حتى لا نتلاعب بمشاعر و عواطف العراقيين و لا ندخل في مناكفات عقيمة او جدال بيزنطي، الدولة ستستمر بوضع الخطط الامنية و تراجعها بخطط اخرى و هكذا دواليك.
يشكك البعض بتلك الخطط و الاجراءات مهما كانت النوايا ان كنت الخطط غير عملية و غير طموحة و أن الحل يكمن في تغيير القادة او ابعاد البعض منهم و وضع اللائمة على هذا المكون او ذاك و يستمر الجدل ، في حين تستمر سيول الدم تجري في شوارع المدن و يحترق البلد و لا يوجد بصيص امل يضع حداً للمأساة مع ان الحل واضح و موجود في العراق و عند الحريصين على استقرار البلد و ليس في اقبية امريكا العلنية و السرية او اروقة بلدان اخرى.
التناقض و التخبط هو الديدن الذي يحيط باجهزة الدولة و مسؤوليها، الامر الذي لا يوحي بوجود اي حل قريب يعيد البسمة و الامل للاهل و الاحبة و لا حتى برأي مقنع.
لا يمكن ان نتصور دور حكومة المالكي فهي تدافع عن سوريا بحجة مواجهة الارهاب لكنها تعلن بذات الوقت انها ضد حزب البعث العربي الاشتراكي فرع سوريا و تقوم بمحاربة البعثيين في العراق و تصدر قانون اجتثاث البعث كحزب و كفكرة لكنها غارقة حد النخاع في البعثيين الذين يشغلون مناصب و مراكز حساسة، فهم قادة عسكر و ضباط تم ادخالهم للكلية العسكرية بتزكية من حزب البعث منذ عام ١٩٦٨ ( خطة تبعيث الجيش ) و هناك اعضاء في البرلمان العراقي و منهم من دخل البرلمان باسم حزب الدعوة ( حزب المالكي) او المجلس الاعلى او الفضيلة او الاحرار ( جماعة الصدر) او القائمة العراقية، و بعضهم يجاهر علناً بمعارضة حكومة المالكي و كل ما تقوم به، يعتقدون ان الغرض منه تشجيع الحكومة على البقاء، لذلك هم يعارضونها.
كما ان هناك مستشارين و خبراء و اعضاء منظمات مجتمع مدني و اخرون يظهرون كخبراء امنيون و محللون سياسيون و استيراتيجيون الخ الخ… اذاً من الباقي الذين طبق عليهم قانون الاجتثاث؟ الموضفون؟ بينما اعيد الاخوة المسفرون و مُنحو امتيازات و اراضي ( و الخير ليكدام).
الحل موجود في يد دولة لها عمر تجاوز العشر سنوات، و ان استعصى عليها فهي اذاً دولة غير كفوئة و غير قادرة لا تستحق الاستمرار و البقاء.
هذه الدولة اتت بتوجه طائفي سواء ابتداءً من الدستور الى البرلمان الى المؤسسات الاخرى و ليس ادلّ على ذلك سوى ما جرى و يجري لمكونات المجتمع الذي قسّمَ كرهاً و فرض فرضاً و من امثلته الاخوه التركمان الذين يطالبون بحصة و يدعون ان عددهم يتجاوز الثلاث ملايين، و الشبك يطالبون ايضاً بحصص و كوتا و يبالغون بعددهم، اما الاخوة المسيحيون فيطالبون بحقهم اضافة الى ريف نينوى و كذلك الازيديون فبعد ان حسموا حصتهم مع الاخوة الاكراد بدأوا الان يطالبون بحصة جديدة كون عددهم يصل الى نصف مليون كما يدعون، و اما الاكراد و مع الاحترام لتواجدهم الجغرافي و العرقي فانهم يطالبون و يبتزون و ليس هناك حدود لمطالبهم ( ياسبحان الله). اما نحن العرب فالى اي مكوّن ننتمي؟
يا اخوتنا في الدولة العراقية.. احتسبونا اقلية و امنحونا حقنا و ارحموا حالنا.
