسطس   2008 م  حين استهدف تكفيرو القاعدة هذا المكوّن عندما  أرسلوا أربع شاحنات مفخخة إلى قضاء سنجار  يقودها  أربعة انتحاريين، وكانت حصيلة تلك الجريمة   قتل واصابة   حوالي   800 شخص ،  حينها روّج تنظيم القاعدة عبر وسائله إنه أراد معاقبتهم لقتلهم فتاة أزيدية تزوّجت مسلما ، وهي حجّة واهية ، لاتبرر جريمتها التي اقترفتها بانزال عقاب جماعي بمجموعة من المدنيين الآمنين ، وتلك الفعلة الاجراميّة لا تحتاج إلى تبرير ،فهي  تنسجم مع عقيدة” القاعدة “التكفيريّة التي لا تستثني طائفة أو مكوّنا أو ديانة !

وهاهي “داعش” التي انحدرت من رحم أمّها”القاعدة” تعود لتكمل جريمة سلفتها في القضاء نفسه – سنجار -لتستهدف أبناء  الديانة الأزيدية  التي تعود نشأتها  إلى القرن الثاني عشر الميلادي، بل إن البعض يرى إن ديانتهم أقدم من اليهودية والمسيحية والأسلام ،  وترجع أصولهم إلى الآشوريين الذين بنوا حضارتهم في شمال في شمال العراق لكنهم يعتبرون  “عدي بن مسافر” شيخهم لذا يزورون قبره في المناسبات الدينية اعترافا بدوره في ترسيخ عقيدتهم  التي  تؤمن بوجود إله أكبر خالق للكون ، أما  إسمهم، فقد أشتق من اسم كردي يعني «أتباع الله» وتعني كلمة «أزيدا» بالسومرية الروح الخيرة النقية، وهذا رأي أدلى به من يرجع أصولهم الى السومريين ، كما تذكر المراجع ، والبعض أسماهم “اليزيديين”  كالمؤرخ العراقي عبدالرزاق الحسني الذي وضع كتابا عنوانه”اليزيديون” ، ورغم إيمانهم باله الكون  لكنّهم ينظرون إلى إبليس بقدسيّة ، ويسمونه بـ«طاووس ملك» مستندين الى قصة سجود الملائكة لآدم بعد أن فرغ الله من خلقه إلا إبليس وبدلا من أن يلعن كونه عصى أمر الله ,كما جاء في القرآن الكريم ’ يرى الازيديون انه نجح في  في الاختبار بعدم السجود لأحد إلا لله، لذا سمي «طاووس الملائكة»-كما يؤكد شيوخهم ، وقد ذكر القرآن الكريم عصيان ابليس  في أكثر من موضع ، منها سورة “الأعراف ”  بقوله تعالى “ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس لم يكن من الساجدين  قال مامنعك الا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين “وهذا يؤكّد إن عصيان إبليس لأمر الله جاء لا لأنه لايريد السجود الا لله بل لانه استكثر أن يسجد لكائن خلق من طين بينما هو خلق من نار والنار أرقى من الطين كجوهر ،  لذا فهو عاص لأمر الله ومتغطرس كالطاووس الذي اعتبره الازيديون رمزا مقدسا من رموزهم الدينية.

وهذه أمور تتعلق بمعتقدات قوم جبلوا عليها منذ آلاف السنين ، وليس من حق أيّ انسان أن ينصّب نفسا حاكما في أمور  الوحيد الذي يحكم بها هو الله سبحانه وتعالى ، بخاصّة أن ّجميع من عاش مع  الازيديين أكّد إنهم قوم مسالمون  ،وعرف عنهم ميلهم للعزلة، لتجنّب الدخول في صراعات مع الأديان الأخرى ، وربما   للحفاظ على هويتهم ،لذا  تحصنوا في المناطق الجبلية ، وإذاكان يحجّون سنويّا إلى قبر شيخهم “عدي بن مسافر” أواخر سبتمبر من كل عام، فإنّهم يتوجهون في صلواتهم الى الشمس والقمر بإعتبارهما  مصدر التقوى والعطاء لذا يلقّبون”أبناء الشمس” ويصومون ثلاثة أيام فقط وهي ( 13 و 14 و 15 في شهر ديسمبر ) من كل عام ،

 لكنّ الأمر اختلف في العقود الأخيرة بعد دخولهم الجامعات وانخراطهم في الجيش الذي استثناهم من حلق لحاهم تقديرا لطقس من طقوسهم الدينيّة، لكن تلك اللحى الطويلة لم تشفع لهم عند مسلحي”داعش” ، فاطلاق اللحى وحده لا يكفي للنجاة من سيوف التكفيريين، ولم تمنع دموع النائبة “فيان” من النزول مصحوبة ببكاء نقل على الهواء إلى الملايين من متابعي جلسة البرلمان العراقي  على الحال الذي وصل إليه “أبناء الشمس”  !!