22 ديسمبر، 2024 10:45 م

نحو قراءة إلكترونية

نحو قراءة إلكترونية

منذ اول ظهور للمجاميع البشرية على الأرض و هي مميزة بقدرتها على النطق بكثير من الأصوات و بمختلف درجاتها ،و بما أن الإنسان كائن اجتماعي بالطبع فاتخذ من الصوت وسيلة للتواصل بين أفراد مجتمعه فبدأ يقلد بعض أصوات الحيوانات و يتفق على أصوات أخرى لتكون علامة لشيء معين و هكذا نشأت اللغة لأول مرة و مع نمو المجتمع و تطوره تطورت اللغة لتصبح مجموعة حروف معينة تكون كلمات و من ثم جمل يتواصل بها أفراد المجتمع .
و عندما أصبحت هذه الجماعات تشكل مجتمع كبير نسبيا دعت الحاجة لاستحداث وسيلة تواصل جديدة تكون حافظة للمعلومات لمدة أطول و أسهل وصولا لمسافات بعيدة فاخترعت الكتابة_ميزة أخرى للإنسان هي قدرته على القيام بأعمال دقيقة باصابعه_ و كانت بالطبع بداياتها على شكل رسوم او صور ثم تحولت رموز و من ثم تحولت إلى حروف و كل مجموعة سكانية كانت لها لغتها الشفهية و الكتابية الخاصة .
و مع تطور المجتمعات و التقائها مع بعض بالتجارة و الحرب و بعض المصالح الأخرى ، أصبحت الحاجة للكتابة أكبر و كلما ازدادت الكتابة أصبحت الحاجة ضرورية لإيجاد أداة للكتابة أفضل فبعض المجتمعات اختاروا ألواح الطين للكتابة و بعضهم أوراق البردي و من ثم جلد الحيوانات و بالتطور تم اختراع الأقلام و الأوراق بمختلف أشكالها القديمة طبعا .
و لأن المجتمعات أصبحت عملاقة و تربطها مصالح معقدة و نسيجها الاجتماعي و حياتها صارت معقدة بصورة كبيرة فالكل أصبح يحتاج القراءة و الكتابة و الاطلاع فادت الحاجة لاختراع آلة الطباعة في أوربا و انتشارها بالعالم و هذه الآلة سهلت نشر الكتابة بصورة أكبر و أفضل و استمر الحال بتطور آلة الطباعة و اتخاذها أشكال و أنواع تسهل عملية الطبع بأقل تكلفة لضمان نشر المادة المكتوبة لأكبر عدد لضمان وصول الرسالة المرجوة و الفكرة من وراء الكتابة .
أما بالعصر الحاضر و مع تطور الأجهزة الإلكترونية شهدت الكتابة و التعليم تحول مبهر من الورق _الطريقة القديمة _ إلى الأجهزة الإلكترونية _الطريقة الحديثة _ و هذا تطور طبيعي للمجتمعات و الحياة و التقنية التي تمتلكها تلك المجتمعات .
فاليوم شأنا ام أبينا يتجه العالم للنظام الالكتروني بكل نواحي الحياة، مثلا أغلب الدول اليوم تتبنى نظام التعليم الألكتروني حيث كل القراءة الأكاديمية من محاضرات و مصادر و بحوث أصبحت إلكترونية و حتى الامتحانات . (مثلا أنا شخصيا كطالب طب عام و كل قراءتي الأكاديمية من محاضرات و مصادر هي إلكترونية بالكامل و أرى أن هذا الأمر أفضل و أسهل بكثير للوصول للمعلومات المطلوبة ).
و كذلك اليوم نرى انتشار المجلات العالمية العلمية و الأدبية و الدينية و كافة المجالات الأخرى بصورة إلكترونية _ حتى تلك المجلات التي تطبع ورقيا تنشر الكترونيا في نفس الوقت _ .
.
هنا تعترض لنا مجموعة أسئلة نحاول اجابتها :
.
بماذا يتميز النشر الالكتروني عن الورقي ؟
_ الالكتروني اقل تكلفة بكثير من جانب الناشر و القاريء .
_ الالكتروني يصل لعدد كبير من القراء بفترة زمنية بسيطه و لكل شخص يبحث عنه . ( الورقي محدد بعدد نسخ و دار نشر و بلد معين )
_ الالكتروني في بعض الأحيان يكون أوضح كتابة و أكثر ترتيبا من الورق.
_ الالكتروني يبقى محافظ على نفس المعلومة لفترة غير محدودة (في حين الورق ممكن بعد فترة معينة يتلف ببساطه ) .
.
هل النشر الإلكتروني لا يكون مصدر للدخل المادي من التأليف ؟
_ بالطبع لا ، ممكن جدا و هناك مجموعة مواقع مخصصة لهذا الأمر .
.
هل القراءة الإلكترونية تؤذي العيون و تؤدي إلى إضعاف البصر ؟
_ نعم ، و لكن بالنسبة للأشخاص الذين يقرؤون لساعات طويلة في اليوم و حتى لهؤلاء الأفراد تم اختراع جهاز و برنامج يحاكي القراءة الورقية باستخدام الحبر الالكتروني (((( جهاز كندل )))) . و سعر الجهاز بسيط جدا يعادل سعر 15 إلى 20 كتاب نسخة أصلية .. يعني قراءة شهرين لا اكثر .
.
السؤال المهم لماذا نحن الأشخاص اليوم نستمتع بالقراءة الورقية أكثر ؟؟
__ ببساطه لاننا معتادون على القراءة الورقية منذ الطفولة ( في المدرسة الابتدائية أعطونا كتب ورقية ليس آيبادات !) ..
.
لذا نقول أن نقد القراءة الإلكترونية هو نقد مبتذل جدا و في غير محله لان يعتبر تطور طبيعي للحياة الكتابية للإنسان ، كمن ينتقد استبدال جلد الغزال بالورق الصناعي بحجة أن رائحة و ملمس الجلد تعطي متعة خاصة للقراءة ..