اننا امام محنة، محنة وجود لبلد مهدد فعلاً و الخصوم كثيرون و لهم توجهات كبيرة متفاوته و تجربة سوريا الاسد يجب ان تدرّس بوعي مجرد و بموضوعية خارج نطاق العواطف و الحقد كون ان الجيش العربي السوري استطاع ايقاف اعصار تسونامي الغادر و اوقف الارهاب الدولي مع ان جراحه بدت مرهقة و البعض عندنا بات مرعوباً يحسب الف حساس فيما اذا سقطت دمشق فسوف لن يستطيع بحكومته و اجهزته كلها الصمود لشهر واحد و الاسباب معروفة و المبررات واضحة جداً لمن يمتلك عيون سياسية.
ما هو الحل؟ و كيف السبيل للخروج من المحنة باقل الخسائر. الارهاب كبير و مصمم على اكتساح سوريا و العراق تمهيداً لفرض حل مذل لفلسطين، هذه هي الخطة التي قدرتها دوائر المخابرات الاسرائيلية و العملاء المنفذين لها سواء في الدوحة او اسطنبول او السعودية.
ان الدولة ستلجأ الى مواجهة الارهاب باجراءات قد تكون منها اعادة الصحوات و المخبر السري و لربما تاخذ بتجربة حزب البعث العراقي في الجانب الامني قبل السقوط حيث تم تجنيد جميع اصحاب الحِرَف و المحلات سواء في ازقة المدن او المراكز الاخرى ( مصورين، بقالين… الخ) كما جندت منتسبي حزب البعث كمخبرين خاصة بعد دخول الكويت و هذه الطريقة طبقت حتى خارج العراق ( مذكرة سلطان ١٩٩٩). كما استطاع البعث ان يخترق قيادات احزاب سياسية و تم تجنيدها لصالحة و هذا موضوع يؤشر مأساة العمل السياسي في العراق لتلك الاحزاب.
يقال انه جرت محاولة خجولة لعقد لقاءات بقصد المفاهمة و التفاوض بين الدولة و حزب البعث و كانت محاولة لذر الرماد في العيون و لربما تمت بدفع من المخابرات الامريكية لكنها فشلت، المطلوب الان هو تكرار المحاولة و عدم التهاون و الاستهانة بها او التقليل من اهميتها اذا كان الهدف هو محاولة ابعاد حزب البعث العراقي و المتعاطفين معه عن ( القاعدة و داعش) و هذا يتطلب تجهيز وفود من عناصر معروفة و حريصة على امن و وحدة البلد و توجيه تلك العناصر للالتقاء بالبعثيين و باي مستوى و باي طريقة حيث ان عدم الاكتراث و التهاون او تقليل اهمية الموضوع يعني ان هناك عناصر في اجهزة الدولة لا تريد استقراراً للعراق و معنى ذلك حروب و نكبات قد تطول الى ما لا نهاية.
و لا اطيل.. فالمطلوب اولاً اجراءات اعادة الحقوق و الممتلكات للبعثيين و الغاء قانون اجتثاث البعث و هذا اهم اجراء سيساعد على التقليل من التوتر و من عمليات الاجرام و يحصر العناصر الغريبة و الحاقدة و الطائفيين و من يلعبون بالنار في الزاوية.
ان علينا ان نراجع دائماً ما نطرحة من خطط و ملاحظة حالات التطبيق و نوع الفجوات التي تبرز فلربما مبادرة بسيطة في الميدان تكون اكفئ و افضل من خطط طموحة وضعت و قد تكون الخطط جيدة لكن الزمن قد تجاوزها و ما يصلح في هذه المنطقة قد لا يصلح في تلك المنطقة.
انه مجرد رأي اعتقد ان من الضروري طرحه بقوة و نحن نستذكر عاشوراء و تبرز عوامل التسامح و المصالحة فاهم تلك العوامل التي تمكن الجبهة الداخلية من مواجهة الارهاب و بلدنا ينعم بالهدوء و الاستقرار الذي لم يتحقق له طيلة عشر سنوات.
و سنرى…